حاج رجم يكسب الرهان الثاني على التوالي والهدف رابطة الأبطال

منطق كرة القدم احترم نفسه، والمجتهد نال نصيبه في الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، بعد تتويج فريق مولودية الجزائر باللقب المحلي لثاني مرة على التوالي عن جدارة واستحقاق، بالنظر لتربع التشكيلة العاصمية على عرش الكرة الجزائرية منذ إنطلاق البطولة شهر سبتمبر الماضي، بالرغم من بعض العقبات التي زرعت الشك في بعض فترات الموسم، إلا أن النتيجة كانت عادلة بعد المجهودات المبذولة من زملاء القائد أيوب عبد اللاوي طيلة الموسم الكروي، والذي اختتم بنتيجة لم تتحقق منذ سبعينيات القرن الماضي، وهي الحفاظ على لقب البطولة لثاني موسم على التوالي.
ورغم التميز الرياضي، وجدارة التشكيلة باللقب، نظير ما قدموه فوق أرضية الميدان، إلا أن النجاح الفني لا يكون منفردا، بل هو نتيجة لعدة عوامل تكون عنصرا أساسيا في الوصول إلى الأهداف المسطرة، بين وعي جماهيري، والاقتناع بما يملكه الفريق، بالإضافة إلى الأمر المهم في كرة القدم الحديثة والمتمثل في الاستقرار خاصة على مستوى الإداري، والمحافظة على تطبيق المشروع، رغم العقبات التي يواجهها الفريق، وهو ما تجلى في عميد الأندية الجزائرية، الذي حافظ على طاقمه الإداري لثالث موسم على التوالي، بقيادة محمد حكيم حاج رجم، بعدما كان الفريق في السابق يحط الأرقام القياسية في التغييرات الإدارية، ووصل الحد إلى تغيير ثلاث رؤساء في ظرف موسم واحد، ما يؤكد التغيير الجذري في طريقة تسيير مولودية الجزائر.
الحفاظ على المنصب في ثلاث مواسم متتالية وفي فريق بحجم مولودية الجزائر ليس بالأمر السهل تماما، بالنظر لشعبية الفريق الجارفة، ومتطلبات أنصاره، التي ملت من المواسم الصفرية والغياب عن منصات الألقاب، هو تأكيد على رضا الأنصار بقيمة العمل الذي يقوم به رئيس الفريق محمد حكيم حاج رجم، وتجلى في ردة فعل “الشناوة”، بعد التصريح الذي قام حاج رجم عقب الإقصاء من كأس رابطة الأبطال الإفريقية، باستقالته من رئاسة النادي عقب نهاية الموسم بسبب الأطراف التي تسعى للتشويش على الفريق وضرب استقراره قبل المواعيد الهامة، وهو ما رفضه الجمهور جملة وتفصيلا، وموجهين تحذيرات لكل طرف يريد عرقلة المشروع الحالي في مولودية الجزائر.
والمتابع لعميد الأندية الجزائرية في الفترة الأخيرة، يدرك أن النادي العاصمي تغير وجهه في وقت قصير من الزمان، بين نادي كان يبحث عن ملعب للتدريبات، وأغلقت في وجهه ملاعب جوارية، إلى فريق محترف بأتم معنى الكلمة، بمركز تدريبات يليق بقيمة النادي العاصمي، ولاعبين على أعلى مستوى بالإضافة إلى الجوهرة ملعب علي عمار المدعو علي لابوانت بالدويرة، والذي سيدشنه الفريق بداية من الموسم الكروي القادم، بالإضافة إلى قيمة الشركات التي تعاقدت مع الفريق في الفترة الأخيرة، والتي أعطت بعد آخر لعميد الأندية الجزائرية سواء على المستوى المحلي أو العالمي، بالنظر للمكانة التي تحتلها هذه الشركات في السوق العالمية، وهو ما يعد أفضل استثمار للنادي الأكثر شعبية في الجزائر، من أجل إعادته إلى الواجهة.
مشوار مولودية الجزائر هذا الموسم كان مميزا إلى حد بعيد بعد نيل لقب البطولة الوطنية، والبقاء في القمة لن يكون سهلا بالنظر لاتساع رقعة المنافسين على اللقب الموسم القادم، بعودة شبيبة القبائل إلى مكانتها، وشباب بلوزداد الذي حافظ على توازنه لسبع سنوات متتالية، في انتظار استرجاع كل من الوفاق والاتحاد لهيبتهما، سيمنح البطولة نكهة خاصة، وسيزيد من صعوبة المولودية في التتويج باللقب الموسم المقبل، ولن يحافظ الفريق على توازنه إلا إذا حافظ على كل عناصره، التي أصبحت تعلم جيدا ما ينقص الفريق وما يستطيع تقديمه في المستقبل القريب، خاصة وأن الكلام الذي قيل عن مغادرة حاج رجم للفريق مع نهاية الموسم، لن يتقبله الأنصار، مهما كانت الأسباب، خاصة وأن رئيس الفريق أبدى رغبته الدائمة في التتويج بلقب قاري مع فريق مولودية الجزائر.
بقاء العميد في هرم كرة القدم الجزائرية، كان نتيجة الذهنيات التي تغيرت، والتي أصبحت تتخذ القرارات عن قناعة مقارنة بالمواسم الماضية، أين كان الرؤساء رهينة الضغوطات الخارجية، عكس الفترة الحالية، والتي استطاعت فيها الإدارة قيادة الفريق إلى بر الأمان في العديد من المرات، وهو ما يعكس القناعة بالمشروع والمشوار الذي تتخلله العقبات، غير أن المواصلة على هذا النسق يتطلب تغيير بعض النقاط السلبية التي رافقت الفريق، أهمها غياب بعض المناصب الحساسة، على غرار منصب المناجير العام، بالإضافة إلى المدير الرياضي وهما المنصبات المهمان في عالم كرة القدم، خاصة للأندية المحترفة التي تتطلع دائما إلى الأفضل والتصحيح الدائم للأخطاء التي يقع فيها الفريق، حيث من غير المعقول أن فريق بحجم مولودية الجزائر يسير بخمس أشخاص فقط، ليس لغياب الكفاءة، بل لاستحالة تغطية كل متطلبات الفريق، الذي أصبح يضاهي الأندية الكبيرة سواء في طريقة التسيير أم ما يحوزه النادي، في انتظار المحافظة على نفس الطريق والتغيير من الحسن إلى الأحسن.
من المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة حالة ترقب في بيت المولودية، من أجل تفنيد الإشاعات التي راجت حول رئيس النادي، خاصة وأن الفريق مقبل على مرحلة مهمة وهي سوق الانتقالات الصيفية التي ستكون فارقة في تحديد مشوار المولودية الموسم المقبل، بالإضافة إلى قرب المنافسة العربية والإفريقية، التي يريد من خلالها العميد تأكيد فترته الزاهية، والبقاء في القمة خلال السنة المقبلة، والمواسم القادمة.