-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تركيا في عين العاصفة

صالح عوض
  • 2261
  • 3
تركيا في عين العاصفة

تقف اسطمبول بمنارات مساجدها قلقة هذه الأيام، وهي تطل على ما يجمع الشقين البحريين الأسيوي والأوروبي عينها على جنوبها الشرقي، ويدها تمتد إلى منطقة تختزن مخلفات عهود الانحطاط والتخلف فيما لا تزال في حلق الغربيين غصة من تاريخ كانت فيه أساطيل الخلافة تتحرك لتأديب خروجهم على طاعتها في دفع الجزية والضرائب، ويبدو أن الغربيين يشعرون هذه الأيام أن مئة عام من إغراق تركيا في العلمانية والتحلل من رابطة الإسلام والانصراف إلى مهمات الأطلسي وقوات الناتو كل ذلك لم يستطع قتل روح تركيا التي تتململ في أكثر من شكل ومضمون فأخذوا بحملة أوصلت الليرة التركية إلى وضع بائس في إشارة إلى هجوم اقتصادي طاغ، وهنا السؤال إلى أي مدى ستصمد تركيا؟
مع أردوغان اختلطت الأمور كثيرا على الكثيرين فهو لم يدعُ إلى إسلامية المنهج وإن كان واضحا في تعاطفه مع الاسلاميين واعتزازه وتمجيده لأسلافه العثمانيين، لم يستطع كسب ودّ الغربيين مع أنه قدَّم بوضوح آيات الالتزام بعلاقات متميزة مع إسرائيل في تنسيق أمني واستراتيجي لم يمنعه من إبداء تعاطفه الصارخ مع غزة والشعب الفلسطيني.
في مرحلة أردوغان أصبحت تركيا منهمكة بالملفات العربية وعادت منفتحة على الشأن العربي، الأمر الذي فسره البعض على أنه تدّخل في الشأن العربي وأنه حنين لعهد السلطنة العثمانية، أيا كان الأمر تحرك أردوغان في محيطه العثماني الأمر الذي منحه مجالا واسعا للتجارة والسياحة التجارية، مما انعكس بالبحبوحة على المجتمع التركي.
هنا لابد من الاشارة إلى الصراع مع الاستعمار الغربي على اعتبار أن إدارته لازالت بيد المستعمرين، وليس مستبعدا أن يكون أردوغان في حالة وعي بأن كل التقدم ومعدلات النمو في الاقتصاد التركي كانت تتم تحت عين الغربيين وأمريكا خصوصا، وأن كسب الوقت مسألة مهمة وهي لا تتأتى إلا بمزيد من إشعار الغربيين لاسيما الأمريكان بيقين العلاقة معه وضرورة الشراكة الاستراتيجية معه، وهنا يمكن الحديث عن تحالفاته وعلاقاته التي تتعرض كثيرا للنقد أو الادانة من قبل البعض.
لم يعد أردوغان كما هو، كثير من العلاقات الأمريكية مطلوبة أو مغرية للأمريكان، فالأمريكان ليسوا مسكونين بصداقات دائمة أو علاقات حميمية أو صلات ثقافية كل ذلك من شأن الاستعمار القديم الذي ولت عهوده بثقافتها الخاصة، ليجيء شكلٌ جديد من الاستعمار لا يؤمن إلا بتكسير الدول وإشاعة الفوضى ونهب ثروات الشعوب وتعزيز تسيّد أمريكا على العالم.. هنا تصبح المواجهة أكثر تعقيدا ويصبح أردوغان يسابق الزمن في معركة تتهدد اقتصاده، فضلا عن مشكلات أمنية وسياسية داخل البلد مع الأكراد والأحزاب العلمانية وجماعة الخدمة المنتشرة في مفاصل المجتمع.
تركيا بما حاولت أن تثبته في الاقليم كلاعب أساس في قضايا لن تستطيع أخذ هذا الدور بمعزل عن رضى الأمريكان إلا إذا توجهت إلى تحالفات أخرى وسياسة أخرى فهل جاء وقت التغيير الاستراتيجي للسياسة التركية؟ تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزائري

    باختصار شديد لم يكن الاسلاميون في يوم من الايام محل ثقة احد في الغرب وقد حدث ما حدث في الجزاىر ولم يسمح لهم بالوصول للحكم. اذن ما الاستثناء في تركيا وبهذه السلاسة. الغرب سمح للاسلاميين بالوصول للسلطة في تركيا لخطف البريق انذاك من النموذج الاسلامي الايراني اللذي كان وقتها يهدد انظمة عربية عميلة مثل مصر والسعودية بثورات شبيهة بثورة ايران. ثانيا في الاصل تركيا تحكم بقوانين علمانية اتاتوركية حتى اليوم وليس فيها غير الاسم اسلامي او بعض الشكليات لان الهدف هو ايران وليس الاسلام حقيقة. الان يبدو ان صلاحية تركيا الاسلامية ولو شكلا قد انتهت لتن ايران مطوقة بعقوبات شديدة لا يمكنها التحرك بشكل مؤثر

  • حيران

    حينما يكون التعاون بين الدول الأسلامية ...حينها لا يجرؤ أحد على مسك....أما رؤساء و ملوك ولا ملك الا الله وحده....يجرون خلف أمريكاو أسرائيل يطلبون ودها لأبقائهم على عروشهم .....واحد يقتل في اليمنيين...و واحد يفرح بالكيكي...و واحد يقتل شعبه بالبراميل المتفجرة.....و و و........حينها لا يمكن لأي أحد أن يواجه....فالكل مشتت....أتفق العرب على أت لا يتفقوا....هذه أكبر كذبة و مقولة على العرب ...بل قل أتفق العنكبوتيون الروطاريون على أن لا يتفقوا

  • الطيب

    الغرب هذه المرة يبدو أنه وجد صعوبة لتكسير البناء الذي انطلق الأتراك في تشييده خارج ما تشتهي نفسه و هذا نتيجة لعامل قوي و مهم جدًا و هو تلاحم القيادة بشعبها لأنّ الغرب لعب في كثير من التجارب على هذا العامل فإما ينحاز مع الحاكم ضد شعبه أو العكس حسب ما تقتضيه مصلحته في تلك الحالة أو الفوضى ...و هذا أيضًا ليس معناه أنّ الغرب فقد الأمل في التكسير بل الغرب يملك أوراقًا أخرى للضغط و التشويش منها الورقة الكردية و البحث عن مبررات شن حصار اقتصادي على تركيا ....الثابت لحد الآن أنّ الغرب غير راض عن تركيا ــ حليفته في الأطلسي !! ــ و لن يتركها ...