جزائريون يتنافسون على تكريم المتفوقين في شهادة التعليم المتوسط

لا تزال أصداء النجاح في الامتحانات الرسمية تصنع صورا ومشاهد استثنائية في عدد من ولايات الوطن، حيث تجاوزت فرحة النجاح حدود ومحيط العائلة والأقارب، ليتقاسمها الجزائريون جمعيا مع هؤلاء خاصة منهم النوابغ والمتفوقين بمعدلات ممتازة، وتحول تكريمهم إلى طقس اجتماعي وتضامني اعترافا بمجهوداتهم، خاصة أولئك الذين انتزعوا النجاح من رحم المعاناة.
ويثبت الجزائريون أن قيم التضامن لا تزال متجذرة في أعماق المجتمع، خاصة حين يتعلق الأمر بتكريم أهل العلم والنوابغ من التلاميذ المتفوقين الذين نجحوا رغم قساوة الظروف الاجتماعية التي كانوا يدرسون بها، حيث توالت المبادرات مباشرة بعد إعلان النتائج الخاصة بشهادة التعليم المتوسط، من ولاية إلى أخرى، واشتد التنافس على تشجيع هؤلاء وتكريما لهم ولعائلاتهم، ومن بين التلاميذ الذين خطفوا الأنظار عبر مواقع التواصل ناصري الناصر من ولاية البيض، حيث حصل على معدل 18 في شهادة التعليم المتوسط، رغم أنه نشأ وسط الفقر المدقع في بيت قصديري، وتحول ناصر إلى مثال للنجاح والإرادة، وطالب الكثير منهم الجهات المعنية، والمحسنين، بدعمه وتمكينه من سكن لائق ومتابعة دراسته في ظروف إنسانية تليق بتفوقه.
هدايا رمزية من المواطنين للمتفوقين بمختلف الولايات
وفي ولاية بومرداس، احتضنت غابة زموري احتفالا خاصا بـ 100 يتيم متفوق من الأطوار التعليمية الثلاثة، في مبادرة نظمها نادي غيث اليتيم بالتنسيق مع جمعية أمل الجزائر، وبحسب ما كشفه عضو بالجمعية “غيث اليتيم” لـ”الشروق”، فقد جاء الاحتفال تتويجا لمجهودات التلاميذ الذين واجهوا ظروفهم بقلوب قوية، وأكدوا أن اليتم أو الفقر لا يمكن أن يكونا عائقا أمام العلم والطموح وتحقيق النجاح، حيث تم بالمناسبة توزيع هدايا وشهادات تقدير، مع تكريم خاص لبعض الشخصيات الداعمة لأنشطة الجمعيتين.
وأضاف محدثنا أن تكريم النوابغ من أبناء الفئات الهشة والأيتام هي بمثابة واجب أخلاقي، لأنهم نجحوا في وقت كان من الممكن أن يستدرجوا فيه نحو الضياع، قائلا إن هؤلاء يستحقون المرافقة والدعم والتشجيع، ولفت المتحدث إلى ضرورة جعل هذه المبادرات “سنة حميدة”، تهدف إلى دعم النوابغ من خلال منح دراسية، توجيه أكاديمي، توفير السكن، وضمان فرص عمل مستقبلية، خاصة لأولئك القادمين من بيئات فقيرة ومعوزة.
وفي سياق متصل، بادر عدد من التجار وأصحاب العلامات التجارية، خاصة في ولايات مثل البويرة وسطيف، إلى تكريم المتفوقين في ولاياتهم، من خلال تقديم أجهزة إلكترونية، ملابس، وجلسات تجميل مجانية للفتيات وحتى دعوات لأفخم المطاعم، خصصت للمتفوقين ممن تحصلوا على أعلى المعدلات غير أن البعض أشار إلى أن هذه المبادرات رغم طابعها الإيجابي، قد تستغل أحيانا من قبل بعض العلامات لأغراض إشهارية.