-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تحمل عليه يلهث؟ فاتركه يلهث

عمار يزلي
  • 849
  • 0
تحمل عليه يلهث؟ فاتركه يلهث

يستمر الجهاز الإداري السياسي الفرنسي، ممثلا في الداخلية، في محاولة الرعي في مرعى اليمين المتطرف بأطروحاته الاستعمارية عن الجزائر المستقلة، التي تعمل بجهد لاستكمال أوراق قوتها النامية كبلد نام، سيادي، مستقل لا يقبل ابتزازا ولا مساومات في الأمور الندية السيادية.

فرنسا الرسمية، الواقفة على قدم بلا ساق، تخشى من هذا الموقف وهذا الوجود الهش لحكومتها وبرلمانها من السقوط، أمام تصاعد النزعة القومية اليمينية في فرنسا وفي أوروبا بالكامل، من جراء الانحدار الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه أوروبا منذ سنوات غير بعيدة، لاسيما منذ الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا، مما أجبرها على فقدان مصادر الطلب الطاقوي الرخيص لحساب عرض النفط الأمريكي الغالي: معادلة صعبة اختارت فيه أوروبا، لاسيما فرنسا وألمانيا أن تطلق النار على قدميها متحملة العواقب التي تظهر اليوم في شكل تنامي القوى اليمينية التي ترى في الهجرة سببا أساسيا في هذا الوضع.

مغازلة حكومة ماكرون لليمين المتطرف، هي محاولة لسحب ملفات انتخابية قادمة منه، كملف الهجرة، محاولة منها تفكيك العلاقات الجزائرية الفرنسية التقليدية والتي -في ضوئها- صيغ قانون 1968، الذي تعمل على خنقه بعد أن أفرِغ من محتواه عمليا منذ سنوات. لهذا نراها تلجأ وتعود من جديد إلى الابتزاز في ملف الهجرة بعد أن وقفت الجزائر ضد كل الرغبات الفرنسية في الحفاظ على امتيازاتها السابقة أيام حكم العصابة المالية السياسية، إذ كانت فرنسا الرسمية ودولتها العقيمة ودولتها العميقة، تصول و”تصنصل” وتجول وتتصرف كما لو كانت الجزائر جيبها الخلفي.

انتهى كل هذا، وانتهى الحلم وجاء الكابوس: الانكماش والركود والتضخُّم الاقتصادي، المصحوب بالخسارة الفرنسية لمستعمراتها السابقة في إفريقيا وسقوط مدوي لها في أكثر من بلد، وانتهاء بالتصدع الاجتماعي الداخلي، الناجم عن كل هذا، والذي صار حصان طروادة لليمين لكي يحلم بالوصول إلى كرسي الرئاسية بعد أن وصل إلى مشارف البرلمان لولا تحالف اليسار. مع ذلك، فضَّل ماكرون اليميني الوسط، أن يميل إلى اليمين المتطرِّف لا إلى اليسار الذي كان سيعطيه أريحية في البرلمان لو تحالف معه في برنامج يساري أخضر، إلا أنه فضل أن ينحو نحو اليمين المتطرف، لحاجة في نفس اليعاقبة.

الجزائر، لا تزال تتمسك بمواقفها وأوراقها التفاوضية، بلا تهريج كبير، رغم الانفلات الإعلامي الذي تغذيه الآلة الإدارية السياسية، تجاه العلاقات الفرنسية الجزائرية، وبالذات حول ملف الهجرة والجزائريين المقيمين بفرنسا بطرق شرعية أو في طريق التسوية أو حتى من مزدوجي الجنسية.

الجزائر أوضحت موقفها واقترحت طريقة تعامل مع الحالات الواضحة في مسألة الترحيل بناء على تفاهمات سياسية قنصلية، لكن الإدارة الفرنسية فضلت السكوت عنها والدفع بالعلاقات نحو المجهول.

الجزائر تعلم، وباريس أيضا، بأن هذه المناورات هي مناورات انتخابية سياسية محضة، الهدف منها إرضاء جمهور اليمين وامتصاص دم يميني متطرف لتغذية شرايين دم “يمين الوسط”، حتى ولو وصل الأمر إلى حد موقف رسمي حالي بطعم “يمين شبه متطرف”، مادام أنه غير قادر على ليّ يد الجزائر في أي ملف وعلى كل الأصعدة، وكل هذه المحاولات الابتزازية لن تدفع الجزائر نحو العودة إلى ما قبل 2019، ولن تسمح بعودة العصابات التي منحت لفرنسا حق الشفاعة والامتياز التاريخي على حساب خزينة الدولة وسيادتها: لا ملف صنصال ولا ملف الصحراء الغربية، ولا ملف حرية تنقُّل البضائع والأشخاص، قادرة على ليّ يد الجزائر وأرجلها في موقفها المتوثب إلى الأمام بصلابة وعزم راسخين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!