-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
زلازل دينية واجتماعية تهزّ المجتمع

جزائريون يُوصون بقطع الأرحام وحرمان الأبناء من الميراث!

كريمة خلاص
  • 7201
  • 14
جزائريون يُوصون بقطع الأرحام وحرمان الأبناء من الميراث!
ح.م

يغفل كثير من الجزائريين والمسلمين عامّة عن كتابة الوصية وهم في سعة من العيش، حتى إذا جاء أحدهم الموت تذكّرها وقال كلمات قلائل قد يلتزم بها المقربون وقد يتناسونها، وغالب ما يوصي به هؤلاء يقتصر على جوانب مادية مثل مكان الدفن أو الميراث ونادرا ما نسمع عن وصية للمعاملات بالتآخي والتراحم والتصدق وصلة الرحم وغيرها، بل أكثر من هذا نجد وصايا غريبة تجعلنا نتساءل عن صحتها ومدى شرعيتها..

يرى كثيرون أنّ الوصية فرصة لتصحيح زلاّتهم وسقطاتهم التي وقعوا فيها جرّاء حبّهم الجم للمال وأنانية النفس الأمارة بالسوء، غير أنهم لا يمتلكون الجرأة في أحيان كثيرة لتحريرها وتوثيقها ما يجعلها كالدهان الذي إن تطلع عليه الشمس يذوب.

الوصية في الجزائر عرفية ونادرا ما نجدها في المجتمع..

وبرأي أغلبية المحامين والحقوقيين الذين استشرناهم في الموضوع فإن ثقافة تحرير الوصية وترسيمها في الجزائر تبقى نادرة جدا وإن وجدت فإنها تقتصر على الميراث فقط، وفي ذلك ما أورده المحامي بهلولي إبراهيم في تصريح للشروق، حيث قال “الوصية معمول بها في حالات نادرة جدا وغالبا تكون وصية عرفية وغير موثقة”.

وقال بهلولي “إن كثيرا من الناس إذا أحسوا قرب أجلهم إما بسبب مرض أو حادث أو خافوا من نشوب خلافات بين أولادهم يقدمون على كتابة وصية لأبنائهم وأحفادهم غير أنّ ذلك غير جائز لا شرعا ولا قانونا، مستشهدا بالحديث الشريف “لا وصية لوارث””.

وعدّد المختص القانوني حالات عديدة تبطل فيها الوصية قانونا لمخالفتها الجانب الشرعي ومنها الوصية للوارث أو الوصية بأمور مخالفة للشرع أو فيها أذية للغير، وهو ما جعل الناس تتحايل في حياتها بنقل ممتلكاتها لمن ترغب من الورثة إمّا هبة أو بيعا. مسألة اعتبرها المتحدث تحايلا على القضاء لأن الفعل قانوني في ظاهره، لكنه غير ذلك في جوهره، وبالتالي يحرم من يشاء من الورثة ويعطي من يشاء، وحسبه، فإن القضاء يبطل الوصية وتعتبر لاغية في حكمه إذا تضمنت عدم التوريث.

وتبقى الوصية، وفق المختص، محصورة في بلادنا في الأموال والعقارات والمنقولات، أمّا جانب المعاملات فهو مغيّب تماما وإن وجد فيكون شفويا.

الوصية رحمة.. تكفر الذنوب وتزيد الأجر

بدوره تواتي كمال الإمام بمسجد الإرشاد بالمدنية قال بأن “الله جعل الوصية رحمة بالعباد ولطفا بهم لأن الإنسان عندما يصل إلى اللّحظات أو الأيام الأخيرة قبل الموت يفكّر مليا ويراجع نفسه ويتذكر أنه لم يتصدق ولم يقم بأفعال الخير لذا جاءت الوصية لتزيد الأجر وتكفّر الذنوب وتقضي ما فات من الحاجات عن الناس مصداقا لقوله تعالى “وأنفقوا مما رزقناكم قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدق” كما أن الوصية تخلق التكافل والتآزر الاجتماعي وتوزيع التركة لكي لا يحتكر الثروة شخص دون غيره”.

وتختلف أحكام الوصية باختلاف مضمونها فقد تكون واجبة ومستحبة أو مكروهة ومحرمة، ويفصل الإمام بالقول “واجبة إذا كان على الإنسان حق شرعي.. دين أو زكاة أو ضوابط وهنا من الواجب على الإنسان ترك وصية وإذا تجاهلها فهو آثم ويمكن أن تكون مستحبة إذا انتفت الشروط السالفة وأراد الموصي فعل الخير والتقرب إلى الله شرط أن لا تكون لوارث، كما تكون مباحة إذا أراد ترك الوصية لشخص عزيز عليه وبينهما صداقة، أمّا الوصية المكروهة فتكون اذا تعمّد وقصد صاحبها الإضرار بالورثة أو تضمنت معاصي وفسوق وعصيان كالوصية بالخمر أو بناء كنيسة وذلك لقوله تعالى “غير مضار وصية من الله” أي لا يضر بها الآخرين”.

بعض الوصايا تقود إلى جهنم وجزائريون يكتمون ممتلكاتهم

وبخصوص وصايا الجزائريين أفاد الإمام تواتي أن فيها كثيرا من الغرابة، فالبعض يوصي بعدم أخذ المال وحرمان الوارث وبأن لا يزوره فلان وأن لا يحضر جنازته أو لا يقف على قبره بعض من يسميهم، فهؤلاء يحملون جهنم معهم إلى قبرهم وهو أكبر ظالم فماله لمّا يموت يصبح لورثته وليس ملكه إلى درجة أنه قد يدفن ماله معه لحرمان غيره منه”.

وأضاف تواتي “سمعنا بأناس يخفون أموالهم في حسابات في الخارج وثروات وممتلكات فهؤلاء إثمهم أكبر من الذين يوصون ما يجعل أهله وورثته في بؤس وشقاء لسنوات دون التمكن من تقسيم التركة”.

وتأسّف تواتي لغياب ثقافة الوصية في بلادنا فيكاد ينعدم في مجتمعنا من يكتب وصيته ويودعها في بيته أو أحد المقربين منه بل إنّ زوجته أقرب المقربين منه قد تجهل الأمر.

جزائريون يوصون بقطع الرحم وعدم التوريث

من جانبه أوضح موسى إسماعيل الأستاذ بكلية الشريعة الإسلامية في جامعة الجزائر أنّ الوصية سنّة نبوية وهي مذكورة في القرآن الكريم في قوله تعالى “من بعد وصية يوصون بها أو دين..”.

وتتضمن الوصيّة جانبا أخلاقيا، حيث يوصي الشخص من بعده زوجته وأولاده وأهله لما يرى فيه الخير خاصة في حال وجود أمور يتخوف منها وفيها أيضا جانب ديني مثل الالتزام بأداء العبادات والواجبات كما تتضمن أيضا الجانب المادي مثل الدين والزكاة والميراث.

والوصية برأي الأستاذ موسى إسماعيل تعد واجبة التنفيذ ما لم تخالف الشرع، وفيها ما يستحب الفعل.

وذكر الأستاذ بعض الحالات الغريبة لوصايا مرت عليه تتعلق بقطع الرحم مع الأعمام أو الأخوال وكذا وصايا بالحرمان من الميراث لإخوة أو أخوات، وهي لا تنفذ حسب المتحدث وتعتبر لاغية.

تشبث الناس بالحياة ينسيهم كتابة الوصية…

وبرّر الإمام ناصري محمد الأمين إمام بمسجد القدس بالشراقة تغافل أغلب الناس عن كتابة الوصية بأنهم متشبثون بالحياة ولا يهتمون لأمر الوصية والقلّة منهم التي تقبل على ذلك، سيما الحجاج والذين يسافرون لمدة طويلة لأماكن بعيدة، بعضهم يستودع الوصية لدى إمام المسجد وهي في الغالب تتضمن الجانب المادي والمالي فقط، أمّا الديون والجانب الروحي فهي قليلة جدا.

وذكر الإمام بأن إخراج الزكاة وتسديد الدّين عن الميت من ماله إن وجد هما أولويتان حتى أنّ الصلاة على الميت لا تجوز إذا لم يسدد الدين أو يسوّى.

وصايا غريبة…

تختلف الوصايا باختلاف مستوى وثقافة ومكانة الموصي، فنجد بعض الفنانين مثلا يوصون بحرق أعمالهم بعد مماتهم وعدم بثها إعلاميا أو تداولها في الوسائط الاجتماعية ومنهم من يوصي بالتبرع بجميع ثروته أو التصدق بجزء كبير منها لفعل الخير، بينما يوصي آخرون بعدم تكريمهم من قبل الهيآت الرسمية التي لم تلتفت إليهم في حياتهم.

ومن الشخصيات المشهورة والمعروفة من يوصي بأن تكون جنازته شعبية وبسيطة دون تكلف أو رسميات ومن ذلك ما أوصى به فنان الشعبي عمر الزاهي الذي طلب بأن يدفنه ويحمل نعشه الشعب دون غيرهم.

وصية أخرى مشابهة لشخصية دبلوماسية تقلد منصب وزير في آخر عمره طلب بأن لا تنظم له جنازة رسمية وأن يشيع موكبه أبناء مسقط رأسه وذويه…

وعلاوة على ما سبق يوصي آخرون بدفن بعض متعلقاتهم الخاصة معهم أو  صور لأفراد يعزّون عليهم، إلى جانب التذكير بعدم البكاء والعويل وبإطعام الناس جيدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • أنا

    للأسف، إنها علامة من علامات سوء الخاتمة و العياذ بالله

  • بومدين الجزائر

    السلام عليكم مضمون المقال غير صحيح فنفهم من كلام الائمة والحقوقيين واستاذ الشريعة وحتى من المعلقين ادناه ان الوصية فرض على المسلم وهذا ما لم يقل به القرءان والصحيح الذي جاء في القرءان ان تنفيذ الوصية هو الفرض وليست الوصية والغريب ان الائمة والمحامون يستدلون بقوله تعالى "كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت الوصية للوالدين والاقربين " فالله لم يقل كتب عليكم اذا حضركم الموت وايضا لم يقل كتب على احدكم اذا حضره الموت كما ان الوصية لا يشترط ان تكون عند حضور الموت فالله يامرنا ان ننفذ وصية الميت ام الرواية لاوصية لوارث فهذا حديث لااساس له من الصحة لانه يناقض القرءان صراحة ووضع لاخراج ءال الرسول

  • عبد القادر الجزائري

    سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم ..كل يهون الا وصية الدين فا يجب على كل مدان تحريرها و تركها لذويه ان اراد النجاة .....اللهما اغفر لنا و لاخواننا اللذين سبقونا بالايمان..........

  • Mohamed

    ارتقوا بالمستوى قليلا، "لا وصية لوارث" حديث و ليست آية !

  • الحسين الجزائري

    من المؤسف أن نرى الإستخفاف بكلام الله تعالى و أحكامه في هذا المقال أيضا كما يفعل الفقهاء و المشائخ الذين لا يهمهم كلام الله تعالى بقدر كلام و مؤلفات الرواة
    بداية من عبارة لاوصية لوارث التي نسبها الكاتب للقرآن و هي ليست منه
    و قوله أن الوصية سنة نبوية رغم أنه ذكر أنها مذكورة في القرآن
    ثم الأحكام من كتب الرواة رغم أن القرآن تحدث عتها
    لو فعلا مصدرنا الأول في التشريع هو القرآن لانتبهنا إلى أن ربنا يشترط لتطبيق آيات الميراث تنفيذ الوصية أولا و إذا بقي شيء من التركة بعدها غير مذكور في الوصية أو إنعدمت أصلا و تفاديا للفتنة تقسم التركة حسب آيات الميراث
    يعني الأصل هو الوصية و ليس الميراث

  • احمد

    وصية المؤمن تكون بطلب الموصي لأهله وأقاربه بتقوى الله وطاعته والتشبت بالقرآن وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وصلة الرحم، وهذا حتى يُشهد الله على أنه ثابر وجاهد وربّى أهله وأبناءه على الصلاة والطاعات وترك المعاصي! أما أمور الديون فلا شك أن المؤمن كان حريصا على تسديدها إن كان له دين ولا يتركها تتراكم!
    ووصية عبد الدينار فتكون في أمور الدنيا ومنع فلان وعلان من الميراث أو من حضور الجنازة!

  • محمد

    عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ولا وصية لوارث" قال الترمذي : حديث حسن صحيح. أخرجه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن، وهو حديث مشهور بين أهل العلم حتى أصبح قاعدة معروفة.
    ومعنى الحديث كما جاء في شرح عون المعبود وغيره أن الله تعالى بين نصيب كل ذي حق في آية المواريث، وكانت الوصية قبل نزول آية المورايث واجبة للأقربين، وذلك بآية الوصية التي نسخت بآية المواريث عند كثير من أهل العلم. وآية الوصية المنسوخة هي قوله تعالى: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف"

  • GTIDI

    “لا وصية لوارث”” ليست اية بل حديث نبوي رواه الامام احمد و اصحاب السنن

  • GRIDI NABIL

    “لا وصية لوارث”” ليست اية بل حديث نبوي رواه الامام احمد و اصحاب السنن

  • GRIDI NABIL

    “لا وصية لوارث”” ليست اية بل حديث نبوي رواه الامام احمد و اصحاب السنن

  • GRIDI NABIL

    “لا وصية لوارث”” ليست اية من القران بل حديث نبوي أخرجه الإمام أحمد في المسند، وأصحاب السنن. و شكرا

  • الحقّ أحقّ

    الوصيّة من صلب الدِّين :( لا ينام أحدكم إلاّ وصيّته تحت رأسه).
    الوصيّ تكون في دين للميّت او عليه , او امر معنوي يريد أن يخبر به أهله.
    بشرط:
    1) ان لا تكون وصيّة لوارث(لا وصية لوارث) .
    2) أن يوصي لغير ورثته بالثلث ولا يزيد عن ذلك.
    3 )أن يوصي بما هو مشروع من معنوي أو مادي ولا يوصي بحرام أو مكروه كأن يقول:
    ـ ادفنوني في مكن كذا..
    ـ أو احملوني بإنشوة كذا أو شعر كذا...
    **فإن لم تكن من هذه تنفذ.
    ** قبل تنفيذ الوصيّة أن يدفع دينه إن كان له دين أو نذر حلال ,وهذا قبل الكفن والدفن.
    ((مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ )).شكرا.

  • امام

    (وذكر الإمام بأن إخراج الزكاة وتسديد الدّين عن الميت من ماله إن وجد هما أولويتان حتى أنّ الصلاة على الميت لا تجوز إذا لم يسدد الدين أو يسوّى)
    اقول :قال المنذري في الترغيب والترهيب: (قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على المدين ثم نسخ ذلك)ا.هـ
    وانما يجوز للعالم المشهور ترك الصلاة على بعض المدينين زجراً لغيرهم وتخويفاً لهم .ولكن يجب ان يصلي عليهم آئمة المساجد وإن لم تقض ديونهم.
    والله اعلم

  • لا حول ولا قوة إلا بالله

    يا وعليكم من كريمة:
    (وقال بهلولي “إن كثيرا من الناس إذا أحسوا قرب أجلهم إما بسبب مرض أو حادث أو خافوا من نشوب خلافات بين أولادهم يقدمون على كتابة وصية لأبنائهم وأحفادهم غير أنّ ذلك غير جائز لا شرعا ولا قانونا، مستشهدا بالآية الكريمة “لا وصية لوارث””.)
    الآية نزلت عليك، او على بهلولي؟
    ساعات نقول بن غبريط عندها الحق،