-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الطاهر العرابي نائب عام مساعد بمجلس قضاء العاصمة لـ "الشروق":

ثورة قانونية لتحقيق العدالة الاجتماعية في الجزائر

نوارة باشوش
  • 3588
  • 1
ثورة قانونية لتحقيق العدالة الاجتماعية في الجزائر
ح.م
الطاهر العرابي نائب عام مساعد بمجلس قضاء العاصمة

شهد القضاء الجزائري في السنوات الأخيرة ثورة حقيقية لإعلاء مبادئ “العدالة الاجتماعية” وتحقيق المساواة وعدم التمييز وتكافؤ الفرص بين الجزائريين، حيث وثقت ميلاد ترسانة ضخمة من القوانين الجديدة وأحدثت ثورة في النصوص التشريعية، أراد من خلالها مسؤولو الجهاز التنفيذي ضمان حقوق المواطنين وبسط الأمن والأمان لهم.
ممثل وزارة العدل، النائب العام المساعد لدى مجلس قضاء الجزائر، الطاهر العرابي، في لقاء مع “الشروق”، بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الموافق لـ20 فيفري من كل سنة، تطرق إلى أجندة الوزارة في سعيها لتحقيق “العدالة الاجتماعية” للمواطن الجزائري، من خلال الوقوف على مضامين دستور 2020، واستحداث محاكم متنقلة في الجنوب وأقصى الجنوب الجزائري، لضمان “حق التقاضي” وكذا الإجراءات المتخذة من طرف الوزارة لحماية حقوق المرأة والطفل وذوي الحقوق والهمم، وسن ترسانة من القوانين لردع المتلاعبين بـ”قوت الجزائريين”، وتشديد العقوبات على المعتدين على مستخدمي الصحة وعصابات الأحياء، إلى جانب استحداث أقطاب متخصصة بهدف الانتقال إلى قضاء متخصص للتحكم في الشق الإجرائي والموضوعي بصورة دقيقة ومحاكم تجارية متخصصة من شأنها أيضا دفع عجلة الاقتصاد الجزائري إلى الأمام، ناهيك عن إدخال التكنولوجيات الحديثة على جميع مصالح وزارة العدل وربط الشبكة المعلوماتية بين مختلف الجهات القضائية والتسيير المعلوماتي للملفات واستخراج الوثائق في الحين بدون عناء التنقل وعبء المصاريف.
وقال النائب العام المساعد العرابي، ممثلا عن وزارة العدل، في لقائه مع “الشروق” بمقر مجلس قضاء الجزائر، إن “وزارة العدل ومن خلال الحديث عن العدالة الاجتماعية بمفهومها القضائي، فهي تعتبر أحد الفاعلين في تحقيق هذه النظم الاجتماعية المتمثلة في المساواة بين جميع أفراد المجتمع والتوزيع العادل للفرص والحقوق والامتيازات، وتزامنا مع اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية المصادف لـ20 فيفري من كل سنة، فإن القضاء الجزائري حقق نتائج جد إيجابية وقطع أشواطا كبيرة في هذا المجال، وثّق من خلالها ميلاد ترسانة ضخمة من مشاريع القوانين الجديدة وثورة في النصوص التشريعية صب مجملها في خدمة الوطن والمواطن”.
وقدم النائب العام من خلال الخوض في تفاصيل الدور الفعال الذي لعبته وزارة العدل في بسط الحق وتحقيق المساواة بكل ما تحمله من معان، قائلا “بالنسبة للجانب التشريعي، فإن الدستور الصادر سنة 2020 كرّس استقلالية القضاء بمفهوم أن التسيير البشري لجهاز العدالة أصبح خاضعا لجهاز مستقل هو المجلس الأعلى للقضاء، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان ما هو سبب إثارة هذه النقطة بالضبط؟ وبطبيعة الحال فإن ذلك يعود إلى لجوء المواطن إلى عدالة مستقلة تضمن حقوقه كما يلزمها القانون بمنأى عن أي تدخلات أو تحيّزات”.

أقطاب جديدة لعدالة متخصصة
وحفاظا على حقوق المواطن التي كرسها الدستور وكل القوانين يقول ـ ممثل وزارة العدل ـ فإن “الدستور كرّس المساواة بين جميع المواطنين أمام القضاء من دون مراعاة العرق أو الجنس أو المستوى الاقتصادي والاجتماعي للشخص، وفي هذا الإطار، فإن التشريع ضمن حماية قانونية للمواطن الجزائري ليعيش في كنف الاستقرار وذلك بإنشاء محاكم جزائية متخصصة ومدنية مختصة، على غرار القطب الجزائي الاقتصادي والمالي المختص في مكافحة جرائم الفساد الكبرى، وكذا القطب المختص في مكافحة الجرائم المعلوماتية، وكذا المحاكم الإدارية الاستئنافية وغيرها، مقابل استحداث محاكم تجارية متخصصة مؤخرا تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية، القاضي الأول للبلاد، التي تكفل تخصصا أكثر للفصل في القضايا المطروحة من طرف المواطنين، خاصة التجار والمستثمرين ربحا للوقت.
وأضاف النائب العام المساعد “هذه المحاكم التجارية المتخصصة وفي خضم التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده الجزائر، ستساهم في دفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، كما ستدعم حركية الاستثمار والتجارة وتعزيز الضمانات التي أقرتها الدولة في قانون الاستثمار الجديد مع تكريس الأمن القضائي المطلوب في مجال تحسين مناخ الأعمال والتجارة في البلاد”، مما سيتيح حرية أكثر للمستثمرين ليكونوا تحت غطاء “عدالة متخصصة”.

محاكم متنقلة.. إرادة قوية لتقريب المواطن من عدالته
وفي إطار الإرادة القوية في تقريب المواطن من عدالته، أقرت وزارة العدل حسب النائب العام المساعد العرابي إجراءات جديدة تمّكن المواطن في الجنوب وأقصى الجنوب الجزائري من “حق التقاضي”، حيث أدرجت نظام الجلسات المتنقلة، من خلال تنقل القاضي إلى هذه المناطق البعيدة على غرار أدرار، تيميمون، برج باجي مختار، عين أمناس، جانت، إليزي، حاسي مسعود، للنظر والفصل في القضايا وتحقيق عدالة أكثر.
وبالمقابل يقول المسؤول القضائي، فإن وزارة العدل كانت من القطاعات السباقة لرقمنة قطاعها، فقد وضعت نظاما معلوماتيا يكفل تسيير الملف القضائي لجميع المتقاضين بدون تفرقة بين جميع المواطنين مهما كانت مناصبهم أو مكانتهم، فالكل سواسية عند القضاء الجزائري، كما تم وضع عدة خدمات إلكترونية على مستوى البوابة الإلكترونية المتواجدة على مستوى الموقع الرسمي لوزارة العدل، لاسيما النيابة الإلكترونية، التي تسمح للمواطن بإيداع أو تحرير شكوى وإرسالها إلى أي نيابة، سواء تعلق الأمر بنيابة الجمهورية أو النيابة العامة عبر كامل التراب الوطني في اي وقت أو في أي يوم من أيام الأسبوع من دون عناء التنقل إلى أي جهة قضائية وبدون تكبد المصاريف.
النائب العام وخلال تواجدنا في مكتبه، استظهر لنا نموذج شكوى أودعها أحد المواطنين ليتم التكفل بها فورا من خلال توجيهها إلى الجهة القضائية المختصة إقليميا مع توجيه تعليمات صارمة بالتكفل بها في الحين مع الرد على المعني بالأمر بأن طلبه أخذ بعين الاعتبار وهو بصدد المعالجة.
الأمر لم يتوقف عند تقييد أو ايداع شكوى عبر البوابة الإلكترونية لوزارة العدل، بل أن الأمر، يقول العرابي، شمل خدمات إلكترونية أخرى، مثل الحصول على صحيفة السوابق العدلية وشهادة الجنسية “ووفقا لقاعدة تكافؤ الفرص، أصبح المواطن لا تفوته فرصة نقص أي وثيقة في تشكيل ملفه، باعتبار أنه يمكنه في أي وقت من الأوقات أو أي يوم من أيام الأسبوع الحصول عليها من دون التنقل إلى الجهة القضائية، بالإضافة إلى تخصيص شباك إلكتروني يقوم من خلاله المواطن باستخراج حكم قضائي من أي جهة قضائية قريبة من مقر سكناه”.

المرأة والطفل وذوي الحقوق.. حقوق لا تضيع
وعرّج ممثل الحق العام على الأجندة القضائية في تحقيق العدالة الاجتماعية لبعض الفئات المصنفة في خانة “الضعفاء”، على شاكلة المرأة والطفل وذوي الحقوق والهمم.
وقال “بالنسبة للمرأة، فقد تم استحداث صندوق النفقة الذي يتكفل بدفع النفقة في حالة رفض المكلف بها سواء كليا أو جزئيا، أو عدم قدرته على الدفع أو عدم العثور عليه، وتقوم الدولة عن طريق هذا الصندوق بدفع مبالغ النفقة مع التمسك بحقها في الرجوع عليه بعد ذلك، كما جرّم القانون التعدي على المرأة أو إهمالها أو الاعتداء عليها من طرف زوجها أو طليقها”.
أما بالنسبة للأطفال “فقد تم تجريم التسول بالقصر وحمايته من كل سوء معاملة أو استغلالهم جنسيا أو الاعتداء عليهم لفظيا ومعنويا، وحدد سن الرشد بـ18 سنة كاملة، والطفل الذي هو أقل من 13 سنة لا توقع عليه إلا تدابير الحماية والتهذيب، أما الطفل الذي يتراوح عمره بين 13 و18 سنة فتطبق عليه تدابير التهذيب والتوبيخ، كما أن توقيفه للنظر لا يتجاوز 24 ساعة، وربطت هذه المدة بالجنح التي تشكل مساسا بالنظام العام فقط والتي يعاقب عليها بعقوبة 5 سنوات”.
أما فيما يتعلق بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، أوضح النائب العام المساعد أن حقوقهم مضمونة، قائلا “وزارة العدل كانت من القطاعات السباقة في التكفل بهذه الفئة سواء بإنشاء ممرات خاصة على مستوى جميع الجهات القضائية على المستوى الوطني أو تخصيص شبابيك لاستقبالهم، كما تم تكليف موظفين للتكفل بانشغالاتهم لاسيما فئة الصم والبكم والمكفوفين على مستوى أي جهة قضائية، حيث يوجد موظف يتقن لغة الإشارة ووضع أجهزة للطباعة عن طريق لغة البرايم”.

حرب ضد عصابات الأحياء ولصوص قوت الجزائريين
وعاد ممثل وزارة العدل إلى الوضع الصحي الذي عاشته الجزائر والعالم أجمع بسبب جائحة كورونا، قائلا “لا يخفى الأمر على العام والخاص ما عاشته الجزائر جراء وباء كورونا وما تعرض له مستخدمو قطاع الصحة في المستشفيات والمراكز الصحية، الأمر الذي أدى إلى فرض سياسة عقابية بموجب قانون 20/01 الذي جرم كل إهانة أو تعد على مستخدمي والمؤسسات الصحية وخصص لها إجراءات سريعة وعقوبات صارمة لكل مخالف”.
وبالمقابل وفي إطار الضرب بيد من حديد ضد كل من تسوّل له نفسه التلاعب بقوت الجزائريين، فإن وزارة العدل، يقول النائب العام المساعد الطاهر العرابي، كانت بالمرصاد للمضاربة والمضاربين وفرضت عليهم خناقا بفضل السياسة القضائية التي حققت نتائج جد مشجعة في ضبط سوق الأسعار ومحاربة الندرة، وهو الأمر الذي لعب دورا هاما في الحفاظ على القدرة الشرائية، كما أن النيابات العامة والجمهورية تعمل بتنسيق دائم مع المصالح الأمنية من أجل القضاء على جرائم المخدرات، حيث تم اقتراح تعديل قانون المخدرات لسد الثغرات التي كانت فيه.
وختم ممثل وزارة العدل بسياسة الدولة الرامية إلى بسط الأمن والأمان للمواطنين والقضاء على “حرب الزعامة” في الأحياء والتي أخذت منعرجا خطيرا في السنوات الأخيرة، قائلا “ومن أجل بسط الأمن في أوساط الأحياء السكنية لجأت وزارة العدل إلى إتباع سياسة عقابية صارمة أسفرت عن صدور قانون 20/03 المتعلق بعصابات الأحياء الذي حققت من خلال تطبيقه نتائج جد إيجابية في ضبط النظام الإجتماعي”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حكيم

    الجريمة اصبحة اكثر انتشار