-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى لا نقع فيما وقعوا فيه

حتى لا نقع فيما وقعوا فيه
ح.م

لم يكن ما يُسمَّى بالربيع العربي ربيعا بالمطلق على الشعوب العربية، بل كانت نتائجه نارا ووبالا وخسائر زادت الوضع سوءا على ما كان عليه. لقد جاء ومازال يشتغل اليوم لإعادة تشكيل المنطقة بصورة مختلفة أسوأ مما كانت عليه. وهو ينتقل من بلدٍ إلى آخر لا ينجو من تداعياته إلا من استطاع التكيُّف بسرعة وقَلَّلَ إلى الحد الأقصى من الخسائر. وتُعَدُّ الجزائر اليوم هي الحلقة التالية من بين حلقاته، يتراوح وضعُها بين الاستعصاء والمقاومة تارة وإشارات السقوط فيما سقط فيه غيرُها تارة أخرى. وعلينا الانتباه إلى ذلك واستباقه بسياساتٍ قادرة على منع السقوط وتعزيز القدرة على التكيُّف والتمكن من الخروج منه بسلام…

لقد قام أستاذنا الدكتور وليد عبد الحي في إحدى محاضراته الأخيرة بتلخيص تداعيات الربيع العربي على المنطقة في المؤشرات التالية:

1 – تراجع إجمالي الناتج المحلي العربي بـ28% بين 2010 و2019.
2 – قارب حجم الخسائر خلال هذه الفترة 870 مليار دولار.
3 – زاد عدد العاطلين عن العمل عما كان موجودا في سنة 2010 بما يساوي 22 مليون عاطل.
4 – بلغ عدد القتلى جراء هذا الربيع 650 ألف قتيل.

ولعلَّ هذا المؤشر الأخير هو الأكثر خطورة لِمَا له من تداعيات سلبية يتجاوز مداها العقود، خلافا لِمَا حدث في ربيع أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي سابقا، إذ لم يزد عدد القتلى بسبب ربيعهم على حسب تقديرات المحاضر عن الألف رغم كل التبدُّلات الكبرى التي حصلت خاصة في روسيا.
بما يعني أنّ علينا ليس فقط الانتباه والحذر والاستعداد إنما الاستباق أيضا.

لن ننجو من هذا الاتجاه العام نحو السقوط إلا من خلال وعي استراتيجي متكامل وإدارة صراع مُحْكَمَة، خاصة وأن المؤشرات الجزائرية تقول:
1 – تراجع إجمالي الناتج المحلي الجزائري باستمرار منذ سنة 2014 من 213 مليار دولار إلى 180 مليار دولار.
2 – تراجع مداخيل الصادرات من المحروقات من 78 مليار دولار سنة 2011 إلى 35 مليار دولار في 2019.

3 – استهلاك كل ما تم وضعُه من احتياطي سنة 2014 في صندوق ضبط الإرادات المقدر بـ32.5 مليار دولار وغلق الصندوق تماما في 2017.
-4 انخفاض احتياطيات الصرف من 193 مليار دولار سنة 2014 إلى 62 مليار دولار سنة 2019. وستُصبح هذه الاحتياطيات صفرا بعد سنة 2022.

كلّ هذا يعني أننا في الإطار العام لا نختلف في شيء عن بلدان الربيع العربي إلا في مسألة الخسائر البشرية، وهو مؤشرٌ أكثر من إيجابي بالنسبة لنا، إذا مَنَعنا وقوعه، وإذا ما اتحدت جهودنا لكي يكون العامل المحرِّك لباقي المؤشرات لتعود نحو الإيجابية وليس العكس.

لذا، فإننا اليوم في مرحلة خيار استراتيجي لا شك فيه؛ إما نترك المؤشرات السالبة تدفعنا إلى الصراع مثلنا مثل البقية، والنتائج معروفة.. أو نتحكم فيها ونسعى، كل من موقعه، لأن نكون طوق نجاة ونهضة ورقيّ وأمل لبلدنا. ولا نقع فيما وقعوا فيه.. الأمر بين أيدينا.. والمسألة مسألة عقل ووعي وإدارة صراع.. لا عاطفة واندفاع والوقوع مرة أخرى ضحية سوء إدارة الصراع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • ابن الجبل

    ماذا نفعل لأناس يدعون العلم والمعرفة . ولكنهم يعشقون العبودية والاذلال ، ويرفضون الديموقراطية والتغيير نحو الأفضل ؟!. انهم سجناء الماضي ...!! هذا الذي سمى نفسه دكتورا ، ولكن عقله متحجرا ، ومتأثرا بالاعلام الساقط في مستنقع التخلف والعبودية ، ...فاذا كان الانسان جاهلا ، فلربما يقبل عذره ... أما الانسان المتعلم الجاهل في نفس الوقت .والذي لا يرى الا مايراه هو فقط ، فان جهله يصعب علاجه ، ولا دواء له !!.

  • قل الحق

    رغم كل هذا لا زال من بيننا من ذوو النفوس الصهيونية المتخفين خلف شعار الديمقراطية من يريد جرنا الى ربيع ........ليحققوا ماربهم في الاستيلاء على كل شيء تماما مثل ما فعلوا في التسعينات حينما اسطفوا خلف الجيش برعاية ضباط فرنسا و دفعوا بالجنود البسطاء الى التقاتل مع فئة اخرى من البسطاء بينما استغلوا هم الوضع في سرقة كل شيء و استحوذوا على المؤسسات و المناصب و اعدوا ترسانة قانونية تحميهم، هاته المافيا لا زالت تعمل و لن يهدا لها بال و لن تتخلى عن مكاسبها ببساطة فهي تعمل على خلط الاوراق و الزج بالجزائر في تسعينيات اخرى انهم دراكولا العصر لا يقتاتون الا على الدماء و لو زينوا انفسهم بربطات العنق.

  • ياسين

    بالفعل أستاذ سليم كما ورد في خاتمة مقالك :"فإننا اليوم في مرحلة خيار استراتيجي لا شك فيه؛ إما نترك المؤشرات السالبة تدفعنا إلى الصراع مثلنا مثل البقية، والنتائج معروفة.. أو نتحكم فيها ونسعى، كل من موقعه، لأن نكون طوق نجاة ونهضة ورقيّ وأمل لبلدنا. ولا نقع فيما وقعوا فيه.. الأمر بين أيدينا.. والمسألة مسألة عقل ووعي وإدارة صراع.. لا عاطفة واندفاع والوقوع مرة أخرى ضحية سوء إدارة الصراع."؟؟؟

  • الدكتور محمد مراح

    لا يجادل عاقل في نجاعة الديمقراطية ـ وضرورتها لحكم راشد على تعدد صورها التطبيقية في الدول العريقة ديمقراطيا : لأسباب فلسفية وتاريخية واجتماعية واقتصادية . لكنا نجد إلى جانب هدا نماذج لأنظمة حققت معجزات اقتصادية وهي ترزح تحت أنظمة شمولية تعادى الديمقراطية الغربية بشراسة وأقصد هنا تحديدا الصين المرشحة لتصدر الهرم العالمي اقتصاديا . وأخرى انطلقت في معجزتها الاقتصادية تحت حكم عسكري شرس ، أقصد هنا كوريا الجنوبية :::التي تصلح تجربتها السياسية والاقتصادية لتأمل عميق من قبلنا، لوجود عناصر كثيرة نفيدنا إفادات بالغة الأهمية في وضعنا الحالي ، رفم الفوارق الجوهرية في الوضعين . لكن النيات عنصر حاسم هنا .

  • الدكتور محمد مراح

    نلحظ أستاذنا الكريم إصرار أقلية ايديولوجية لن تتحول إلى أغلبية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، على المضي بالأمور نحو الانهيار يدعوى الديمقراطية، تعنتا ومكابرة وابتزازا ، وكبرا ومساومة .
    فهم على مذهب أنا أو لا أـحد، ولا بأس أن بكون أبضا أنا وبعدي الطوفان .
    ـ أما المشكلة المحيرة فهي : إنسياق كثي ر ممن ليسوا على ملة هؤلاء أبدبولوجيا وراء راباتهم المضللة، وهم الضحايا الأُوَل إن كٌتب لأصحاب تلك الريات تمكنا ما ، لا برقبون في قيم اللأمة الديتية ولغتها العربية إلا ولا ذمة .