-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى يكون رمضان مختلفا

سلطان بركاني
  • 445
  • 0
حتى يكون رمضان مختلفا

لعلّه يكون حريا بنا ونحن نستقبل رمضان، أن نطرح سؤالا غاية في الأهمية، هو: ماذا نريد من رمضان؟ سؤال ينبغي لكلّ واحد منّا أن يطرحه على نفسه، ويبحث له عن إجابة، وهو يستحضر قول حبيبه المصطفى عليه الصّلاة والسّلام: “رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له”.. رمضان فرصة مهمة وحاسمة، قد تُغفر به ذنوب العمر، وتتغيّر فيه وبعده حياة العبد المؤمن، ويصبح إنسانا آخر، يعيش ما بقي من عمره ينعم في جنة الدنيا وعينه على جنّة الآخرة.

أخي المؤمن.. رمضان هذا العام يمكن أن يكون فرصتك التي طالما انتظرتها، وقد يكون فرصتك الأخيرة. ربّما يكون آخر رمضان تعيشه في هذه الدّنيا، وقد تلقى مولاك ليوفيك عملك بين رمضان هذا العام ورمضان العام القادم، كما لقي الملايين من المسلمين ربّهم بين رمضان الماضي ورمضان الحاضر.

نعم، ربّما يكون رمضانك الأخير. قف الآن مع نفسك وقفة صادقة وسلها: كم من أناس كانوا معنا في رمضان العام الماضي هم الآن تحت التراب؟ منهم من سمع أو قرأ كلاما مؤثرا قبيل رمضان العام الماضي عن رمضان الأخير، لكنّه لم يكن يتوقّع أن يكون رمضان العام الماضي رمضان الوداع حقيقة. كانت نفسه تمنّيه كما تمنّيك نفسك الآن بأنّه لا يزال أمامه عمر طويل وأنّه سيعيش رمضان آخر وآخر وآخر، وأنّ وقت التّوبة والصّلاح لم يحن بعد.. كثير من إخواننا المسلمين ممّن نعرف وممّن لا نعرف هم الآن تحت اللّحود يتمنّى الواحد منهم لو يعود إلا الدّنيا ليصوم يوما واحدا من رمضان إيمانا واحتسابا ويقوم ولو ليلة واحدة من لياليه المباركة إيمانا واحتسابا، ولو ليرفع كفّيه بالدّعاء في وقت السّحر ويطلب العفو والمغفرة من الله.. يتمنّى كلّ هذا لكن هيهات هيهات.

أخي المؤمن.. جميعنا في حاجة لأن نصوم هذا العام صيام مودّعين، ونصوم رمضان هذا العام كأنّه آخر رمضان لنا في هذه الدّنيا.. تأمّل معي هذه الوصية الغالية التي أوصى بها الحبيب المصطفى –صلّى الله عليه وسلّم- ذلك الصحابيّ لتعرف مدى أهمية أن تصوم صيام مودّع.. في صحيح الجامع أنّ رجلا أتى النَّبِيّ –عليه الصّلاة والسّلام- فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِظْنِي وَأَوْجِزْ. فَقَالَ: “إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صلاة مودع”. صلاة مودّع! يعني صلاة من يرى أنّها آخر صلاة يصلّيها قبل أن يلقى الله، وهكذا صيام المودّع هو صيام من يرى أنّه آخر صيام له قبل أن يلقى الله.

اسأل نفسك –أخي المؤمن- كم رمضانا أدركت منذ بلوغك سنّ الرّشد؟ 10؟ 20؟ 30؟ أم 50؟ كم رمضانا أدركت ولم تستفد منه شيئا؟ كم رمضانا أدركت وما صلح حالك ولا استقام أمرك؟ ثمّ اسأل نفسك: كم رمضانا يلزمك لتستقيم على طاعة الله وتصلح حالك؟

صمتَ 20 أو 30 رمضانا أو أكثر، فهل تذكر متى كان أفضل رمضان صمته؟ ليس بالنّظر إلى المآكل والمشارب والأطباق التي كانت معدتك مستقرا لها، لكن بالنّظر إلى العبادات والطّاعات التي كان لروحك نصيب منها؟ متى كان رمضان الذي أحسست فيه بخشوع روحك ورقة قلبك؟ متى كان رمضان الذي بكيت فيه على ذنبك ودعوت الله بكلّ صدق أن يهديك ويعينك على نفسك ويتوب عليك؟ هل تريد أن يعود رمضان ذاك مرّة أخرى؟

أخي المؤمن.. إياك أن يكون رمضان هذا العام مثل رمضان العام الماضي أو أسوأ.. أنت في كلّ عام تزداد قربا من قبرك، ولا تدري متى ترحل إلى غير رجعة، فينبغي أن يكون رمضان كلّ عام أفضل من رمضان العام الذي قبله.. تذكّر أخطاءك التي ارتكبتها في رمضان العام الماضي؛ تذكّر الأوقات التي ضيّعتها، وتذكّر التراويح التي تركتها لأجل لغو مواقع التواصل أو لأجل السّهر في المقهى، وتذكّر القرآن الذي لم تختمه ولو مرّة واحدة؟ تذكّر صلاة الفجر التي لطالما نمت عنها وصلّيتها في وقت الضّحى أو بعد منتصف النّهار، تذكّر البرامج التي انشغلت بها عن التبكير للتّراويح.. تذكّر كلّ أخطائك واعقد العزم على أن تصحّحها هذا العام، ليكون رمضان هذا العام خيرا وأفضل من رمضان العام الماضي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!