-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حصاد المخدّرات (1/ 2)

سلطان بركاني
  • 489
  • 0
حصاد المخدّرات (1/ 2)

بلاء عظيم يعيشه كثير من شباب هذه الأمّة؛ أفسد عليهم دينهم ودنياهم، وجعلهم يعيشون على هامش الحياة من دون وجهة ولا هدف، ومن دون غاية سوى متعة اللّحظة التي يعيشونها، شعار الواحد منهم: “أحيني اليوم واقتلني غدا”.. فرّوا من مرارة الواقع، إلى واقع أكثر مرارة.. شباب فقدوا الأمل ففضّلوا الاستغناء عن عقولهم فرارا من مواجهة البطالة ومشاقّ الحياة، فما ازدادت حالهم إلاّ سوءًا.. الإحصاءات تشير إلى أنّ عدد حالات الانتحار في بلدنا الجزائر تجاوز 1500 حالة كلّ عام، أمّا محاولات الانتحار فهي بالآلاف، أغلبها بسبب بلاء المخدّرات الذي حلّ ببعض شبابنا.
إحصاءات الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان تشير إلى أنّ هناك أكثر من 3 ملايين جزائري يستهلكون ويتعاطون المخدرات، بينهم 3 % نساء.. هؤلاء الذين تمّ إحصاؤهم، كيف بمن لم يحصوا؟! عدد الأقراص المهلوسة التي يتمّ ضبطها وصل 10 ملايين قرص سنويا، إضافة إلى عشرات القناطير من الهيروين!
أصبحت تجارة المخدّرات حرفة لآلاف الشّباب، يبيعونها جهارا نهارا في أماكن معلومة؛ لا يستحون ولا يستخفون، ولا أحد ينكر عليهم! ما عاد النّاس يأمنون على أنفسهم ولا على أبنائهم ولا على أموالهم ولا على بيوتهم، أمام شباب المخدّرات.. المجتمع كلّه يدفع فاتورة سكوته والفاتورة تزداد فداحة عاما بعد عام. وقد صدق النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينما قال: “لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم، فليسومُنكم سوء العذاب، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليبعثن الله عليكم من لا يرحم صغيركم، ولا يوقر كبيركم”.
لكن، على الرّغم من فداحة وشناعة ما يفعله الشّباب الذين وقعوا في مستنقع الخمور والمخدّرات بأنفسهم ومجتمعهم، إلا إنّنا ينبغي أن ننظر إلى هؤلاء الشّباب على أنّهم ضحايا واقع منكوس تعيشه أمّة الإسلام، وضحايا أسر استقال فيها الأولياء عن أداء الأمانة التي اؤتمنوا عليها.. ينبغي أن نرحم هؤلاء الشّباب الذين أغواهم الشّيطان بسلوك طريق الخمور والمخدّرات، وتتألّم قلوبنا لحالهم، ويقدّم كلّ منّا أقصى ما يستطيع تقديمه لإنقاذهم من المصير المشؤوم الذي يتّجهون إليه، وانتشالهم من المستنقع الآسن الذي يسبحون فيه.. إنّهم وإن كانوا يضحكون ويقهقهون إلا أنّ قلوبهم تبكي وتنتحب.. كثير منهم يتمنّون أن يجدوا أيادٍ حانية تنتشلهم ممّا هم فيه.. لقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه بسبب اليأس، وهم ينتظرون من يعيد إليهم الأمل، ويعينهم على أنفسهم.
ما من شابّ وقع في مستنقع الخمور والمخدّرات إلا وهو يتمنّى أن يعود إليه الأمل ويخرج من هذا المستنقع ويتوب ويصلح حياته قبل أن يرحل عن هذه الدّنيا كما رحل أولئك الذين أوغلوا في طريق الغفلة والغواية والأوحال، حتى لقوا الله -جلّ وعلا- على أسوأ الأحوال.
كثيرا من الشّباب الذين أصرّوا على تعاطي الخمور والمخدّرات، قادهم الشّيطان إلى عظائم الأمور وكبائر الموبقات؛ قاد بعضهم إلى بيع أعراضهم لأجل الحصول على الخمور والمخدّرات، وسوّل لبعضهم السّرقة لأجل الحصول على ثمن تلك المهلكات.. بل إنّ هذه السّموم قادت كثيرا من الشّباب إلى خسارة والديهم، بل إنّ الأمر قد وصل ببعض الشّباب إلى قتل والديهم بسبب الخمور والمخدّرات!
نهايات مؤسفة تسيل لها دماء القلوب قبل دموع العيون، تحمل الصّحف تفاصيلها كلّ يوم، لشباب ارتكبوا أفظع الجرائم بسبب هذه السّموم.. فمن ذا الذي يرضى هذا الواقع ويقبل بهذه الحال لشباب أمّة الإسلام؟
هذا البلاء لم يعد مقتصرا على الشباب ضحايا التسرّب المدرسيّ، بل قد ثبت أنّ 20 % من شباب الثانويات والجامعات يتعاطون المخدّرات.. شباب يخدعون ويقال لهم إنّ هناك دواءً ينشّط الذّاكرة ويساعد على المراجعة، فيجرّبونه، فيشعرون بنشوة وشعور يعجبهم، يكرّرون التجربة مرّتين وثلاثا، وهكذا حتى يجدوا أنفسهم أدمنوا تلك الحبوب، فإذا أراد الواحد منهم أن يقلع عنها شعر بأعراض غريبة وآلام لا يستطيع احتمالها، فيبحث عن الدّواء بكلّ الطّرق، ويبذل في سبيله كلّ ما يملك، وهكذا حتّى يجد نفسه مدمنا لذلك الوباء، ويجد نفسه قد ترك دراسته، وأصبح عصبي المزاج يغضب لأتفه الأسباب، ويدخل في خصومات مع أصدقائه ووالديه بسبب تلك الحبوب…
يتبع بإذن الله…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!