تكثيف حملات مطاردة طائر المينا

لا يزال طائر المينا يُثير قلق الهيئات المختصة في حماية البيئة والتنوع النباتي والحيواني، بعدما دخل إلى الجزائر، وبات يشكل تهديداً حقيقياً للمحاصيل الزراعية وصغار الطيور المحلية، لأن “المينا” الدخيل يدخل ضمن قائمة الطيور سريعة التكاثر والمتلفة للمحاصيل الزراعية وسريعة التكيف مع كل بيئة تحط بها رحالها.
كثفت جمعيات حماية وترقية الطيور والناشطين بمجال حماية البيئة والتنوع البيولوجي، وبالتعاون مع مديريات الغابات، خرجاتها وحملاتها التحسيسية لمكافحة طائر المينا، الذي دخل الجزائر مؤخرا، واتخاذ إجراءات مناسبة للحد من انتشاره، خاصة وأنه يعد بحسب المختصين، ثالث أخطر طائر عبر العالم. وحتى الفلاحون دقوا ناقوس الخطر من هذا الطائر، مؤكدين أن المينا لا يقضي على المحاصيل الزراعية فقط، بل يتسبب في فوضى بأنظمة الري، وهو ما أكده المهندس الزراعي، بوشول بولسهول، في تصريح لـ” الشروق” قائلا بأن طائر المينا يشكل تهديدا كبيرا للزراعة، ويؤثر بشكل سلبي على المحاصيل في الحقول.
وكشف محدثنا أن طائر المينا يتغذى على مجموعة من المحاصيل الزراعية، مثل الحبوب والفواكه.. “ويستهدف كل ما هو أخضر ويعتدي على المحاصيل قبل الحصاد، ما يؤثر على الإنتاجية”، على حد قول الخبير الفلاحي، الذي أكد أيضا، أن طائر المينا قد يهاجم حتى شبكات الري، ما يؤدي إلى فوضى في أنظمة السقي، ناهيك عن نقله الأمراض، سواء للمحاصيل أم الحيوان، عن طريق التلوث بالبراز أو من خلال التنقل بين الحقول المختلفة، داعيا الفلاحين إلى ضرورة التبليغ عن أماكن تواجده.
يدخل الجزائر لأول مرة
ومن جهتها، كثّفت جمعيات حماية وترقية الطيور المحلية خرجاتها الميدانية لاستكشاف مواقع انتشار هذا الطائر، الذي بإمكانه التسبب في انقراض الفصائل المحلية المهددة أصلا بالانقراض.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس جمعية هواة الطيور لولاية سطيف، عابد محمد حمزة، في تصريح لـ” الشروق”، أن موطن طائر المينا هو الهند وبعض بلدان آسيا الشرقية أبرزها الصين، وهو لا يعتبر طائرا مهاجرا، لكن بإمكانه الوصول من بلد لآخر عند طريق البواخر، خاصة وأنه يتحمل مشقة السفر. وأردف بأنه لم يسبق أن ظهر طائر المينا في الجزائر، بحسب تأكيد مصالح الغابات وموثقي الحياة البرية، ومؤخرا تم رصده في مصر وليبيا.
ومن أهم طرق مكافحته، استهدافه عن طريق حملات صيد منظمة ومؤطرة مع محافظة الغابات، بالإضافة إلى إطلاق جوارح في المناطق التي يعيش فيها.
يقلد أصوات فرائسه ليصطادها ومنها الغراب
وأضاف مصدرنا أن طائر المينا يتغذى على الطيور الأخرى الصغيرة وحتى الكبيرة، مسببا خللا في التوازن البيئي، ومن غرائب هذا الطائر، بحسب عابد محمد حمزة، أن بإمكانه التكلم وتقليد الأصوات مثل الببغاء وربما أكثر فصاحة من بعض الببغاوات، وكما أنه يقلد أصوات فرائسه كطريقة لصيدها.
ومع انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لجزائريين اصطادوا طائر المينا لغرض التسلية بتقليده للأصوات، دعا محدثنا، المواطنين لعدم المساهمة في تكاثر هذا الطائر، عن طريق تربيته وتكاثره في أقفاص، لأنه خطير على التوازن البيئي، قائلا: “لدينا مسابقة الطيور في الجزائر قريبا، ونتخوف من مشاركة متسابقين يعرضون طائر مينا ناشئا في قفص”.
ينقل السالمونيلا وأنفلونزا الطيور
والخطير في هذا الطائر، أنه لما يحط رحاله بمنطقة، يسعى لطرد والقضاء على جميع الطيور الأخرى المتواجدة بها، حتى الغربان والطيور الأكبر منه حجما. وهو سريع التكاثر بين مرتين إلى ثلاث مرات في السنة، وأكد محدثنا أن جمعيتهم ستنظم خرجات ميدانية دورية مع محافظة الغابات لولاية سطيف.
وبدورها، جمعية ترقية تربية الطيور، التي كانت السباقة في رصد وتوثيق تواجد طائر المينا بالجزائر وبالصور والفيديوهات، يؤكد مكلفها بالإعلام، غريب مصطفى عادل، في تصريح خص به “الشروق”، أن جمعيتهم تعكف حاليا رفقة المديرية العامة لحماية للغابات والحزام الأخضر لولاية الجزائر، على تنظيم خرجات ميدانية لإحصاء أعداد هذا الطائر وتحديد أماكن تواجده، مع نشر التوعية بين المواطنين للإبلاغ عنه على الرقم الأخضر 10.70 أو على صفحة الجمعية بفايسبوكAoa-dz دون صيده “لأن أي محاولة لصيد هذا الطائر، تجعله يهرب إلى منطقة أخرى”.
والمينا، بحسب محدثنا، ليس طائرا موسميا وإنما مستقر ومعشش في البيئات التي يجدها مساعدة له من حيث الطعام، وهو ينتقل لمسافة 20 كلم يوميا بحثا عن أكله.
خطر على الإنسان إذا اختلط مع الدواجن
ويقول غريب مصطفى، إن خطر طائر المينا تحاه المحاصيل الزراعية، من حبوب وفواكه وخضروات، يكمن في مهاجمته لها بأسراب كبيرة تضم الآلاف. كما أنه عدواني تجاه الطيور المحلية التي يتغذى على بيضها وفراخها، ويأكل الزواحف والقوارض واليرقات والحشرات، ويفتش في قمامة المنازل، وهو ناقل لأمراض السالمونيلا وإنفلونزا الطيور، علاوة عن الفطريات، وهو ما يجعله خطرا على الإنسان، وخاصة إذا اختلط المينا مع الدواجن.
وذكر محدثنا بأن طائر المينا بشكل تهديدا لـ” المقنين” المحلي، المهدد أصلا بالانقراض، لأنه يأكل بيضها وفراخها ويستولي على أعشاشها بعد طردها أو قتلها، قائلا: “في جمعيتنا، نسعى للحفاظ على أصناف الطيور المحلية المهددة بالانقراض، بسبب الحرائق والصيد الجائر واستعمال المبيدات الكيميائية”.
وقال المكلف بالإعلام بجمعية ترقية تربية الطيور، بأن أعداد طائر المينا المتواجدة حاليا في الجزائر منخفضة، بعد الاستجابة السريعة للسلطات للحد من انتشاره.