-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى لا نُكرّر خطأ 2013 مع الاستشراف؟

حتى لا نُكرّر خطأ 2013 مع الاستشراف؟
ح.م

إلى حد الآن يجري فتح أكثر من ورشة للإصلاحات. شيء جميل أَنْ يَحدُث هذا في كافة القطاعات، إلا أنه علينا أن نُعيد طَرح سؤال طالما نَبَّهنا إلى ضرورة طرحه: ضمن أيِّ رؤية استراتيجية يتم ذلك؟ مَن يَملك عناصر هذه الرؤية وأبعادها؟ مَن بإمكانه تحديد معالمها المستقبلية ليقول هذا خط أحمر وذاك خط أخضر؟ ما الذي يَحكُم تَصوُّر الخبراء في مجال الدستور، أو التربية أو الصحة، أو الإقليم، أو الاقتصاد أو غيرها من القطاعات؟ أظن أنه علينا أن نُجيب عن هذه الأسئلة قبل الدخول في التفاصيل، وقبل الشروع في أي عمل كان…

وبهذا الصدد، كنتُ قد كتبت سلسلة من المقالات منذ سنة 2013 بهدف التحسيس بصوغ رؤية استشرافية من أجل الجزائر في كافة القطاعات، تُشارك فيها كافة القدرات الوطنية من شأنها أن تَحكُم ما سنقوم به في المستقبل قطاعا بقطاع، وبعدها تأتي القوانين المتطابقة مع هذه الرؤية، ويأتي التنفيذ، وتأتي الرقابة والتقييم… الخ.

إلا أننا إلى اليوم لم نر ذلك قد تجسد. ومازلنا لا نعلم في أي مستوى يتم ضبط الغايات الرئيسية لأي مشروع إصلاحي، ومَن يقوم بذلك، ومَن لديه الكفاءة ليقول للخبراء نُريد اقتصادا هذه غايته، ونريد نظاما سياسيا هذه طبيعته، ونُريد تربية هذه أهدافها الاستراتيجية… الخ.

أظن أن الوقت اليوم ملائم لتصحيح هذا الخلل، والشروع في ضبط مشروع رؤية وطنية شاملة تُحدِّد المعالم الرئيسة للجزائر بعد 15 أو 20 سنة من الآن. ولعلها هذه هي مهمة الوزارة المنتدبة للإحصائيات والاستشراف التي استحدثت في الحكومة الحالية استجابة لحاجة ماسة طالما افتقدناها.

ودون البكاء على الماضي، نقول إنه كان يُفتَرض أن تقوم كتابة الدولة للاستشراف التي تم حلها سنة 2013 بعد أقل من سنة من إنشائها بهذا العمل في السنوات الماضية، إلا أن الجري وراء تحقيق أهداف آنية، خلف المشاريع الاستعجالية، ومحاولة الترقيع بدل البناء الاستراتيجي، كان في كل مرة يَمنَع البلاد من أن تكون لديها رؤية مستقبلية.

لذا، لا مجال اليوم لارتكاب نفس الخطأ، بعد أن تمت إعادة الاعتبار للاستشراف ولوزيره السابق، وعلينا أن ننطلق من قناعة راسخة أنه لا يمكننا الاعتماد على اجتهادات أفراد، أو حتى اجتهادات قطاعية، أو حتى مجموعات ما بين القطاعات للقيام بإصلاحات استراتيجية، بل علينا قبل فوات الأوان مرة أخرى، القيام بعمل تكاملي، لصوغ مشروع رؤية مستقبلية للبلاد، يتكفل كل قطاع بتنفيذ الجزء الموكل له منها. وبهذا يُصبِح العمل بحق استراتيجيا، ويُجنِّبُنا الوقوع في التناقضات أو في إعادة أخطاء الماضي.

وحتى نُثري ما شُرِع في تنفيذه اليوم، فإني أقول إن كل الورشات التي تم إطلاقها إلى حد الآن، أو سيتم إطلاقها في المستقبل، ينبغي أن لا تُعتَمَد نتائجها قبل أن تُنظِّم لها الوزارة المنتدبة للاستشراف لقاءً جامعا على المستوى الوطني، يتم خلاله تنسيق مشاريع الحلول التي تم اقتراحها وإزالة التناقضات المحتملة التي تكون بينها، ثم صوغها ضمن وثيقة وطنية تسمى “رؤية الجزائر المستقبلية”، وتكون مُلزِمة للجميع. عندها نستطيع القول إننا وضعنا البلاد على الطريق الصحيح، ولم يبق لنا سوى الاتكال على الله تعالى والعمل، والسهر على رصد أي تبدلات يمكنها أن تعيق مشروعنا المستقبلي هذا ولم نحسب لها حسابا.. وعندها فقط ستصدق عبارة بناء الجزائر التي حلم بها الشهداء، وسنعيد الأمل الفسيح للناس كركن من أركان الدولة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عيساني خثير

    يجب التأكيد ان البرامج الاستعجالية في كل المجالات جنت علينا الويل والخراب فهي صرف للمال بدون حسيب ولا رقيب وغش في التنفيذ على كل المستويات وتضخيم للفواتير وحان الوقت لاعتماد اللاستشراف لأنه الأساس لبناء الاقتصاد المستديم

  • ثانينه

    الخبراء في الميدان هم ادري بما هو واجب وهده الغوغاء لاتفيد شيئا الانتقاد والتدبير من سيم الكسلاء