جامعيون ينهضون بقطاع الصيدلة في الجزائر

فاجأ شباب جامعيون حاملون لبراءة اختراع وأفكار مبتكرة المصنعين والخبراء بنوعية المشاريع الجديدة التي عرضت الخميس خلال الطبعة الأولى “تحديات الصيدلة للاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة”، التي تضمنت مختلف جوانب التصنيع والتسويقي ناهيك عن القيمة المضافة لها في المجال السوسيو اقتصادي والصناعي.
وخلال اللقاء المنظم بفندق “غولدن توليب” بالعاصمة وحضره وزير المؤسسات الناشئة ومصنعون محليون في مجال الصيدلة وكذا خبراء وأساتذة جامعيون ومدراء مراكز بحث، حاول الشباب الجامعيون إقناع المصنعين ولجنة التحكيم بأهمية مشاريعهم من أجل الظفر بمرافقة ودعم لتجسيدها على أرض الواقع.
مشاريع مبتكرة واعدة تبحث عن الدعم
ومن المشاريع التي تم عرضها ما تقدمت به زهرة بوشخو، طالبة دكتوراه في السنة الثانية بجامعة سعد دحلب بالبليدة بمخبر الهندسة الكيميائية، ضمن مشروع بالتعاون مع أستاذتها آمال حجزية يتمثل في ملصقات طبية على أساس الكركم وهي تستعمل ضد الالتهابات العضلية والمفصلية والابتكار يتمثل في طريقة تناول هذه المادة التي ستأخذ عن طريق الجلد لرفع نسبة امتصاصها وذلك باستخدام نظام “نانو جال” أقل من مسامات الجلد، حيث يستفيد منها الجسم بأكبر قدر، وقالت زهرة بوشخو أن الطريقة التقليدية في استهلاك الكركم ضمن أقراص أو كبسولات يستفيد منها الجسم بـ10 بالمائة فقط بينما هذه الطريقة ترفع الاستفادة إلى 80 بالمائة.
وقالت بوشوخو: “هذا أول ابتكار ينصح به للجميع، أطفال ومسنون وهي بديل طبيعي لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية”.
بدورها، الدكتورة زروقي خيرة أستاذة باحثة في جامعة الشلف يتمثل مشروعها في تحضير مكمل غذائي بالتمر والمستخلصات الطبيعية يحسن الأداء والذاكرة وأعراض مرض الزهايمر.. في شكل سائل ويمكن تصنيعه لاحقا في شكل كبسولات، يخص الأطفال البالغين الذي يسعون إلى رفع تركيز معارفهم، واختارت الباحثة هذه الفكرة من منطلق الانتشار الكبير لأمراض الزهايمر والشكاوى المتكررة للآباء بخصوص تراجع تركيز الأبناء خاصة المتمدرسين، والمكمل في العادة لدى المواطنين أسهل للاقتناء من الدواء الذي يجب أن يوصف من قبل الطبيب، وبفضل فتح الأبواب مع المصنعين في إطار المؤسسات الناشئة يمكن تجسيده وحدد له سعر 900دج هو سعر مدروس بشكل جيد، بحسبها، لجميع الفئات ابتداء من سن الخامسة.
أمّا إيمان عزوني، أستاذة باحثة في كلية طب الأسنان بتلمسان فعرضت مرهما فمويا لعلاج التهابات الفم خاصة لمن يضعون أطقم الأسنان الاصطناعية ويعانون من التهابات متكررة والمرهم عبارة عن دواء طبيعي من الزيوت الأساسية بالنظر إلى أن الجزائريين يحبون كثيرا التداوي بالأعشاب.
وعبرت عزوني عن أملها في أن “يحظى المشروع بالدعم لتجسيده فنحن الجامعيون نمتلك الخبرة والمعرفة العلمية ونبحث عن التسويق مع المصنعين”. وقالت أيضا: “هو منتج مبتكر أول من نوعه موجه للفئات البالغة تم الحصول على براءة اختراع والفكرة كانت موجودة ضمن أطروحة دكتوراه أردنا تجسيده ميدانيا.”
إيمان بن خليفة هي الأخرى صيدلانية مقاولة في سطيف مختصة في الكواشف المخبرية تقول: “الفكرة جاءتني انطلاقا من حيرة أطبائنا الذين يعدون زبائن لدينا الذين يتساءلون عن تقنيات جديدة للتفريق بين سبب ألم الحلق إن كان ناتجا عن فيروس أو بكتيريا؟ وعليه نحدد وصف المضاد الحيوي أولا، وبالتالي، تفادي الوصف المفرط لهذا الدواء الذي سيخلق لاحقا مقاومة للمضادات الحيوية وقد يؤدي إلى الوفاة”.
وأضافت: “الكاشف المخبري تعمم في الدول المتطورة، ووقفنا خلال خرجاتنا على أن الكاشف أثبت فعاليته، وهذا الكاشف يقدم نتائج فورية يمكن للطبيب استخدامه في عيادته وتزداد أهمية المنتج استنادا إلى توقعات منظمة الصحة العالمية التي صنفت مقاومة المضادات الحيوية كأول قاتل للأشخاص في العالم بحلول “2050.
وحدد سعر الكاشف للتسويق بين 200 و250 دج، حيث أعربت بن خليفة عن أمها في أن يكون معوضا لكي لا يكون تكلفة إضافية عند الطبيب مشيرة إلى أنه يستعمل للأطفال والحوامل يشبه كثيرا تحليل المضادات الجينية الذي استخدم في جائحة كورونا.
وليد قادري، شاب جزائري ينشط في مجال المؤسسة الناشئة مختص في التسويق الرقمي خاصة الصيدلة صاحب منصة رقمية صيدلانية للبيع المباشر للمنتجات شبه الصيدلانية تقدم بمشروع منصة رقمية للإعلام بين المخابر الصيدلانية والصيدليات، وهي قناة إعلام بين المتعاملين في الصيدلة.
يقول قادري: “استطعنا عبر المنصة الأولى إثبات أنفسنا وان القطاع الصيدلاني متفتح على الرقمنة، وهو ما شجعنا على إطلاق منصة أخرى نأمل الحصول على دعم لها من أجل تعميمها عبر كامل الوطن وتكون لها فائدة للصيدلي والمصنع لتشارك ونشر المعلومة التجارية أو العلمية، فالرقمنة تعد تحديا في الجزائر ونحن نرفعه فالجزائريون تعودوا على النظام الورقي لكنهم إن شاء الله سيتعودون على الرقمنة أيضا”.
مصنّعون وخبراء يثنون على الكفاءة الجامعية الجزائرية
أجمع الخبراء والمصنعون على المستوى العالي للمشاريع المعروضة وعلى المؤهلات التي يحوزها الجامعيون الجزائريون الذين يمتلكون المعرفة والابتكار، وهو ما يفتح الآفاق أمامهم، كما أثبتت المناقشة في تفاصيل العروض عن تحكّم كبير في المشروع بكافة تفاصيله العلمية والتسويقية.
وعبّر البروفيسور عبد الحميد جكون مدير مركز البحث في العلوم الصيدلانية عن افتخاره بهذه التظاهرة التي جندت العديد من حاملي البحوث لعرض مشاريعهم واقتحام عالم المقاولاتية، وستساهم حسبه هذه المبادرة في خلق ثقافة البحث والمقاولاتية وتثمين نتائج البحث العلمي التي جمعت زبدة الباحثين، وأضاف: “نأمل أن البحوث ستتوج بإنتاج مؤسساتي وتخدم الصحة بكل جوانبها.”
وفي السياق ذاته، قالت منصورية الهادية المديرة الفرعية بالمديرية العامة للصيدلة بوزارة الصحة إنّ “المبادرة تشجع البحث في مجال الصحة وتربط بين الجامعة والصناعة وتسمح بتحديد المشاريع الهامة والمفيدة التي تصب في خدمة المريض الجزائري، خاصة مع ما شاهدناه من عرض لمشاريع ابتكرت حلولا لمشاكل صحية، مع تحسين التسيير في إطار الرقمنة وعصرنة التسيير”.
وقال عبد الواحد كرار رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة إنّ المبادرة ترمي إلى تقريب عالم الجامعة من عالم الصناعة بعد ما لاحظ الجميع أنها عالمان لا يلتقيان والمبادرة الأولى تندرج في إطار إرادة السلطات العمومية من أجل تشجيع المؤسسات الناشئة والابتكار، وأكد أن المبادرة انطلقت في أوت من العام الماضي اختارت لجنة التحكيم 10 مشاريع من بين 30 مشروعا كان مرشحا وهي تمثل مختلف ولايات الوطن وفي كل التخصصات التي لها علاقة بالصحة والصيدلة، ووصف المتحدث: “المشاريع ذات مستوى عالي جدا بعضها مبتكر لأول مرة في الجزائر”.
بدوره، أفاد عبد الكريم كعباش المدير العام للشركة الصيدلانية “حكمة” وعضو المكتب الوطني على مستوى الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة أن “المبادرة تهدف لمدّ الجسور بين الجامعة والصناعة لتجسيد الأفكار والبحوث، وقد أزاحت الغطاء عن مشاريع كبيرة خاصة أنّ الصناعة الدوائية اليوم ترتكز على البحث والابتكار وهو ما يجعلنا نسعى إلى تحقيق بعضها على أرض الواقع”.
ويرى سفيان عشير المدير العام لمخابر “الكندي” بأنّ المبادرة الأولى من نوعها تهدف “لتشجيع مشاريع شباب يبحثون عن السند وهي مبادرة جيدة جدا تشجع الشباب على التوجه إلى المقاولاتية في إطار تنويع الاقتصاد وهي أفكار رائعة فاجأت الجميع لجدية الشباب الذين ذهبوا في العمق في أبحاثهم رغم إمكانياتهم البسيطة”.
رشيد كرار، المدير العام لمخبر “بيكر”، قال إنه تفاجأ واندهش لمستوى الجامعيين الجزائريين والمؤهلات التي يحوزونها والأفكار التي يقدمونها في أبحاثهم وأطروحاتهم الجامعية، وهو ما يجعلها حقا انطلاقة حقيقية للصناعة الوطنية. وقال: “نتمنى تكرار المبادرة مستقبلا في كثير من المجالات والجوانب الصناعية ونأمل من المصنعين تشجيع مثل هذه المشاريع الواعدة”.