-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 جون كنيدي.. في ذاكرة جزائرية

 جون كنيدي.. في ذاكرة جزائرية
ح.م

جون كنيدي، اسم مرموق في الذاكرة الجزائرية، وهي تفتح صفحة الوفاء لهذا الرجل الذي سبق الزمن، مؤمنا بانتصار ثورة نوفمبر منذ السنوات الأولى لانطلاقها.

السيناتور، جون كنيدي، فاجأ الجنرال شارل ديغول، في خطاب أمام مجلس الشيوخ، رسم سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة، في الإعلان عن حق الشعب الجزائري في الاستقلال، فأضعف موقف فرنسا الاستعمارية بخسارة حليفها الأكبر.

خطاب جون كنيدي لم يكن مجرد تأييد معنوي لثورة تحررية كبيرة، دخلت عامها الثالث “آنذاك”، فهو انقلاب أمريكي على القوة العسكرية الفرنسية، التي تستعمر الجزائر وشمال إفريقيا، وزعزع أركان جمهوريتها، وأجبرها على القبول بتحول سياسي لا يعبر عن خياراتها التقليدية.

خطاب جون كنيدي أجبر الجمهورية الفرنسية على إعلان أول فشل في سياستها الاستعمارية في شمال إفريقيا، وتجريدها من مستلزمات قوة عظيمة تدعم بقاءها في جنوب المتوسط.

قال كنيدي الذي كان يرأس في 1957 لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ قبل أن ينتخب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية 1960، إن “الجزائر لم تعد مشكلا فرنسيا خاصا ولن تعود كذلك أبدا، وإن الوقت قد حان لكي تعترف حكومتنا بأن الوقت قد مضى لنجاح سلسلة من الإصلاحات المجزأة أو حتى محاولة أخيرة لإدماج الجزائر كليا مع فرنسا”.

قوة في موقف سياسي تبناه جون كنيدي، جعلت فرنسا بلا حلفاء تستمد منهم القوة، وتفرض عليها العزلة في محيط تحالفاتها التقليدية، وتحاصرها في مناطق نفوذها الاستعمارية، وإعلان اعتراف مسبق بـ “جزائر مستقلة” وإسقاط لزيف شرعية استعمار انتهى زمنه بإطلاق الرصاصة الأولى في منتصف ليل الأول من نوفمبر 1954.

هدد جون كنيدي المجتمع الدولي، إذا ما تراخى في دعم ثورة الشعب الجزائري من أجل الاستقلال بإنهاء الاستعمار الفرنسي، بقيام أمريكا بتشكيل دعم دولي من أجل نيل الاستقلال.

جاء تهديد كنيدي بينما كان العالم ينتظر انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقال في خطابه في 2 جوان 1957 بالحرف الواحد: “إذا لم يتم تسجيل تقدم ملموس خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن الولايات المتحدة ستقوم بدعم مجهود دولي من أجل حصول الجزائر على قاعدة لتحقيق الاستقلال”.

انفرطت العلاقات الأمريكية – الفرنسية على نحو أخرج الجنرال شارل ديغول من عقله، وهو المتهم باستخدام قوة وسلاح حلف شمال الأطلسي “الناتو” في حربه الهمجية ضد الشعب الجزائري، قبل أن يعلن انسحابه من هذا الحلف الذي كان مقره باريس.

ردود فعل لم يكن شارل ديغول مجبرا على الالتزام بتنفيذها لولا مؤثرات ثورة التحرير الجزائرية في فصل العلاقات الفرنسية – الأمريكية، فقد رفض في مارس 1959 دمج دفاعات فرنسا الجوية في منظومة الناتو، قبل قيامه بسحب الأسطول الفرنسي المتمركز في منطقة البحر الأبيض المتوسط من تحت إمرة حلف الناتو ومنع الولايات المتحدة من وضع أسلحتها النووية وقاذفاتها في فرنسا، وحاول في عام 1960 مراجعة نصوص معاهدة واشنطن التي تنص على قيادة جنرال أمريكي لمنظمة “الناتو”، لكنه لم يلقَ الدعم المطلوب من الدول الأخرى الأعضاء.

توج جون كنيدي انتصار سياسته التي أطلقها وهو سيناتور في مجلس الشيوخ في مناصرة ثورة نوفمبر، في احتفاء بخطابه الشهير مع إعلان استقلال الجزائر مهنئا شعبها وقادتها “لإقامة دولة جديدة بعد سنوات من التضحيات والدموع والنضال”.

وفاء جزائري، يجدد إحياء ذكرى جون كنيدي، رجل انتصر لقضية شعب ثائر من أجل استعادة سيادته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • كلمة انصاف

    ايام كان الرئيس رئيس و السياسي له مبادئ قيم و نظرة ثاقبة لعهد قد ولى ... كل الاحترام و التقدير لكنيدي و شخصيته المرموقة كلاص.

  • شخص

    و كانت نتيجة دفاعه عن المبادئ و الحق أن مصيره كان كمصير الرئيس بوضياف رحم الله؟