-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جزائري.. زوالي وفحل!

جمال لعلامي
  • 1204
  • 5
جزائري.. زوالي وفحل!
أرشيف

التزاحم و”التطباع” أمام محلات تسويق “لابيش” ومختلف أنواع الشيكولاطة، حسب ما أظهرته عدسات القنوات واليوتوب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يحرّض دون شك التجار “عديمي الذمّة” على رفع الأسعار، طالما أن هناك من يُقاوم الأزمة المالية، ويصرف الملايين احتفالا بأعياد “البوناني” و”الريفيون” وغيرها من حفلات البريستيج!
فعلا، طوابير رأس السنة الميلادية، وحتى مناسبات أخرى، لا صلة لها بأعياد وتقاليد وأعراف الجزائريين، تدفع إلى رسم علامات استفهام وتعجّب أمام حقيقة هذه الظواهر العجيبة، ولا أقول الغريبة، فهل يُعقل أن يلجأ مواطنون “مزلوطون” إلى “الكريدي” مثلا للاحتفال بـ”البوناني”، أو حتى شراء ما قيمته المليون والمليونين من المفرقعات والألعاب النارية؟
إذا استعربنا الاستدانة من أجل ضمان “مائدة محترمة” في شهر الصيام والقيام، الذي يأتي بخيره معه، وتعجّبنا من الاستدانة لشراء كبش العيد بهدف إسعاد “الذراري” أو لأجل “المشوي والمقلي”، وليس بدعوى الأضحية، كيف لا ينبغي أن نتوقف بذهول واندهاش أمام تنامي ظواهر دخيلة، لا تمت في أصلها وفصلها إلى طباع الجزائري وخصاله؟
بعيدا عن “الفتاوى على الهوى”، ألا يمكن للمبذرين والمسرفين أن يخصّصوا “ميزانية” البوناني و”لابيش” وسهرات “التبراح”، إلى أطفال وعائلات لا تجد ما تقتات منه؟ أليس الأولى بأولئك أن “يبذروا” أموالهم في تنظيف شارع أو تعبيد طريق صغير وإبعاد الأذى منه، أو شراء علبة حليب لرضيع معدوم، أو علبة حفاظات، عوض رميها وحرقها في نشوة عابرة؟
لقد فقد العديد من الجزائريين خصالهم الجميلة، ولم يعد الجار يفكر في جاره، ولا الأخ في أخيه، ولا الأب في ابنه ولا الابن في أمه، وبالتالي من الطبيعي أن يتزاحم البعض على “لابيش” وعلى اللحوم الحمراء والبيضاء، في وقت ينام آخرون على “لحم بطنهم”، ولا يجد مرضى بما يشترون الدواء، ويكاد يموت معذبون من شدّة الجوع والبرد، فيما صرف محظوظون رواتب سنة كاملة بالنسبة لموظف “كحيان” في ليلة واحدة احتفالا بقدوم العام الجديد!
طبعا، الكلّ مسؤول على جيبه، يفعل به ما يُريد، لكن المراد هنا ليس لمحاسبة هؤلاء أو لوم أولئك، ولكن لوخز القلوب والضمائر الميتة، وإعادة الحياة لها، علّ وعسى تستيقظ وتتألم لآلام الإخوان وتتوجّع وتسمع آهات المعدومين والمرضى والثكالى والأيتام والمشرّدين والمقطوعين من شجرة، ممن يمدّون أيديهم من أجل تمرة أو حتى حجرة!
نعم، لم نكن هكذا أبدا، فقد “قسات لقلوب”، وتكاد للأسف تتحوّل الرحمة والشفقة والتعاون والتضامن، إلى كلمات لا يفهمها البعض، أو يفسّرونها بطريقة خاطئة للتهرّب من صفات كانت مرادفة لكلمة جزائري.. “زوالي وفحلّ ما يحبّش الذل”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • جمال انس

    ماذا عسانا ان نقول لقوم تبع (بضم التاء ) " ..اذا دخلوا جحر ضب دخلتموه.." كما حدثنا عنهم رسول الله عليه الصلاة والسلام.. الله يهدي ماخلق وصدق من قال : المغلوب مولع بتقليد الغالب...!!!

  • امل ليندا

    كل مرة تتألق يا دكتور لعلامي في مقالاتك ربي يعطيك لخير والصحة ولهنا وحقا دائما اقولها لك اننا نتنفس بمقالاتك

  • عبد النور

    تعليق ٢ :
    أن تصوم في أي يوم ، عرفة أو عاشوراء أو الإثنين والخميس ، فهذا من ديننا وأصولنا . وهو مطلوب.
    أن تصوم في يوم كيبور "يوم الغفران" اليهودي ، وأنت تعلم أنه يوم كيبور وتقوم بذلك لأنه يوم كيبور فذلك يصبح تقليدا لليهود وإتباعا لدينهم.
    الفعل هو نفسه، لكن العبرة بالتوقيت والنية.

  • دير كما جارك ولا حول باب دارك

    التزاحم و”التطباع” أمام محلات تسويق “لابيش” ومختلف أنواع الشيكولاطة،وطوابير رأس السنة الميلادية، وحتى مناسبات أخرى، لا صلة لها بأعياد وتقاليد وأعراف الجزائريين، تدفع إلى رسم علامات استفهام وتعجّب أمام حقيقة هذه الظواهر الغريبة ....انتهى الاقتباس
    وكأن البيتزا من علامات تراثنا والكرواصون من أسس حضارتنا ولعلى أن لابيش من بنات افكار الاستاذ لعلامي

  • الطيب

    المغلوب مولع بتقليد الغالب ...هؤلاء فقدوا واقعهم الحقيقي ..فقدوا دينهم الذي يبصرهم و مسجدهم الذي يوجههم و مدرستهم التي تنير لأبنائهم الطريق ...هؤلاء يعيشون التيه و يقومون بأعمال للتقليد و من أجل التقليد فقط دون أن يفهموا حتى معنى المناسبة !! و نحن هنا لا نبرر جهلهم بل نتحدث عن واقع مشهود يُراد من خلاله طمس شخصية شعب و تشويه هويته و ثقافته و سلخه من مقوماته و كأنه مقطوع من شجرة و ليست له أصول و جذور و أعياد يفتخر بها و يسعد بها ..!