-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تحديات وتجارب للابتعاد عن إدمان الهواتف والهوس بالشاشات

جزائريون يكتشفون جمال الحياة بعيدا عن ضجيج المواقع

مريم زكري
  • 2260
  • 0
جزائريون يكتشفون جمال الحياة بعيدا عن ضجيج المواقع
ح.م
تعبيرية

مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في حياتنا اليومية، ظهرت مؤخرا في الجزائر مبادرات فردية وجماعية تدعوا إلى الابتعاد عن الهواتف الذكية لفترة محددة، الخطوة ليست مجرد محاولة للتخلص من الإدمان الرقمي، بل تجربة تهدف إلى إعادة اكتشاف جمال الحياة بعيدا عن الشاشات، كما أن هذه التجربة الصحية بدأت في الانتشار مؤخرا بين أصحاب الصفحات الكبرى، وصناع المحتوى الرقمي من أجل الابتعاد عن الضغط وضوضاء المواقع وتحولت إلى مسابقة وتحديات جماعية.
تجربة الابتعاد عن الاستخدام المفرط للهاتف في الجزائر هي مبادرة تعكس وعيا متزايدا بأهمية إعادة التوازن لحياتنا في عصر يتسم بالسرعة والتشتت الرقمي، بينما يستمر تأثير التكنولوجيا في التغلغل داخل دواليب حياتنا اليومية، وتشكل هذه التجارب بداية لتعزيز هذا التوازن، فالأيام دون هاتف ليست فقط تجربة شخصية، بل رسالة تذكير بأهمية استعادة التواصل الإنساني المباشر والحقيقي، وتتمثل العزلة الرقمية أو ما يعرف بـ”الصيام الإلكتروني” المتقطع، في الانقطاع لفترات معينة واستثمار الساعات الطويلة التي تنقضي أمام الهاتف في ممارسة نشاطات أخرى مفيدة، على غرار الانخراط في برامج لممارسة الرياضة، الأكل الصحي، المشي وتسلق الجبال، الرحلات السياحية، التطوّع وغيرها من الأعمال التي تزيد الجسم قوة بدنية وراحة نفسية.

شباب يتحدّون التكنولوجيا…
ورغم صعوبة المهمة في التخلي عن الهاتف لفترة طويلة، يحاول العديد من الأشخاص القيام بتجربة فريدة في الابتعاد ومحاولة التأقلم بعيدا عن المواقع الافتراضية، وهي التجارب التي تمكن أصحابها من اكتشاف روعة الحياة في الواقع، وهو ما يؤكده صانع المحتوى خالد حمزي، في تصريحه لـ” الشروق”، بعدما قرر اتخاذ فترة من العزلة الدورية عن وسائل التواصل الاجتماعي كجزء من روتينه للحفاظ على التوازن النفسي والابتعاد عن ضغوط العالم الافتراضي، وأوضح أن هذه الخطوة لا تعني حظر أو حذف أي شخص، بل تهدف إلى استراحة مؤقتة من التفاعلات اليومية والضجيج الرقمي الذي أصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة العصرية، مؤكدا أن التواصل الافتراضي ليس بديلا حقيقيا عن العلاقات الواقعية، رغم أن العلاقات عبر الإنترنت تبدو وكأنها تواصل حقيقي، إلا أنها مجرد فقاعة افتراضية، فعند انقطاع الإنترنت تشعر فجأة بالوحدة والفراغ، على حد تعبير المتحدث.

تجارب ملهمة للحفاظ على الصحة النفسية
وكشف محدثنا عن التحدي الذي قام به، قائلا إن العزلة الرقمية تجربة ملهمة لإعادة الاتصال بالواقع والحفاظ على الصحة النفسية، التي استفاد منها شخصيا عن طريق أصدقاء له خارج وداخل الوطن نجحوا في ذلك أيضا، مردفا أن هذه التجربة أفادته كثيرا، إذ قام بشطب حسابه مؤقتا والانطلاق في تجارب واقعية كالتجول في الجبال أو القيام برحلات مع أصدقائه، معتبرا الاندماج مع البشر والبحث عن علاقات حقيقية بدلا من العلاقات السطحية أو الوهمية هو أفضل بكثير من البقاء عالقا في الشبكات الاجتماعية.
وأضاف حمزي أن الإفراط في استخدام مواقع التواصل، له أضرار عقلية ونفسية جسيمة، مثل التسبب في الاكتئاب والضغط والقلق، وردا على الاعتقاد السائد بأن صانعي المحتوى يقضون جلّ وقتهم على الإنترنت، أوضح محدثنا أنه يعمل بجدول زمني محدد لتجنب الإدمان الرقمي، وقال إن عمله كصانع محتوى يتطلب الظهور على الإنترنت لفترات محدودة، إذ يخصص وقتا للتفاعل مع المتابعين مرتين في الأسبوع فقط، والقيام بتصوير مقاطع الفيديو الخاصة بالمحتوى السياحي كل ثلاثة أيام، أما باقي الوقت يخصص للواقع والتجارب الحقيقية.

فرصة للتأمل الذاتي وتجديد النشاط
وأشار خالد وهو صاحب محتوى سياحي بالمواقع الافتراضية إلى أن هذا القرار ينبع من قناعته بأن العزلة الرقمية المؤقتة تمنح فرصة للتأمل الذاتي وتجديد النشاط بعيدا عن تشتيت الانتباه الذي تسببه الإشعارات المستمرة والمحتوى المتدفق، وأضاف هذه العزلة ليست انقطاعا دائما، بل عملية دورية تساعد على إعادة شحن الطاقة النفسية والذهنية، بما ينعكس إيجابيا على الإنتاجية والتواصل الحقيقي مع المحيط الاجتماعي.
كما دعا متابعيه إلى تجربة هذا الأسلوب بشكل دوري، مشددا على أن التوازن بين العالم الافتراضي والواقع ضرورة في زمن تهيمن فيه التكنولوجيا على كل تفاصيل حياتنا، وأردف قائلا إن هذه المبادرة قد تكون فرصة للتخلص من التوتر الرقمي وممارسة حياة طبيعية أكثر هدوءا وتركيزا.

الاستعانة بمختصين للعودة تدريجيا إلى الحياة الواقعية
بالمقابل، يشدد خبراء علم الاجتماع على أهمية هذه المبادرات في بناء وعي جماعي حول مخاطر الإدمان الرقمي، ويقترح البعض أن تُدعم هذه الجهود من خلال تنظيم فعاليات وطنية أو إدراج حملات توعوية في المدارس والجامعات والاستعانة بمختصين للاستشارة والتوجيه في كيفية التأقلم التدريجي، وفي السياق أشار المختص النفساني حسام زرمان إلى مخاطر الإفراط في استخدام المواقع وتأثيرها السلبي على الصحة النفسية والعقلية، وصرّح زرمان بأن الإدمان الإلكتروني قد يؤدي إلى أضرار على مستوى الدماغ، إذ وصف ما يحدث بـ”تعفن الدماغ”، خاصة لدى المراهقين وهو مصطلح يعكس الانحدار في القدرات العقلية والاجتماعية بسبب الإدمان على الاتصال الرقمي.
وأكد زرمان أن هذه الظاهرة تسبب مشاكل كبيرة، أبرزها تراجع القدرات المعرفية، وصعوبة التعلم، وضعف الأداء النفسي والعاطفي خاصة بعد محاولة التخلي والابتعاد عنها.
كما أشار إلى تأثيراتها السلبية على العين والضغط العصبي والتركيز، مما يجعلها خطرا يستوجب المكافحة، وأوضح زرمان أن العزل بعد هذا الإدمان قد يتسبب في ضعف المردودية ويؤدي إلى حالة من الانفصال عن الواقع، وهو ما يتسبب في صعوبات التأقلم مع الحياة الحقيقية، لهذا فالشخص يحتاج إلى مختص ومرشد حتى يتكيف مع الوضع الجديد بعد سنوات من الإدمان الرقمي- بحسبه.
وفي ما يتعلق بالمبادرات العلاجية، شدد زرمان على أهمية إعادة اكتشاف الواقع من خلال تقليل الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية لفترة زمنية محددة، قد تمتد لأسبوع أو شهر، مؤكدا أن هذه الخطوة تساعد في تحسين الحالة النفسية والعاطفية، كما دعا إلى تقديم نصائح وإرشادات من قبل المختصين عبر الندوات وحملات التوعية، مشيدا بالمبادرات التي تُطرح حاليا والتي تهدف إلى تشجيع المدمنين على العودة إلى التفاعل الواقعي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!