تكريسا للمنجزات..
بعد حملة وصمت، تبدأ الأصوات في التهاطل والتعبير عن الرغبة في التغيير مع الاستمرارية في الإصلاح نحو الأفضل. تلك هي الأماني العامة للكتلة الناخبة، التي قد تكون قد حركت جزءا معتبرا منها، بفعل المناخ العام الذي جرى في الاستعداد والتحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية الثانية في ظل “الجزائر الجديدة”، بعد حراك 2019.
الانتخابات الرئاسية، هي مجرد عنوان ولبنة جديدة على طريق الإصلاح، غير أنها عنوان عريض وعام وشامل لما يمكن أن نسميه “التحدي المتجدد”، نحو تحقيق المبتغى من حراك 2019، وضمان لا عودة لنظام العصابة والأوليغارشية المالية والفساد الأخلاقي والعبث بالمقدرات الوطنية المالية والباطنية والبشرية والثقافية.
لقد أبدت كل الخطابات السياسية في أثناء الحملة، إصرارها على نهج طريق التغيير، كل من خلال منظاره المستقبلي.. لكن الجميع، أجمع على عناصر: الوحدة الوطنية والهوية، السياسة الخارجية، محاربة الفساد، تكريس الديمقراطية وحقوق المواطن في العيش السليم، التطور الاقتصادي تحت سيادة وطنية: خمسة عناصر، داعمة لمواصلة النهج الذي بدأه الرئيس، عبد المجيد تبون، قبل نحو خمس سنوات، ذهب جزء منها للأسف في ظل تبعات وباء كوفيد 19، المحلية والعالمية: ثلاث سنوات فقط في عهدة منقوصة، حقق خلالها المرشح الحر لعهدة ثانية، كل التعهدات الـ 54، رغم الداء والأعداء وكيد الأصدقاء والإخوة الأشقاء.
وهاهي الجزائر تتحرك في كل الاتجاهات، بعد 20 سنة من الجفاف وسنوات عجاف في السياسة الخارجية والفساد الداخلي، الذي ترك ساحة للعبث والنهب. وهاهي الجزائر تعود إلى واجهة العالم على كل الأصعدة والمستويات. وهاهي اليوم من الصين، ترافع لتلاقح الشرق مع الجنوب، مع إفريقيا، المنهوبة المحتلة المنبوذة تاريخيا، بغية تحويل العالم الجنوبي إلى قوة نامية متصاعدة، سيدة غير تابعة، سواء على الصعد السياسية أم الأمنية أم الاقتصادية. وهاهي الجزائر، تشرع في البحث عن شركاء جدد، وتكتلات اقتصادية جديدة، تبعدها عن هيمنة الواحدية الاقتصادية، وتطرق أبواب “البريكس”، عبر بنكها التنموي، وتقبل عضويتها في انتظار توفر الشروط الاقتصادية للدخول عضوا كاملا في التكتل الاقتصادي، الذي يضم 50% من حجم الاقتصاد العالمي. طموح ليس مبالغا فيه، إذا ما اعتبرنا أنه قبل أربع سنوات فقط، لم يكن لدينا اقتصاد بالمرة.. كما كان يقول رئيس الجمهورية كل مرة. لم يكن لدينا اقتصاد بالمعنى الحقيقي، ومازلنا نبحث عن نمو متسارع، يحقق هذه الغاية، التي تسمح لنا بضمان سيادة كاملة، بعيدا عن ضغوطات رأسمال الغرب، وهزاته وتبعاته و”تسييسيه”، كلما بانت بارقة أمل للدول المستضعفة، من أجل الخروج من تحت ربق الاستعمار القديم والحديث.
من أروقة مجلس الأمن المنقسم على نفسه، المتصارع من الداخل بين كتلتين وأكثر، تنبري الجزائر للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، الذي يعيش ويلات الدمار والقتل والجرائم التي يندى لها جبين العالم والإنسانية، أمام مرأى ومسمع “الدول العظمى” الغربية الصانعة لحضارة الإنسان وحقوقه، المتشدقة بالقوانين الدولية والعدالة، والحرية: من أروقة مجلس الأمن، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أروقة الجامعة العربية المستضعفة المنقسمة المتشظية، إلى الاتحاد الإفريقي، كمنظمة مستقبلية، يمكن أن تكون يوما عضوا دائما في مجلس الأمن، إلى مجلس التعاون الإسلامي: حراك ظل مجمدا لأكثر من 20 سنة، هي اليوم الجزائر تحرك المياه الراكدة في الخارج وفي الداخل، من خلال تحقيق توازن مالي، كان على شفا حفرة من الانهيار والسقوط في مستنقع التسعينيات وشروط “الأفامي”، التي تحيل مباشرة على “الهيمنة” تحت شعار “المرافقة”: عناوين لنجاحات لا مجال للتشكيك فيها ولا للمزايدة.