-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“بِرك الموت” و”زهايمر” المسؤولين!

محمد حمادي
  • 668
  • 3
“بِرك الموت” و”زهايمر” المسؤولين!

المآسي التي يصنعها أطفال في عمر الزهور عبر ولايات الوطن، عبر الرّمي بأجسادهم الهاربة من جحيم الحرّ في البرك والوديان والسّدود لتخرج جثثا هامدة تُؤلم الناظرين، أثبتنا للعالم من خلالها كم هي النّفس الجزائرية رخيصة، وأيّ نفس؟ عندما يتعلٌّق الأمر بالبراءة الحالمة بحياة أفضل، وغد مشرق في بلد يملك كل الإمكانيات لتصدير السعادة لساكنته، لكن في كل مرّة يذيقهم عذابات الشقاء والبؤس، على وقع نوتات الألم، التي حوّلت متعة الاستجمام في المياه الباردة إلى كابوس شيّع أحلام أطفال محرومين من كل شيء إلى مثواهم الأخير، فرسموا أخاديد من الحزن والأسى على محيّا ذويهم، الذين جاءهم بأس الموت بياتا!
لكن لماذا لا نستخلص التجارب من المآسي التي مررنا بها العام الماضي؟ ألم تسقط أرواح عزيزة في الوديان والسدود؟ متى تستفيق ضمائر المسؤولين المحليين؟ لماذا لا نهتم بالطفل الذي هو مشروع طبيب ومهندس وعالم ذرة، إذا ما توافرت له شروط النجاح كان نافعا للبلاد والعباد؟
عيب وعار أن يموت الطفل الجزائري في السدود والبرك والأحواض، لأنه لم يجد مسبحا محترما يُحاكي زرقة البحر، التي حرم منها بسبب عدم امتلاكه مصاريف التنقل إلى المدن الساحلية.
ألا يمكن للبلديات النائية التي تصرف الملايير على الأرصفة لتقتلعها العام الموالي، أن تنجز مسبحا يستقطب أطفال المنطقة بدل أن يلقوا بنفسهم إلى التهلكة في الوديان وأحواض السقي الفلاحي؟ لماذا لا يستثمر رجال المال والأعمال في فضاءات الترفيه بولايات الجنوب وسائر البلديات النائية؟
لماذا لا يولي ولاة الجمهورية أهمية لمثل هذه الأمور التي كانت مصدرا للفوضى والاحتجاج الشعبي في كثير من المرات؟ أم أنّ وظيفتهم مطاردة المنتسبين إلى مهنة المتاعب، الذين فضحوا عجزهم في تسيير الشأن العام؟
وإلا كيف نفسر الضغط الذي يمارسه والي تيارت على الزميل سليمان بودالية مراسل “الشروق”، الذي قطع رزقه لمّا أوقفه من مهنته الأصلية (التعليم) ومنعه من تغطية النشاطات الرسمية بالولاية 14، لا لشيء إلا لأنّه كان في صفّ المواطن؛ ناقلا همومه ومشاكله للجهات المعنية بكلّ احترافية وموضوعية.
أثبتت التجارب أن هدف كثير من المسؤولين في هذه البلاد، هو تلميع صورتهم أمام صنّاع القرار علّهم يظفرون بمناصب أرقى على حساب المواطن البسيط الذي يعاني على كافة الأصعدة.
إنّهم يعانون من “زهايمر” مزمن جعلهم يفقدون الذاكرة، المزدحمة فقط بالمصالح الشخصية وسبل الثراء السريع عبر تقاسم كعكة المشاريع، ولا يلقون بالا للأرواح البريئة التي تسقط في كل مرّة.
للأسف، نحن نغرق في الاحتفالات الكرنفالية كلّما حل اليوم العالمي للطفل، نتباكى على البراءة الضائعة التي افترستها مختلف الآفات الاجتماعية ورمت بها إلى غياهب الانحراف، ونذرف الدموع على التسرّب المدرسي الذي نقلهم من نور العلم إلى ظلمات الجهل، وكان بالإمكان الوقوف إلى جانبهم ومنعهم من الوقوع في مثل هذه المتاهات، وذلك أضعف الإيمان.
لسنا بحاجة إلى هذه الاحتفالات، نحن بحاجة إلى إجراءات ملموسة تحمي البراءة، وتصنع منها شخصيات سوية ناجحة في حياتها، خاصة وأنّنا نعدّ الآلاف من الأطفال ضحية الطلاق والاغتصاب والعنف الجسدي، الذين يحملون عاهات نفسية وجسدية مستديمة، وضعتهم في خانة المختلين عقليا والمضطربين نفسيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ابن الشهيد

    المشكل الوحيد والأوحد في وجود عائلة استعمارية ؟ هل الأستعمار يعمل على التطوير والأزدهار لسكانه ،هل الأستعمار يأمن بالمواطنة والمواطن ،هل الأستعمار لا يفكر في الأستغلال والتسلط والسلب وربح الوقت ،هل الأستعمار يحب من يستعمره ،هل، هل، هل،,,,,,,, هدا هو مشكل الداء الدي أصابنا ولا يمكن التخلص منه لا بالأدوية ولا بالمسكنات ولا بالمضادات الحيوية؟

  • الطيب

    الجواب واضح لا توجد برامج و لا يوجد تسيير لأنه لا توجد كفاءات .جزء من الكفاءات همش لأنه يرفض الأنغماس في الفساد و الجزء الآخر فضل مغادرة البلاد ليفجر طاقاته في الخارج و الأمثلة لا تعد و لا تحصى و في كل التخصصات...
    عندما نتفق أنّ خلل الجزائر هو في الإنسان ذاته يبدأ الحل...يا رجل الجزائر قارة تفيض بالإمكانيات و الأموال و الكفاءات و الثروات ما ظهر منها و ما بطن ...فكيف تكون حالها بهذا الشكل البائس الحزين في كل الأوقات ؟!!!

  • الطيب

    يا أخ محمد اعلم علم اليقين أنّ الأموال موجودة و المساحات الأرضية موجودة لإنجاز هذه المركبات للأطفال و للشباب و في كل البلديات خاصة الجنوبية و الداخلية منها و بإمكانها أن تدر أموالا إضافية للخزينة من خلال أسعار رمزية فقط . و من خلال استقطاب هذه المركبات للأطفال يمكن إنقاذهم من الغرق و من الأمراض التي تفتك بأجسادهم في كل صيف ... لماذا لا يكون هذا !!؟