-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب بوسيدون وأثينا!

أماني أريس
  • 7850
  • 12
حرب بوسيدون وأثينا!
ح.م

ذات يوم بعيد؛ استيقظ سكان العاصمة اليونانية على وجود شجرة زيتون بجوارها نبع عذب في وسط مدينتهم، وعندما ذهبوا إلى كهنة دلفي (معبد النبوءات) لتأويل ذلك، أخبروهم أن الوقت قد حان لاختيار اسم للمدينة، ولن يكون غير “بوسيدون” أو “أثينا” وهما ابني زيوس! وبعد عملية اقتراع لسكان المدينة اختاروا اسم أثينا، فقرّر بوسيدون الإنتقام من أخته وجميع النساء، بتأليب الرجال ضدّهن، وكانت تلك الشرارة الأولى لحروب النّدية بين الجنسين!

هذه القصة وإن كانت مجرّد أسطورة، فهي تحمل جزءا من الصواب نشهده يوميا على شكل حروب فكرية تدور رحاها بين الجنسين، أو بين المؤدلجين بصفة عامة، وبسلاح تبادل الاتهامات يتعب فيها الكلام من الكلام، وتبقى دار لقمان على حالها، وتظل نفس المشاكل تراوح مكانها، بل وتتعاظم دون حل أو حتّى فكرة نورانية قيّمة تسطع على جليد التعصب فتذيبه، وتفتح نافذة تطل عن آفاق مشرقة، لرؤى نافذة إلى جذورها.

فالمرأة تعتبر الرجل وحده سبب تعاستها، وحجرة العثرة في طريق ارتقائها، وبالمقابل يعتقد الرجل أن المرأة سبب انتكاسة العالم، وكوارث الطبيعة، وعدوه الذي يريد أن يسلب منه أحقية الزعامة والقوامة، وهي كلها رؤى تعبر عن واجهة جزء من الواقع ولا ترى خلفياته.

والنظرة الأعمق والأشمل – أراها – قد عبّر عنها بأستاذية المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي لا ينفي وجود مشاكل ومظالم، لكنّه لا يسطّح القضية في التجزيء وتأليب طرف ضد طرف آخر، إنما يعتبرها مشكلة اسمها “الإنسان” بشقّيه الرجل والمرأة، ويقول بن نبي “إذا كان الرجل والمرأة يكونان فردين من الناحية العددية، فهما يكونان فردا واحدا من الناحية الاجتماعية لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ..} أي رجل + امرأة = نفس واحدة (وهي الإنسان). فإذا قررنا وسلمنا أن هناك مشكلة تسمى المرأة، يجب أيضا أن نقرر- من باب المنطق- أن هناك مشكلة أمامها تسمى مشكلة الرجل، وحينئد نقول أيها الرجال اتحدوا، كما قلنا أيها النساء اتحدن، ضد من؟ لسنا ندري!”.

وكحل يقترح بن نبي ضرورة مراجعة الفكرة لا في ضوء الحضارة الغربية التي سوقت لنا هذا الصراع في ترسانة قوانين ومصطلحات، ولكن في ضوء القوانين والسنن الإلهية التي تتصرف في مصير المجتمعات الإنسانية حتى المجتمع الغربي نفسه لا المجتمع الإسلامي فقط.

 بناء على كلام بن نبي نبقى ننشد ذلك الوعي الذي يخرجنا من الصراع المستهلك بين الرجل والمرأة، ونجد من يتعامل مع القضايا العادلة لأي طرف بالتفكير في المصلحة العامّة للمجتمع ككل حاضرا ومستقبلا، ويتجاوز أنانية التفكير في المصالح الفردية الضيقة، والنزعات الذاتية التي يعزف على وترها كل الانتهازيين!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • بدون اسم

    قد ضرب الله تعالى ببعض النساء التقيات المثل , وجعلهن قدوات للرجال والنساء في الصلاح والتقوى , قال تعالى : وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) سورة التحريم

  • بدون اسم

    وكذلك كانت المساواة في العمل وفي الجزاء عليه:قال تعالي: " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) سورة آل عمران .

  • بدون اسم

    حينما جاء الإسلام جعل النساء شقائق الرجال وساوي بينهما في إخوة النسب البشري: قال تعالي : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) سورة الحجرات .

  • بدون اسم

    لقد اهتم الإسلام بالمرأة اهتماماً بالغاً وعظيماً فأحاطها بكل سبل التربية والرعاية وشرع لها من الحقوق ما يلائم تكوينها وفطرتها ما لم تعهده أمة من الأمم علي مر العصور لمرأة كما هو معلوم
    تشكل نصف المجتمع من حيث العدد فإذا وضعناً في اعتبارناً أنها تلد النصف الآخر علمناً أهميتها البالغة ودورها العظيم في بناء المجتمع المسلم فالمرأة قبل الإسلام لم تكن محل اعتبار لدي الرجل إما لجحود إنسانيتها وتجريدها منها البتة وإما لإحساسهم بأن مهمات الحياة لا تقتضي دورها .

  • Anaya

    الصراع على أشده بين الرجل والمرأة في المجتمعات العربية والإسلامية فقط! نقولها صراحة وهوراجع لعقلية العربي و المسلم مع أننا نقرأ كلام الله و نؤمن به! يقول تعالى:
    " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"
    خلق الله الرجل للمرأة و المرأة للرجل كلاهما سكن و سكينة للآخر
    عندما يفهم العرب أن الرجل يُكمِّل المرأة و المرأة تُكمِّل الرجل ربما ينتهي هذا الصراع !

  • بدون اسم

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)

  • الونشريسي

    اشكرك ايما شكر..لتذكير بذالك المفكر.العظيم*مالك بن نبي*وتاريح الامم القديمة..
    وهدا لعمري ينبع من فكر ثاقب......اتمنى تكثري من نشر مثل هذة المواضيع.....اخوك في الله والوطن والعروبة. الونشريسي

  • يوسف

    ..تابع...الشمس الساطع في كبد السمــاء و متكئًا على عصا من الخيزران ينظر متعجبًا و متأملاً أمر شاحنة الإطفاء كما كنّا جميعًا صامتين و مندهشين أمام المنظر المحير . . دقائق معدودة التهمت النيران وسيــلة الإطفاء و هي في طريقها لإخماد الحرائق !.
    وقـــفَ الشيخُ على استقامتِه رافعًا يدهُ اليُمنى حاملاً بها عصاه أعلى منه قائــــلاً و مــردّدًا : يا الله يا لطيــف يا الله يا لطيــف
    " الكـــاميـــو " الّذي عوّدَنا على إطفـــــاء النّــــــــار شعلـــــتْ فيه النــــار.........يالطيف يالطيف ! ؟ .

  • يوسف

    ...تابع... و مزعجًا تارةً أخرى لفسح الطريق لعلّها تصلُ إلى عين الحريق في أقصر وقت وجيز . فجأة بعد ثواني توقفت
    الشاحنة و هرع رجال الإسعاف نازلين بسرعة البرق و حركات الجند هاربين من قوة الدّخان المنبعث من أسفل مقاعد الجلوس
    و مقرِّ المحرك ، لحظات اشتعل و ظهر لهيب النّار يتصاعد نحو الأعلى أمواجًا متتاليةو متراكمة .
    فوقف المارّة من الجمهور جميعا يشاهدون المشهد صدفةً جاورني شيخ هرم السن مرتديًا برنوسًا أزرق اللون أقرب إلى لون النيل السماوي و عمامة بيضاء بياض الثلج الناصع على فروة الهضبة تحت شعاع

  • يوسف

    ... تابع..الاختصاص و نخرج من عندهم خائبين ، فلا إتصال و لاإتصالات في يفاعة تكنولوجيا المواصلات و الأتصالات....
    مِمّا أتذكّره و بقى نقشُه في ذاكرتي أنّه ذات يوم مِن أيام سنة (1995م) و أنا أمشي بشارع ممرات 14 فبراير الفاصل بين
    الملعب القديم و مقرّ إتحاد الهمّال بمدينة قدم الجبل ، الفصل بداية الربيع و الجو جميل جمالَ فصلِه ، سمعتُ صوت إنذارقوي
    جرسي لشاحنة الحماية المدنية من ورائي بعيدة عني فراودَ ذهني شعورًا أن حريقًا ما وقع بإحدى محلات المدينة ، مرتْ الشاحنة بجانبي ثمَّ تقدمت أمامي بصوت منبّهًا

  • يوسف

    موضوع جيد في جودته وثري أثرته " الكاتبة الأديبة " عندما ذهبت إلى روضة المفكر الجزائري " مالك بن نبي " .
    الأفكار الجزئية واضحة وصولاً إلى الهدف المبتغى و قد زادته الصورة رونقًا وجمالاً و الصورة أغنى عن أي
    تعبير كما يقال .
    هناك مسائل سلوكية و تصرفات أشخاص ( رجل أو امرأة ) تفتقر لخصوصية الزمن و موقع المكان فتجعل المتمعن أحيانًا
    محتارًا و الحليـــم حيران ، قلّة الحكمة وغياب المهارات الفردية و الجمعية الاجتماعية تضع الشخص متورّطًا و متلبسًا
    يحكم قانون الوجود ، فكثيرهي الحالات التي نقصدُ فيها أهل

  • بدون اسم

    تشكرين يا أمونة على أختيار الفكرة المحورية للموضوع وطريقة الطرح والأسلوب ، لكن مع ذلك يبقى الصراع بين المنطق والخيال قائما .