جزائريون بين فرحة العيد واستذكار الأحبة والمفقودين

فرحة العيد.. شعور جميل يغمر الصغير والكبير، فهو مناسبة للمة العائلية وللزيارات بين الأقارب والأحباب، يلعب فيه الأطفال ويتباهون بملابس جديدة، ويفرح الكبار لجزاء الله عن الصيام، ولكن، في غمرة هذا التفاعل، هناك من يعيشون الحزن، ويقعون تحت فاجعة” الموت”، خاصة أن حوادث المرور، باتت تحصد الأرواح تزامنا مع الأعياد، حيث يكون الكثير من السائقين متأثرين بالصيام ومنهكين بسبب اضطرابات النوم.. هذه الوقائع المؤلمة باتت تثير المخاوف، وتملأ صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات الحزن والرثاء والحسرة، إلى درجة أن الأعياد أضحت محطة لاسترجاع ذكريات من ماتوا من الأهل، لاسيما إذا تعلق الأمر بالوالدين..
وبحسب رئيس مكتب التنسيق المروري بالقيادة العامة للدرك الوطني، الرائد سمير بوشحيط، في تصريحه لوسائل الإعلام، فإن حصيلة ضحايا المرور خلال الـ15 يوما الأولى لرمضان، بلغت 104 وفاة وإصابة 448 شخص بجروح متفاوتة الخطورة، فهذه الأرقام من الموتى قد تؤدي إلى اتساع مساحة الحزن بين العائلات تزامنا وعيد الفطر.
وعشية عيد الفطر لرمضان 2023، أبدع شباب في ترجمة آلامهم وحزنهم لغياب الأحبة في يوم عيد!.. وتحولت صفحات التعازي، إلى معلقات لخواطر ورثاء ومساحات لفتح الجروح، ورسم الحزن بعبارات الصدق بعضها تقول” بغياب الأحبة تخلو كل الأماكن الممتلئة”، “ليس هناك بهجة للعيد والفرح بغياب الأحبة”، و”فقدناك يا أمي يوم العيد”.
ولم يقتصر هذا الرثاء والبكاء الفايسبوكي على أشخاص عاديون أو البسطاء والفقراء، بل إن الكثير من الشخصيات والقادة السياسيين، والفنانين.. الرجال والنساء، عبروا عن ذلك الحزن العميق لفقدان الوالدين أو أحدهما يوم العيد.
مواقع التواصل فرصة لتفريغ الهموم
وفي هذا السياق، قالت الباحثة في علم الاجتماع، الدكتورة ثريا التيجاني، لـ”الشروق”، إن منصات التواصل الاجتماعي، فرصة لتفريغ الهموم، وإن المناسبات كثيرا ما تكون محطة أو وقفة مع الذات، ويكون الأحبة خاصة الوالدين، هم أكثر الناس الذين نبحث عنهم لتقسم معهم فرحة العيد أو المناسبات.
وأوضحت، أن الحزن الداخلي، وذلك الشعور الذي يقفز إلى نفوس الأشخاص مع المناسبات والتواصل الاجتماعي، وعودة الأفراد إلى العش العائلي والأسري، يعبر عنه أصحابه عبر “الفايسبوك” أو “التويتر”، وأحيانا عبر “اليوتوب”، بحثا عما يقاسمهم همهم، ويخفف عنهم أثقال الحزن، من جهة، ومن جهة أخرى للشعور أن هناك من هم مثلهم أو أسوأ منهم وضعا، حيث تكون التعاليق والمشاركة في التواصل وسيلة للتقليل من وطأة الحزن.
وأكدت، التيجاني، أن العيد هو فرح وسرور وتواصل اجتماعي، وهي وقفات تحتاج إليها النفوس لتستريح من عناء الحياة، كما أن الأعياد، حسبها، ضرورة اجتماعية، تعزز وحدة المجتمع.
وقالت إن وجود الوسائط الرقمية، ساعد في هروب بعض الفئات التي تعاني الوحدة، أو غياب الأعزاء والوالدين الذين يقاسمونهم الفرحة، إليها بحثا عن فئات مثلهم، ويحاول، حسبها، كل من يشعر بالحزن، أن يصل إلى مشاعر وقلوب وأحاسيس الآخرين وأن يؤثر فيهم.
فاقدو الأهل والوالدين وكبار السن.. بحاجة إلى السلام النفسي
وفي ذات السياق، أكد الدكتور مسعود بن حليمة، المختص في علم النفس، أن هناك فئات تعيش الهشاشة النفسية يومي العيد، وهي محتاجة بالضرورة، إلى التواصل مع الآخرين، موضحا أن إغلاق نوافذ الاتصال معهم وزيارتهم قد تضاعف معاناتهم النفسية.
وقال بن حليمة، إن الأعياد كونها محطات للمة العائلية وزيارة الأقارب والأحبة، والفرح والسعادة بتواجد من نحبهم، خاصة الوالدين، فإن غياب هؤلاء الآخرين، وفقدانهم يؤدي إلى فقدان مناعة نفسية وعقلية في هذه الأعياد، فالاستئناس يكون من خلال اللجوء إلى التواصل عبر “الفايسبوك”، لتفريغ الحزن والبحث عمن يشعرون بنفس شعورهم ومن يعيشون نفس وضعهم.
وأشار الدكتور مسعود بن حليمة، إلى أن انقطاع الزيارات في زمن الوسائط الاجتماعية، أسهم في دخول فئات هشة نفسيا ومعنويا، في دوامة الحزن في عز العيد، حيث يكون كبار السن من ضحايا انقطاع العلاقات وتراجع الزيارات بين الأقارب والأهل، فبعضهم لا يعرفون استعمال التكنولوجيا لكي يتواصلوا مع الآخرين إلكترونيا.
ويبقى، بحسب بن حليمة، “الفايسبوك” كأفضل مساحة ليخفف من يعيشون الحزن يوم العيد، وطأة آلامهم من خلال ما يعبرون، وما ينشرون، وخاصة في تواجد أشخاص يشاركونهم ويقاسمونهم الأحزان، وهي طريقة جيدة للعلاج النفسي والخروج من الاكتئاب والانطواء.