-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
12 ألف دينار للكيلوغرام من الصنف الجيّد

بواكير “الترفاس” تدخل السوق بأسعار خيالية

ن. مازري
  • 4630
  • 0
بواكير “الترفاس” تدخل السوق بأسعار خيالية
ح.م

يعرف السوق المركزي بعاصمة الجنوب الغربي بشار، دخول بواكير الكمأ المعروف باسم “الترفاس” عند أهل الصحراء، بكميات قليلة، مقارنة بالسنين الماضية التي عرفت ظهور كميات كبيرة، ساعدت بكثير في استقرار أسعاره التي لم تتعد في تلك الفترة، أربعة، وخمسة آلاف دج، مقابل هذه السنة التي دخلت بأسعار خيالية تعدت 12 ألف دج للكلغ الواحد، من “الترفاس” الأبيض كبير الحجم.
حيث أكد الباعة أو ما يُعرف بصائدي “الترفاس” لـ”الشروق”، أن أصحاب المال، والخليجيين الذين تعودوا عليه، يقبلون على شرائه بأغلى الأسعار، بالنظر لقيمته الغذائية العالية، ونكهته التي لا يمكن وصفها، زيادة على فوائد صحية أخرى، لازال المقبلون على شرائه، يتفننون في تصنيفها، في حين لازال سعر النوع الأقل حجما يتراوح بين ستة آلاف، وأربعة آلاف دج، ليبقى بذلك سعر “الترفاس” كبير الحجم خياليا، بالنظر لنوعيته التي يتهافت عليها أصحاب المال.
تجار “الترفاس” الذين دخلوا السوق المركزي بعاصمة الولاية بشار، وعرضوا حبات “الترفاس” من مختلف الأحجام، فرضوا على الكثير من رواد السوق، وعامة المارة، حتمية التوقف، للتمتع بالنظر إلى أكوام هذه النبتة العجيبة، التي باتت مصدر رزق لعديد الشبان والذين أغلبهم من البطالين، فهم يجدون ضالتهم في التنقل إلى مناطق معروفة، سبق لأمطار الخريف (الخرفية) أن سقطت بها، ومناطق حدودية، وأخرى في عمق الصحراء، لشراء الكميات الأولى التي يلتقطها صائدو الترفاس” بتلك المناطق المذكورة، ليعيدوا بيعه مرة ثانية، ذلك أن الكثير من هؤلاء الشباب الذين تحدثت معهم الشروق اليومي، أكدوا لنا بأن صيد “الترفاس”، يتطلب دراية بطريقة صيده، وتحمل مشقة كبيرة، زيادة عن المشي عدة أيام عبر الصحراء، في برودة قاسية خلال هذا الفصل، بالإضافة إلى تحامل السماسرة الذين باتوا بدورهم، يتفننون بشتى الطرق في شراء كل ما يجمعه صائدو “الترفاس” بالمناطق المذكورة، ومن ثم بيعه لوسطاء بين صائدي “الترفاس”، وتجار بأسعار خيالية، ساعدت بكثير في وصول سعره إلى المواطن البسيط بأسعار، جعلته ينظر لحبات “الترفاس” بكل حسرة، ليظل بذلك “الترفاس”، أو ما يعرف عند العرب قديما، بنبتة الرعد، الأغلى ثمنا بصحراء الجنوب الغربي.
للإشارة، فإن “الترفاس”، سبق ليوفراستوس تلميذ أرسطو أن تحدث عنه قبل 500 عام ق.م، ووصفه بأنه ظاهرة طبيعية، شديدة التعقيد، وواحد من أغرب النباتات، بلا جذر، ولا ساق، ولا ألياف ولا أغصان، ولا براعم، ولا أوراق، ولا أزهار، وله أربعة أنواع، الزبيدي، والخلاسي، والجبي، والهوبرن، زيادة على أن الكمأ، نبتة لا بذور لها، ولا تُسقي، بل لازالت البحوث العلمية تعمل جاهدة للتوصل إلى زراعته، على غرار ملايين النباتات، أو الخضروات التي تحكم فيها العلم الحديث، بل هي قدرة الخالق التي تتراءى في بديع صنعه، وخلقه، بذرتُها كما هو معروف، أمطار يسوقها الله مُزنا إلى أراضي صحراوية، فيُنبت بها نباتا يٌعرف بالرقيق، هذا النبات الذي يُصبح الحاضن لهذه النبتة الإسفنجية، ذات القوة الخارقة التي تفجر الأراضي الصلبة، بل حتى الحجارة، فلا يُمكن لأي نوع من التربة، أن يقف في وجهها، لتظهر على أديم الأرض فيلتقطها صائدو “الترفاس”.
وبالمقابل، يتطلب صيد “الترفاس”، معرفة مسبقة بتلك الأراضي التي سقطت فيها أمطار الخريف، أي أواخر شهر سبتمبر، وشهر أكتوبر، تلك الأمطار التي هي بذور الكمأ، في غالب الأحيان ما تسقط بأراض بعيدة، لا تدخلها السيارات العادية، وأحيانا تكون على مرمى حجر من عاصمة الولاية بشار، فيتسارع الصغير، والكبير، والملم بصيده، والجاهل حتى، لتلك النبتة التي كثيرا ما يمر عليها الإنسان العادي، من دون أن يُحدد مكانها، ذلك أن صيد الكمأ، أو “الترفاس”، يتطلب أوقاتا معروفة، وحدّة البصر، وخبرة في صيده الذي يُعرف بمتعة، تُجبر صائده على قضاء يومه كاملا، وهو يهيم سيرا من دون أن يتفرغ للأكل، أو الشرب، أو يشعر بأنه قطع العشرات من الكيلوميترات، في رحلة نهاية مطافها، متعة التمتع بمناظر طبيعية خلابة، وصدق رسول الله (ص) إذ قال “الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!