-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بين ثابت الرؤية الإسلامية ومتغيرات الواقع

بوقرورة ينفض الغبار عن التجربة الشعرية عند أحمد سحنون

صالح سعودي
  • 862
  • 0
بوقرورة ينفض الغبار عن التجربة الشعرية عند أحمد سحنون

أصدر مؤخرا، الدكتور عمر أحمد بوقرورة كتابا جديدا حول التجربة الشعرية عند أحمد سحنون “بين ثابت الرؤية الإسلامية ومتغيرات الواقع”، وذلك عن دار الأصالة للنشر، حيث غاص في جوهر رؤيته الشعرية التي تبقى حسبه لصيقة بالنسق الإسلامي الذي يتداخل بشكل مباشر مع قناعات وواقع الشاعر.

فضل الدكتور عمر بوقرورة من خلال كتابه الجديد الكشف عن جوهر الرؤية التي تحكم الكتابة الشعرية عند أحمد سحنون، رؤية يرى أنها خاضعة للنسق الإسلامي الذي يتداخل جدلا مع واقع الشاعر، ذلك الواقع الذي أفرزته أزمنة حضارية معقدة حضرت في وطن الشاعر كما حضرت في الأمة العربية والإسلامية جميعها.

وحسب بوقرورة أن آلت ماهية الحضور إلى الخلل الذي بدا واضحا في الكليات الحضارية للأمّة وفي أسباب حياتها الدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والسلوكية، وقال محدثنا إن الشاعر أحمد سحنون يعد أحد الشعراء الجزائريين الإحيائيين الكبار الذين تكشف مضامينهم الشعرية عن خصوصيات إسلامية تشكلت في ظل زمان حضاري ثنائي حرج، أساسه الوطن الجزائري المسلم.

واصفا أحمد سحنون بالشاعر المخضرم الذي عاش أحداث الوطن وأحاديثه وأيامه، عاصره وهو يئن تحت وطأة أبناء فرنسا المستبدين الظالمين، وعاصره وهو ينجز الجهاد الذي قاده الشعب الجزائري المسلم من نوفمبر 1954 إلى جويلية 1962م ثم عاصره وهو يجرب مذاهب ومناهج شتى بعد الاستقلال، مؤكدا أنه يعد الشاعر الذي لا يرى ولا يعي الشعر أصلا إلا برسالة تضمن حضور القصيدة بمضامين ذات نبع حضاري وطني إسلامي.

ويتضمن الكتاب عدة فصول ومضامين، منها حياة الشاعر وآثاره (وافته المنية يوم 8 ديسمبر 2003)، الشعر والتاريخ (الكتابة في الزمن المعقد)، المضمون الشعري بين خصوصية الرؤية وآنية الانفعال، شعره قبل الثورة (بين تجربة الشعر ورسالة الإصلاح)، شعره أثناء الثورة (بين شعر الثورة وحصاد السجن)، شعره بعد الاستقلال (بين حلم الحرية وطغيان المتغير)، موضوعات شعرية أخرى (الطبيعة، الاغتراب، المرثيات).

ويرجع الدكتور اختياره للموضوع الشعري عند أحمد سحنون بالبيْنِيَّةِ المذكورة الخاضعة للرؤية الشعرية في علاقتها بمتغيرات الواقع، فينبع حسب قوله أساسا من ضرورات فنية فرضها شعره الذي تتجلى قيمته بما يحمله من موضوعات ومضامين خاضعة للمتغيرات الحضارية التي سادت الوطن الجزائري قبل الاستقلال وبعده، فالشعر عند أحمد سحنون حسب محدثنا لا يحضر إلا بهذه المضامين التي تأيدت بالرؤية الإسلامية التي غدت رسالة ومنهجا في الكتابة الشعرية لا يمكن تجاوزه، أو تجاهله، أو التفريط فيه، حيث حاول الشاعر أحمد سحنون أن يكتب بالمنهج المذكور مرتين: الأولى قبل الثورة التحريرية حين دعا -في ظل مبادئ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين- إلى إعادة تشكيل الإنسان الجزائري وفقا للوعي الذاتي الممتلئ بقيم الإسلام ومبادئه.

وقد أثمر حسب الدكتور بوقرورة ذلك الجهد حين أنجز هذا الإنسان استقلاله وحريته، وأما المحاولة الثانية فكانت بعد الاستقلال حيث اصطدم الشاعر المصلح بتعقيدات حضارية أفرزها زمن المتغير الحضاري الذي أصاب أسس الثورة نفسها، حين بدأت ملامحها تتعرض -في عرف الشاعر- للخلل الحضاري تدريجيا بعد الاستقلال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!