تلاميذ ناقمون على المدرسة.. حملة لاحتواء الظاهرة

رغم التحذيرات والحملات التحسيسية، شهدت العديد من المدارس عبر الوطن ” تمرّد” تلاميذ وإقدامهم على سلوكات تخريبية، من تمزيق الكراريس ورمي مدارسهم بالحجارة وحتى تهديد أساتذتهم، بمجرد إنتهاء السنة الدراسية، في ظاهرة مُؤسفة تستدعي تجنّد مختلف فعاليات المجتمع لمحاربتها، قبل تفاقمها أكثر.
تشابهت السلوكات، سواء بوهران أم الجزائر العاصمة وبولاية عين الدفلى، أين أبى تلاميذ ألّا أن يغادروا مؤسساتهم التربوية دون ترك بصمتهم التخريبية عليها. ففي ولاية وهران انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتلاميذ مُرتدين مآزرهم وهم يرشقون الباب الخارجي لمدرستهم بالحجارة والعصي، وكأنهم خرجوا من مؤسسة عقابية وليس تربوية، والمؤسف تواجد تلميذات بينهن كُن يركلن بدورهن الباب بأرجلهن..!
وفي مدينة خميس مليانة بولاية عين الدفلى، شهدت الشوارع والأزقة المحاذية لبعض المدارس المتوسطة والثانوية، انتشارا كبيرا وتطايرا لأوراق الكراريس التي مزقها أصحابها، بعد مغادرتهم أقسام الدراسة. والسلوكات نفسها رصدناها أمام كثير من المؤسّسات التربوية بالجزائر العاصمة، أين تغطت الساحات والشوارع باللون الأبيض، بسبب أوراق الكراريس المتطايرة في كُل مكان.
وتجنّدت مختلف فعاليات المجتمع، ومنهم جمعية العلماء المسلمين وهيئة تطوير البحث في الصحة “فورام”، لمحاولة السيطرة على هذه الظاهرة “التخريبية” الدخيلة على مجتمعنا.
تنظيم احتفالات نهاية الدراسة تتخللها جوائز وإكراميات
وفي هذا الصدد، أطلقت الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام” مبادرة لمعالجة ما وصفته بسلوك التخريب لدى التلاميذ مع نهاية كل سنة دراسية، تحت شعار “مدرستنا هي بيئتنا، نظافتها مسؤوليتنا”. وقالت “فورام” بأن كثيرا من المدارس وخلال كل نهاية سنة دراسية، وخاصة على مستوى المتوسطات والثانويات، أصبحت تشهد سلوكات تخريب للأثاث المدرسي والكراريس والكتب المدرسية، واعتبرت في بيان لها تحصلت “الشروق” على نسخة منه، بأن هذا السلوك هو “تعبير مبطن للفت الانتباه لحاجياتهم النفسية، أو بسبب تذمرهم من الروتين اليومي والضغوطات النفسية في الأقسام”. وشددت “الفورام” على ضرورة إيجاد حلول لهذه الظاهرة، واقترحت ما سمته مبادرة تربوية لمعالجة سلوك التخريب، بطريقة بيداغوجية “متميزة” يتجنّد لها أعضاء الأسرة التربوية.
إشراك التلميذ في تكريم زملائه وأساتذته
واقترحت ذات الهيئة، برمجة احتفالات رسمية في نهاية السنة الدراسية، يحضرها جميع التلاميذ مع أوليائهم من دون تمييز، بالتنسيق مع جمعيات أولياء التلاميذ، مع دعوة التلاميذ لتحضير الحلويات والمشروبات كل حسب استطاعته، ويمكن اختيار مجموعة من التلاميذ وإعطائهم فرصة المشاركة في تنظيم هذه الحفلات بطريقتهم الخاصة، وكذا دعوة تلاميذ ممثلين عن كل قسم وبالتشاور مع زملائه، لتقديم كلمات شكر وعرفان لأساتذتهم والمسؤولين في المدرسة، عرفانا بما قدّموه من جهود طيلة السنة الدراسية.
واقترحت “الفورام” أن يتخلل هذه الحفلات، دعوة كل التلاميذ لتحضير كلمات ومقولات إيجابية تتحدث عن العلم والدراسة والتربية، واختيار كتب وقصص مسلية لقراءتها للتنفيس عن الضغوط وخلق جو من البهجة والسرور خلال الحفلة.
ومن السلوكات الإيجابية أيضا، التي دعت إليها “فورام” أن يقوم التلاميذ بتقديم جوائز رمزية لأحسن أستاذ يختارونه بالتشاور بينهم، وتكليفهم بتقديم شهادات تكريم لزملائهم بطريقة عشوائية أو بالقرعة، لغرض نشر المحبة والألفة بين التلاميذ، مع تخصيص جائزة أحسن قسم من حيث النظافة، وأحسن تلميذ من حيث الانضباط والسلوك، وأحسن مبادرة ونشاط تربوي أو ثقافي أو علمي. وبعد انتهاء الحفلة من الضروري، بحسب “الفورام”، تنظم حملة لتنظيف المؤسسة التربوية ينخرط فيها التلاميذ والأساتذة والإداريون وحتى الأولياء تحت شعار “مدرستي هي بيتي الثاني”، وفي كل دخول مدرسي يستقبل التلاميذ بالورود والإكراميات يساهم فيها التلاميذ مع أوليائهم.
ومن جهتها، قرّرت جمعية العلماء المسلمين، وعبر بعض فروعها، الانخراط في مبادرة أو عقد شراكة بينها وبين بعض المؤسسات التربوية خاصة المتوسطات والثانويات، بحيث يتم جمع الكتب والكراريس المدرسية التي لا يحتاجها التلاميذ نهاية السنة الدراسية، وتتولى جمعية العلماء المسلمين بيعها لمؤسسات إعادة رسكلة الورق، والأموال المحصلة من هذه العملية تقدم إلى مدراء تلك المؤسسات التربوية لاستعمالها في تأثيث المدارس أو شراء ما ينقصها من أدوات وتجهيزات.