تحقيقات مع مسؤولين في شركة “سكيكدة حاويات” للخدمات

تتجه السلطات القضائية في سكيكدة، إلى معالجة ملف فساد جديد، يخص قطاع الموانئ، الذي تعرض في الفترة الأخيرة إلى “اختلالات عميقة”، أدت إلى تطهير كلي للأطراف المباشرة وغيرها في الفساد المالي والإداري، وإعادة النظر في التركيبات المسيرة لموانئ البلاد.
ووفق المعطيات التي حصلت عليها الشروق، فإن الملف الجديد المعروض على نيابة الجمهورية لدى محكمة سكيكدة، يتعلق بواحد من “ملفات الفساد المالي” الذي اشتغلت عليه الفرقة المالية والاقتصادية لأمن ولاية سكيكدة لمدة مطولة، بموجب تعليمة نيابية، صادرة عن وكيل الجمهورية، الذي أوعز للضبطية القضائية بفتح تحقيق في قضية معاملة تجارية على مستوى الشركة الفرعية “سكيكدة حاويات للخدمات”، التي تعتبر فرعا بنسبة 100% للمؤسسة المينائية الأم “ميناء سكيكدة”.
واشتغل المحققون مطولا على شبهات فساد بناء على شكوى رسمية قيدها بتاريخ 25 أبريل 2023، أحد كوادر الشركة الفرعية بخصوص معاملات مشبوهة بين الشركة وأحد المتعاملين الخواص لنقل البضائع.
واعتمدت الجهات الأمنية المحققة، على مراسلات رسمية مشفوعة بتقرير مفصل حول “اختلالات وفساد”، لكون الإطار أو المبلغ عن شبهات فساد، رفض التستر على حيثيات القضية ولجأ إلى القضاء، وفقا لما تضمنته نصوص المواد 20 37 38 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 01/ 06.
وفي التفاصيل، فإن التحقيقات الأمنية في ملف الحال، ارتكزت على تقارير وخبرة مختصة، لتحديد الأضرار الناجمة عن هذه المعاملات غير القانونية، التي أرهقت ميزانية الشركة وسببت لها خسائر مالية في العائدات بقيمة تفوق 1 مليار سنتيم أو بصفة أدق (11.402.822دج) حسب الشكوى المودعة أمام الجهات الرسمية، بينما تعاني الشركة “سكيكدة حاويات للخدمات”، من ضائقة مالية في الأربع سنوات الأخيرة، الأمر الذي دفعها إلى تقليص عدد العمال المتعاقدين.
وفي إطار معالجة ملف الساعة، تم الاستماع التمهيدي إلى كل الفاعلين الرئيسيين في القضية، على غرار المدير العام بالنيابة للشركة، وكذلك رئيس مصلحة النقل، بالإضافة إلى مدير المالية للمؤسسة المينائية لسكيكدة في إطار مهامه كرئيس مجلس الإدارة للشركة الفرعية.
ويتوقع المصدر بعينه، أن يتم عرض محضر الضبطية القضائية على نيابة الجمهورية لدى محكمة سكيكدة، لبدء جلسات البحث القضائي وتحديد المسؤوليات والمتابعة الجزائية في حق الأطراف ذات الصلة بالقضية، إذ يؤشر التحقيق القضائي على الكشف عن “حقائق صادمة” حسب ما أفاد به المصدر نفسه.
وكان الوضع أكثر سخونة في الشركة الفرعية لمؤسسة ميناء سكيكدة، قبل أسبوع، في أعقاب خروج عمال الشركة عن صمتهم بتنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الشركة بالمنطقة الصناعية حمروش حمودي، مطالبين الهيئات الوصية بإيجاد حلول سريعة للشركة من أجل الخروج من الوضعية الصعبة التي تعيشها الشركة للعام الخامس على التوالي.
وفي ظل بروز هذه الحلقة الجديدة في مسلسل الفساد، الذي طفا بقوة في قطاع الموانئ بشكل عام، عاد مطلب إعادة هيكلة مجالس إدارة الموانئ وطاقمها المسير، إلى واجهة الأحداث، أمام ارتفاع أصوات كوادر المركبات المينائية، بمواصلة الهيكلة والتطهير، من أجل إنقاذ هذه المؤسسات العمومية الاقتصادية، التي تعتبر رافعة أساسية لنمو الاقتصاد الوطني ومواكبة التنمية الداخلية والخارجية للبلاد.
تسريع وتيرة محاربة الفساد
معلوم أن النيابة العامة المختصة في ربوع الوطن، فتحت في الفترة الأخيرة، تحقيقاتها في شكاوى مبلغين عن الفساد في موانئ عدة، ما سمح بتسريع وتيرة محاربة الفساد، على غرار استفادة شركات أجنبية مختصة في النقل البحري من إعفاءات ومزايا ضريبية في ميناء مستغانم، وبروز ما سمي بفضيحة الثغرة المالية الكبيرة في ميناء سكيكدة، إضافة إلى شبهات فساد تخص أموال الخدمات الاجتماعية في ثلاثة موانئ تقريبا، وذلك في سياق الإستراتيجية التواصلية الجديدة التي سلكتها النيابة العامة لتسريع وتيرة التفاعل مع المراسلات والشكاوى التي تصل تباعا من مبلغين عن الفساد إلى نيابة الجمهورية في قضايا وملفات الفساد التي تقف عليها، خاصة ما تعلق بالتوظيف غير القانوني، إبرام صفقات عمومية مخالفة لأصول التشريع، استغلال الوظيفة أو استخدام مستندات مزيفة.
ويرتقب أن تشهد الأسابيع المقبلة، ارتفاعا في وتيرة القضايا المتوقع عرضها على النيابة، بعد انتهاء الضبطيات القضائية، أبحاثها وتحرياتها المبدئية في ملفات فساد، تخص مؤسسات مينائية في غرب وشرق البلاد.