-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حصاد المخدّرات (2/ 2)

سلطان بركاني
  • 336
  • 0
حصاد المخدّرات (2/ 2)

لعلّ أهمّ خطوة على طريق محاصرة وباء المخدّرات؛ أن تُحدّد المسؤوليات، ويتحمّل كلّ مسؤول مسؤوليته في الدّنيا قبل الآخرة.. الشّباب الذين يجنحون إلى هذا العالم الموبوء يتحمّلون المسؤولية الأكبر، لكنّ هناك أكثر من جهة تتحمّل مسؤوليات لا تقلّ خطورة عن مسؤولية الضحايا؛ فالجهات المنوط بها مكافحة الظّاهرة مسؤولة، والأولياء مسؤولون، وأئمّة وشباب المساجد مسؤولون كذلك.

الجهات المنوط بها مكافحة تعاطي المخدّرات ومحاربة الاتّجار بها، مسؤولةٌ مسؤوليةً عظيمة وخطيرة، وأيّ تقاعس أو تهاون من قِبل أفرادها، من شأنه أن يوصل المجتمع إلى بلاء عظيم.. لذلك نخاطب المسؤولين الذين لا يؤدّون واجبهم ويتساهلون مع مروّجي المخدّرات وربّما يتعاون بعضهم مع مروّجيها ويغطّي عليهم: اتقوا الله فإنّكم والله لموقوفون بين يدي الله ومسؤولون عن الأمانة التي خنتموها وضيّعتموها.. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون﴾.. إن لم تتوبوا إلى الله فإنّكم -والله- ستحشرون يوم القيامة وجوهكم سوداء، وعلى مؤخّرة كلّ واحد منكم راية تكتب عليها غدرته؛ يكتب عليها أنّه ساهم في ترويج المخدّرات بدلا من محاربتها، وتغاضى عن المتاجرين بها بدلا من أن يوقفهم، بل ربّما كان يحذّرهم من المداهمات، مقابل عرض من الدّنيا قليل.. هناك في كلّ مدينة أماكن معروفة يرتادها تجار المخدرات لترويج السّموم، الكلّ يعلمها، لكنّ الكلّ ساكت إلا من رحم الله.. الكلّ ينظر ويتفرّج ويهمهم بين شفتيه.

وأنتم أيها الآباء ويا أيتها الأمّهات.. هل تعلمون أنّ أوّل سبب لانتشار ظاهرة تعاطي الخمور والمخدّرات هو استقالة الآباء والأمّهات عن مسؤوليتهم في تربية أبنائهم تربية إسلامية حقيقيّة مبنيّة على استشعار رقابة الله في كلّ حين وكلّ آن.. سؤال مهمّ أصبح لزاما على كلّ أمّ وعلى كلّ أب أن يطرحه على نفسه: من يربّي أبنائي؟ بمن يقتدون؟ من يصاحبون؟ حاولي أيّتها الأمّ وحاول أيّها الأب أن تجيب عن هذه الأسئلة بينك وبين نفسك.. لعلّك إن كنت صادقا أيّها الأب ستجد أنّك كنت السّبب في انحراف أبنائك وأنت الآن تشكو حالهم إلى كلّ النّاس.. كنت تنهاهم عن التّدخين، والسيجارة لا تكاد تفارق شفتيك!!! تنهاهم عن التدخين وتبعث بهم ليشتروا لك السّجائر!!! لا تسأل عن جلسائهم وأصحابهم وكأنّك لا تعلم أنّ الصّاحب ساحب.. بدل أن تخوّفهم بالله وغضبه وعذابه كنت تخوّفهم من عقوبتك أنت فصاروا يستخفون منك ولا يستخفون من الله.. لقد صار كأنّه لا يعنيك أن يسهر أبناؤك خارج البيت لساعات متأخرة ولا يعنيك أين يقضون أوقاتهم!!! أما تخشى الله أيّها الأب؟ أما تخافين الله أيّتها الأمّ؟ أما سمعتما قول الله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون))؟ إنّ بداية الانحراف كثيرا ما تكون صديق سوء يعرض على صديقه قرصا مخدّرا على أنّه دواء منشّط، فتبدأ رحلة الشّقاء بقرص يجرَّب، ثمّ تتوالى الأقراص حتى يصل الضحيّة إلى الإدمان.. فيا أيّها الآباء اتّقوا الله في أبنائكم وامنعوهم التّدخين.. امنعوهم رفقاء السّوء.. وحذّروهم أشدّ التّحذير من الفضول ومسايرة رفقاء السّوء في تجربة الأقراص المدمّرة.. خذوا بأيديهم إلى المساجد للبحث عن الرّفقة الصّالحة.

وأنتم يا أئمّة المساجد.. كثّفوا من حملات التوعية، تحدّثوا بلغة الأرقام، واعرضوا الحصاد المرّ أمام الشّباب والأولياء.. انزلوا إلى المدارس ومراكز التكوين، وأماكن تجمّع الشّباب، وخاطبوهم بكلّ رحمة، وافتحوا لهم أبواب الأمل، وادعوهم للانضمام إلى أسرة المساجد، واعرضوا لهم البديل.. وأنتم شباب المساجد؛ يا من أنعم الله عليكم وهداكم لتكونوا من رواد بيوته.. انظروا إلى الشّباب الذين وقعوا ضحية للخمور والمخدّرات بعين الرّحمة والشّفقة.. نعم إنّ تعاطي الخمور والمخدّرات موبقة من أعظم الموبقات وكبيرة من أهلك وأوبق الكبائر.. لكن ليس لنا من بديل في ظلّ الواقع الذي نعيشه إلا أن نسعى في إنقاذ هؤلاء الشّباب.. كم نتمنّى لشباب المساجد أن يفكّروا ويتعاونوا وتكون لهم خرجات تواصل مع شباب المخدّرات.. وإن لم يكن التّواصل في الواقع فعلى الأقلّ على مواقع التواصل.. ينبغي لشباب المساجد أن يحملوا الهمّ ويجتهدوا في إيجاد وسائل تواصل مع شبابنا التائهين.. ابحثوا -يا شباب- عن صفحات الشّباب التّائهين على مواقع التواصل وراسلوهم، وابعثوا إليهم بالمقاطع والصّور والكلمات المؤثّرة.. ولا تيأسوا أبدا من هدايتهم، فإنّ الله الذي يهدي النّصارى والملحدين إلى دين الإسلام قادر على أن يهدي العصاة من إخوانكم الشباب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!