جزائريون “يقدمون” العيد على رمضان!

تشهد محلات بيع ألبسة الأطفال، هذه الأيام، إقبالا كبيرا من طرف العائلات الجزائرية، تحسبا لعيد الفطر. وهي الظاهرة التي تتكرر كل عام، رغم تطمينات وزارة التجارة بوفرة الألبسة واستقرار الأسعار، غير أن شريحة من الأولياء يفضلون شراء ألبسة العيد مبكرا، قبل حلول رمضان، تفاديا للزحمة، ومنهم من يسعى للتفرغ للعبادة خلال الشهر الفضيل، وتفادي الأسواق والاكتظاظ، في حين يخشى آخرون من الندرة وارتفاع الأسعار بسبب الطلب الكبير على الألبسة عشية العيد..
شراء ألبسة العيد، قبل حلول شهر رمضان، عادة متجددة وسط شريحة واسعة من الجزائريين، فرضتها العديد من الظروف الاستثنائية، خلال السنوات الماضية، بسبب الندرة وتفاوت الأسعار، لكن خلال العامين الأخيرين وبعد دخول الألبسة المحلية المنافسة بقوة، شهدت الأسواق نوعا من الوفرة والاستقرار في الأسعار، ما جعل التجار يتنافسون في إطلاق عروض ترويجية مغرية عبر مواقع التواصل وهو ما زاد من إقبال الأولياء على الشراء اغتناما لهذه العروض، خاصة وأن أغلب التجار يعرضون خدمة التوصيل إلى 58 ولاية.
أولياء يفضلون شراء هذا النوع من الألبسة
وللوقوف على العملية، قصدت الشروق أشهر سوق لبيع ألبسة الأطفال في البليدة، “بن يمينة” ببلدية أولاد يعيش، الذي يحتوي على عدد كبير من المراكز التجارية الخاصة ببيع ألبسة الأطفال، ناهيك عن المحلات المصطفة التي تتنافس على عرض منتجاتها عبر واجهات زجاجية حديثة تسر الناظرين، وتحول هذا السوق إلى قبلة مفضلة للأولياء، خاصة وأن أغلب التجار الناشطين في هذا السوق يملكون واجهات إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعلهم يستقبلون زبائن من مختلف الولايات المجاورة.
وبالنسبة لأكثر الألبسة التي يقبل عليها الأولياء، تأتي الأطقم المكون من ثلاث قطع في المقدمة، وهذا بسبب التخفيضات التي تميز هذا النوع من الملابس التي يتراوح سعرها ما بين 3500 إلى 6000 دج بحسب النوعية، كما أنها توفر على الأولياء عناء التنقل لشراء كل قطعة على حدة.
الشروق، تحدثت مع بعض الأولياء في هذا السوق، الذين أكدوا أن الملابس متوفرة وبأسعار تنافسية، خاصة مع الحملات الترويجية التي أطلقها التجار على مواقع التواصل، حيث أكد أحد الآباء أنه قصد المحل بعدما روج صاحبه لبيع أطقم ملابس خاصة بالأطفال الذكور ما بين 3 و12 سنة، بأسعار مغرية جدا، لا تتجاوز 5000 دج لثلاث قطع، وهي ” سروال وقميص ومعطف خفيف “فيستا”. وأضاف أنه أب لثلاثة أطفال ذكور، قرر شراء هذه الأطقم مقابل 15000 دج مع تخصيص6000 دج لشراء أحذية رياضية، وهذا ما كلفه هذا العام 21000 دج، وهو، بحسبه، سعر معقول والأمر أفضل من العام الماضي حين كلفته ملابس العيد لأطفاله الثلاثة 32000 دج لأنه كان لا يهتم كثيرا بالعروض الترويجية التي كانت تعرض على مواقع التواصل..
وإذا كانت ملابس الذكور في المتناول، فإن المشكل، بحسب الأولياء، يكمن في ملابس البنات التي تعتبر الأغلى سعرا، خاصة وأن عيد الفطر يتزامن مع فصل الربيع، حين تتباين درجات الحرارة، ما يتطلب ألبسة تتكون على الأقل من ثلاث أو أربع قطع، غير أن العروض الترويجية التي أطلقها التجار ساهمت في استقرار الأسعار نوعا ما، حيث تراوحت أطقم ملابس البنات ما بين 4000 و8000 دج، والمشكل بحسب أحد الآباء، أن ابنته تبلغ من العمر 14 سنة، وهو يبحث لها عن ألبسة “مستورة” وغير ملفتة للأنظار، وهو ما صعب عليه عملية البحث، خاصة وأن بنته لا تحب لبس “السراويل”، ما يجعلها تفضل فساتين بألوان فاتحة، وهو ما لم يعثر عليه في العديد من المحلات..
تجار يعترفون.. التكنولوجيا أنقذتنا
وفي حديثنا مع بعض أصحاب المحلات، أكدوا أن التجارة قبل شهر من اليوم، شهدت كسادا كبيرا، لقلة الزبائن، ما جعلهم يركزون على النشاط عبر مواقع التواصل باستعمال مختلف تقنيات الترويج التي تعتمد على الفيديوهات القصيرة والمؤثرات السمعية البصرية، وهذا ما جعلهم يستقطبون زبائن من مختلف الولايات المجاورة، وجعل محلاتهم عامرة خاصة مع اقتراب شهر رمضان، حين فضل الكثير من الأولياء، بحسبهم، التفرغ من شراء ألبسة العيد لأطفالهم وعدم ترك الأمر للأيام الأخيرة لرمضان، مخافة الندرة والاكتظاظ وارتفاع الأسعار، وهو ما أكده لنا أحد الأولياء الذي قال إنه يفضل اغتنام رمضان للعبادة، وهو يعزم على عدم تفويت صلاة التراويح، ما جعله يشتري ألبسة الأطفال مبكرا لأطفاله وتفادي “الأخطاء” التي كان ارتكبها السنوات الماضية، حين كان يتيه خلال العشر الأواخر في الأسواق في ليالي رمضان لشراء الملابس وحرم نفسه من أجر الصلاة والقيام..