تحرك جزائري في العمق الإفريقي لإبعاد شبح الحرب

بدأت الجزائر تحركا آخر لإبعاد شبح الحرب في الجارة الجنوبية النيجر، بعد ظهور مؤشرات تدل على مضي دول من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة بـ”الايكواس” لتنفيذ تدخل عسكري، وكذلك الحال من فرنسا التي تحضر نفسها للقيام بعمل حربي كذلك.
وقالت وزارة الخارجية، إن “الوزير أحمد عطاف شرع بداية من الأربعاء، في زيارات عمل إلى كل من نيجيريا والبنين وغانا وذلك بتكليف من رئيس الجمهورية، لإجراء مشاورات مع نظرائه في هذه البلدان التي تنتمي إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”.
وأضاف المصدر ذاته أن هذه المشاورات ستتمحور “حول الأزمة في النيجر وسبل التكفل بها عبر الإسهام في بلورة حل سياسي يجنب هذا البلد والمنطقة بأسرها تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع”.
والدول الثلاث موضوع الزيارة التي تقود مسؤول الدبلوماسية الجزائرية هي من “ايكواس” ومن الدول المتحمسة لتنفيذ عمل عسكري ضد من يسمون الانقلابيين، وإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم، بعكس الثلاثي الرافض للتدخل العسكري وهي مالي وبوركينافاسو وغينيا.
والزيارة التي تقود عطاف إلى دول في مجموعة “ايكواس” هي التحرك الجزائري الأول نحو تلك الدول منذ بداية الأزمة في النيجر، حيث عبَّرت الجزائر سابقا عن مواقفها بدون مواربة وهي رفض العمل العسكري في البلاد، وضرورة العودة للشرعية، وأن الحل الوحيد في البلاد هو الحل السياسي.
ورافعت الجزائر لموقفها خلال زيارة عطاف لواشنطن –كانت مبرمجة قبل الانقلاب على الرئيس بازوم- وخلالها تم التأكيد على التوافق بين البلدين حول الخروج من الأزمة من خلال ثلاثة مبادئ رئيسية، وهي احترام النظام الدستوري والديمقراطي، ووجوب إعادة الرئيس بازوم كرئيس شرعي للنيجر، واستمرار إعطاء الأولوية الدبلوماسية والسياسية لحل النزاع، والأمر نفسه مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى روسيا التي أعلن سفيرها في الجزائر عن دعم بلاده المقاربة الجزائرية.
ورغم معارضة الخيار العسكري الذي تلوح به دول “ايكواس”، لم تقطع الجزائر التواصل مع هذا الفضاء، حيث استقبلت مبعوثا خاصة من رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي ترأس بلاده مجموعة “ايكواس” وأبلغته بمواقفها وهي رفض العمل العسكري وضرورة حل الأزمة بطرق سلمية.
وفي تعليقه على الجولة التي شرع فيها وزير الخارجية أحمد عطاف، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، إدريس عطية “الزيارة المكوكية لعطاف في دول إفريقيا على غرار نيجيريا البنين وغانا تندرج في إطار التحركات الدبلوماسية الجزائرية لحلحلة الأزمة في النيجر، حيث سيتولى الوزير تقديم التصور الجزائري لحل الصراع القائم بين المدنيين والعسكريين”.
ويذكر عطية لـ”الشروق” أن “التصور الجزائري واضح وسليم من منطلق تفعيل الآليات الدبلوماسية في حل الصراعات والحيلولة دون اللجوء إلى العنف الذي أثبتت الأحداث السابقة أن نتائجه غير محمودة على المنطقة برمتها وعلى مستوى غرب إفريقيا وشمالها”.
ويؤكد المتحدث أن هنالك إمكانية للجزائر لإبعاد شبح الحرب في ظل وجود انقسام في المواقف حيال الأزمة بين راغب في العمل العسكري ورافض له، وهذا الأمر، بحسب عطية، قد يساعد في بلورة تصور بين الجميع للعودة إلى صوت العقل وتغليب لغة الحوار وإسقاط خيار التدخلات العسكرية.