-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تحيا “الشوفينية” و”الشعبوية”!

حسان زهار
  • 1445
  • 7
تحيا “الشوفينية” و”الشعبوية”!
ح.م

إذا كانت الوطنية، ومعاداة فرنسا، قد صارت شوفينية وشعبوية، فلتحيا هذه الشوفينية وتلك الشعبوية، وليسقط عبيد الاستعمار وأولاده.

تعاليق كثيرة سمعناها منزعجة، وأصحابها يتألمون، كأن “خازوقا” كبيرا قد اخترق أجسادهم، بعد بيان وزارة الخارجية غير المسبوق ضد التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، وبعد خطاب وزير الداخلية ضد فرنسا وعملائها في الداخل، ارتأى بعضهم أنها لا تعبر عن مستوى دولة رزينة المواقف، بقدر ما صارت تتحكم فيها كما يقولون نوازع الشعبوية في الخطاب، والشوفينية في المقصد.

والحق، ان القوم مصدومون من أمرين اثنين، لم يكونوا متعودين عليهما.

الأول: نسبة الوطنية غير المعهودة في خطاب السلطة الجديد، ودرجة الإصرار والتحدي الذي بات يميز هذا الخطاب، والذي افتقدناه كجزائريين كثيرا منذ الراحل هواري بومدين.

الثاني: لأن السهام كلها باتت موجهة اإلى أمهم الحنون فرنسا، وأن فرنسا هذه لم تعد بعبعا يخشاه الجميع، وإنما مجرد دولة شبه مارقة، قررت السلطة الجديدة في الجزائر، أن تتصدى لها بالاسم وليس عبر “التورية” أو التلميح.

هذه مشكلة كبيرة بالنسبة للذين تعودوا على الخطابات المائعة، ومعضلة تعني أن العهد الذهبي لفرنسا وأذنابها في الجزائر، بدأ في الأفول، ولذلك نرى كل هذا التكالب على السلطة الجديدة، وعلى المؤسسة العسكرية بالتحديد، عبر عمليات التصعيد في الشارع، والتي تدار جلها من باريس وبروكسل ولندن.

قبل بيان الخارجية وخطاب الداخلية، اشتغل القوم طويلا على خطابات قائد الأركان، وأطلقوا ذات النعوت والأوصاف على محتوياتها جميعا، فلقد كانت برأيهم أيضا، خطابات شوفينية وشعبوية، لأنها وجهت السهام “للعدو التاريخي”، ولم ترحم العصابة التابعة وجدانيا ومصلحيا لفرنسا، ولا أذنابها وأبواقها، وأعلت من قيمة الراية الوطنية التي سقيت بدماء مليون ونصف مليون شهيد، وأكدت على مرافقة الجيش للحراك، وحماية دماء الجزائريين.

كانت تلك كلها معان ومدلولات شوفينية ممجوجة عندهم، وشعبوية لا تخدم مخططاتهم، لأن المخططات تقتضي ليس إسقاط هذا الخطاب الوطني الأصيل وحسب، وإنما إسقاط صاحب الخطاب ذاته، باعتباره العقبة الكأداء أمام تنفيذ مخططات التدمير و”البلقنة” التي يراد تمريرها عبر يافطة المرحلة الانتقالية.

بل إن تهم الشوفينية والشعبوية، لحقت حتى بعض مرشحي الرئاسيات أنفسهم، ممن أعلنوا صراحة أن الجزائر عربية مسلمة، وأن فرنسا الاستعمارية، لم يعد لها من الآن فصاعدا، أن تمارس الوصاية علينا، لأن زمن الوصاية و”الانتداب” قد انتهى.

والحال، أن كل من يُشتم فيه رائحة العروبة والإسلام والوطنية والوحدة الوطنية ورفض التدخل الأجنبي، ومقاومة العقلية “الإلحاقية” لفرنسا والخارج، هو بنظر بعض المرضى، يمارس خطابات شعبوية وشوفينية، يدغدغ بها عواطف الناس، كما لو أن الواجب لكي يكون الانسان واقعيا متزنا، وصاحب رؤية وسداد رأي، ان يمارس خطابا معاكسا تماما، يتزلف فيه أولا لفرنسا، حتى ترضى عنه، ويتخلى فيه عن الثوابت الوطنية، لكي يكون انسانا متفتحا يسير مع روح العصر.

وهو ما يعني بوضوح، أن الصراع الحقيقي في الجزائر، ليس كما يظهر بين انصار الحرية والديمقراطية من جهة، وبين أنصار الشمولية، إنما هو صراع وجود بين الوطنيين الأحرار، وبين القومية والحركى الذين تركتهم فرنسا، فنبتوا واستنبتوا معهم “شرذمة” من الخونة والعملاء، يتألمون من كل خطاب وطني، لأنه يعريهم، ويسخرون حتى من محاكمة العصابة، بكونها شعبوية فارغة، ويحسبون كل صيحة عيلهم، لأنهم العدو، وخدام العدو.. وعلى كل الجزائريين الشرفاء أن يحذروهم.

ولتستمر الخطابات والبيانات التي توجع بهذا الشكل، ومعها المحاكمات والقرارات المؤلمة، وطالما أن الشوفينية والشعبوية لا تعجب فرنسا وأولادها عندنا، فقد أدرجناها ضمن الأخلاق العربية العالية، سنتحلى بها وندعو إليها، كواحدة من أدوات التعذيب الفعالية ضد الخونة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • جزائري

    رائع جدا رائع جدا ...اثلجت بكلامك هذا صدور كل جزاري حر كاره لفرسا واذيالها ....هم العدو وخدام العدو.. وعلى كل الجزائريين الشرفاء أن يحذروهم.

  • جزائري حر

    المشكلة يا سي زهار أن النظام هدا مند 1962 وهو يغني لنا نفس الأغنية لكن في النهاية تبين لنا أنه هو بالدات صديق فرنسا الإستعمارية. أواه بلاك راك مريض بمرض فقدان الداكرة. هل نسيت أم تناسيت أن أغلب الوزراء والمسؤولين هم أصدقاء لفرنسا ويزورونها بإستمرار لكي يتفقدوا مشاريعهم ودويهم هناك. حتى الموت أغلب الجنرالات حين يموتون يموتون في سبيطارات فرنسية.

  • Karim

    الحركى الجدد les neo-harkis لم يعتبروا مما جرى لأسلافهم الذين هاجروا إلى فرنسا غداة استقلال الجزائر، حيث أقاموا لعشرات السنين في مخيمات و«غيتوهات»، لا تستجيب لأدنى شروط الحياة، وعانوا ويلات الفقر والحرمان، وسط عدم اعتراف الحكومات الفرنسية بهم.

  • ياسين

    و هاهي اليد الخفية-رأس الأخطبوط- توقع بياناتها على الجدران باللون الأحمر الذي هو رمز الدم و لكنها لم توقعه هي بل ذكرت اسم -علي بن حاج، زيتوت و غيرهم- لتشحيم المنحدر... ليكون الانزلاق سريعا نحو الهاوية.... و تكرار يوميات الدم و الدموع و الخراب الممنهج بعد الإنقلاب على الشعب سنة 92 بإيعاز من اليد الخفية نفسها و حركت نفس البيادق لتنفيذ العملية القذرة آنذاك و تريد تكرارها اليوم؟ و الأغرب أن يتحالف الضحية مع الجلاد ضد الشرفاء من أبناء هذا الوطن ...فهل يستفيق الشعب لمكر اليد الخفية و خبث أذرعها القديمة الجديدة؟؟؟

  • مامون

    يقول المرحوم بومدين اذا اتخدت الجزائر اي قرار تعارضه فرنيا فأعلم انك على على صواب واذا رضت عنك فأنت على خطء.

  • Ahmed

    "لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21)"

  • عبد الغني بوصنوبرة

    اه ايتها الوطنية كم من جريمة و جناية و خطيئة ارتكبت و ترتكب و سترتكب باسمك في حق الجزائر و الجزائريين