-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تينركوك والغضب المتصاعد في الجنوب

حسين لقرع
  • 697
  • 0
تينركوك والغضب المتصاعد في الجنوب
ح.م

ما حدث في الأيام القليلة الماضية في دائرة تينركوك ولاية أدرار من حرقٍ لمقرّ الدائرة واقتحام مسكن رئيسها، هو بمثابة إنذارٍ آخر يبعثه مواطنونا في الجنوب إلى السلطات العليا في البلاد بضرورة معالجة ملف التشغيل بالشركات البترولية العاملة في المنطقة بشيء من الجدية والصرامة والصدق، بعيدا عن الوعود الزائفة والخطابات الجوفاء والمسكّنات الظرفية التي لا تزيد الوضعَ إلا تأجُّجا…

في البداية نستنكر التعرّض لمسكن رئيس الدائرة واقتحام حرمته وترويع أهله وأطفاله، وهو سلوكٌ مناف لديننا الحنيف وأخلاق الجزائريين… لكنّ هذا الحادث المؤسف يُعدّ في الواقع مؤشرا واضحا على مدى السخط العارم الذي انتاب الشبابَ بفعل استمرار الشركات النفطية العاملة بالمنطقة والمسؤولين في معالجة ملف التشغيل بنوع من الغموض وعدم الجدية، والاكتفاء بإطلاق وعودٍ كاذبة سرعان ما يتنكَّرون لها من غير اكتراث بالعواقب؛ فهم يردِّدون باستمرار، ومنذ إصدار رئيس الحكومة الأسبق عبد المالك سلال تعليمتَه الشهيرة في أفريل 2013، بأنّ الأولوية في التشغيل بحقول النفط هي لسكان الجنوب بالدرجة الأولى، ولاسيما حينما يتعلق الأمر بمناصب بسيطة، ثم نجد الشركات تستقدم عمالا من شمال الوطن، وتترك أبناء الجنوب فريسة للبطالة والإحباط واليأس، ولا يتدخّل المسؤولون لتصحيح الوضع. هل هذا عدل؟

إذا لم يكن ببعض المناطق البترولية بالجنوب مهندسون وتقنيون ذوو مؤهِّلاتٍ عالية تتطلبها بعض الاختصاصات الدقيقة في الشركات النفطية، ويمكن في هذه الحالة توظيف اختصاصيين مؤهَّلين درسوا في معهد المحروقات ببومرداس مثلا، فكيف نبرّر توظيف أعوان حراسة وطباخين وعاملات نظافة وغيرهم من العمال البسطاء من الشمال وترك أبناء الجنوب يتجرّعون الحسرات في حين أن آبار النفط على مرمى حجر منهم؟!

هذه السياسة التهميشية في التوظيف خلّفت الكثير من التوترات والاحتجاجات منذ سنوات عديدة بورقلة والأغواط وأدرار وغيرها… وعوض أن تعالَج بشكل صحيح، أصرّ المسؤولون على اتّباع سياسة النعامة، فتطوّرت الاحتجاجات إلى أعمال شغب وتخريب كما حدث في عدّة مناسبات آخرها في تينركوك، وقد تتطوّر الأحداث إلى الأسوإ مستقبلا إذا لم يبادر المسؤولون إلى معالجتها بشكل ناجع وصحيح.

ينبغي أن نكون صريحين ونقول إن كيل مواطنينا في الجنوب قد طفح من هذه السياسة التمييزية، وهم يتحدّثون بمرارة عن تهميشهم وإقصائهم من العمل في الشركات النفطية العاملة في مناطقهم، مع أنهم أولى بالعمل فيها ومن غير المعقول أن يُمنح الاحتكارُ لأبناء الشمال للعمل فيها على حسابهم.. هذه السياسة التشغيلية التمييزية تُضعِف روابط الأخوّة والتضامن بين الجزائريين وتثير حساسياتٍ ونعرات هم في غنى عنها، وينبغي أن تنتهي قريبا.

يجب أن لا يُشغل الحراك وتداعياتُه المستمرة، الحكومة عن معالجة عن الوضعية الخطيرة ووضع حدّ للاختلالات القائمة في هذا الملف منذ الاستقلال إلى الآن، الوظائف البسيطة يجب أن تكون من نصيب شبابنا بالجنوب، كما ينبغي فتح العديد من معاهد التكوين في شتى اختصاصات الصناعة النفطية بكل مدن الجنوب لتكوين إطارات مؤهّلة للعمل في مختلف الاختصاصات من أبناء المنطقة. وبمعنى آخر، لا مناص من وضع حدّ للسياسة التمييزية في التكوين والتوظيف بالشركات النفطية إذا أردنا معالجة هذه المشكلة من جذورها بعدلٍ وإنصاف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!