-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مؤرخ فرنسي يحاكم النظريات الاستعمارية

حصر احتلال الجزائر في “حرب التحرير” يقدم قراءة خاطئة

محمد مسلم
  • 735
  • 0
حصر احتلال الجزائر في “حرب التحرير” يقدم قراءة خاطئة
أرشيف

يعتقد المؤرخ الفرنسي، ألان روسيو، أن عدم فهم الكثيرين للحالة الاستعمارية في الجزائر، إنما سببه محاولة قراء تاريخ 132 سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، من خلال سنوات الثورة التحريرية، التي انطلقت في الفاتح من نوفمبر 1954، وتكللت في سنة 1962 بطرد جيش الاحتلال الفرنسي.
يقول ألان روسيو: “أولئك الذين يُرجعون، عمدا أو عن جهل، تاريخ حرب الجزائر إلى الأول من نوفمبر 1954، لا يستطيعون فهم أي شيء عن هذا الحدث الكبير. لقد كانت هذه الانتفاضة بمثابة النتيجة المنطقية والحتمية لـ 132 عام من سلب الأراضي والقمع والعنصرية. ولذلك اعتقدت أنه لا بد من العودة إلى اليوم الأول للغزو… وحتى قبل ذلك، لأن خطط الإنزال كانت موجودة بالفعل في ذهن نابليون بونابرت، قبل أن ينقل عدوانيته إلى أوروبا”.
وعن المبررات الرئيسية للغزو الفرنسي للجزائر، لم يخف المؤرخ في حوار على موقع “ميديا بار”، المبرر الديني، ويقول في هذا الصدد: “هناك في الواقع مصدران لهذه الفكرة. الأول، عمره قرون، ذو جوهر مسيحي. كان على فرنسا، “الابنة الكبرى للكنيسة”، أن تجلب “أنوار” “الدين الحق” إلى جميع البلدان التي تم تجاهلها أو محاربتها”.
ويضيف: “من الواضح أن أراضي الإسلام كانت الأهداف الأولى. عندما شرعت فرنسا في عام 1830، وهي كاثوليكية للغاية وحتى تقليدية، في مهاجمة الجزائر، رأت في نفسها استمرارا للصليبيين. ولكن هناك دافع آخر، أحدث بكثير: يعود مصدره إلى القرن السابع عشر، بل وأكثر من ذلك في القرن الثامن عشر: فرنسا، حاملة العقل، تعتقد أنها يجب أن تشاركها (الجزائر) في التنوير”.
غير أنه ورغم قوة جيش الاحتلال الذي وصل تعداده في السنوات الأولى إلى ما يناهز الـ100 ألف جندي، إلا أن المقاومة الجزائرية استمرت على مدار 15 سنة بدون هوادة في شكل حرب عصابات، قادها كل من الأمير عبد القادر في الغرب، وأحمد باي في قسنطينة بشرق البلاد، يقول المؤرخ، ولم تكن هذه المقاومة لتستمر لولا احتضانها من قبل الشعب الجزائري.
ورغم المقاومة التي واجهت جيش الاحتلال في سنواته الأولى، يقول المؤرخ، أعلن لويس فيليب في عام 1841، أن “الجزائر، أرض فرنسية إلى الأبد”، وقد تمسك من بعده قادة فرنسا من الجمهوريين كانوا أو الاشتراكيين بالمشروع الاستعماري، الذي كان مشروعا استغلاليا، أتى على مقدرات الشعب الجزائري وتركه يعيش في الفقر والأمراض القاتلة.
وقد أدى هذا إلى هلاك الملايين من السكان الجزائريين في ذلك الوقت. فقد كان هناك ما بين 3 إلى 4 ملايين جزائري في عام 1830، مستشهدا بنحو 500 ألف حالة وفاة بين السكان الجزائريين في الفترة 1830-1852، وهي نسبة ضخمة، تتراوح بين 12 و15 بالمائة من السكان، كانوا في الغالب من المدنيين، الذين ماتوا جوعًا بعد الغارات أو الأمراض، كما ماتوا أثناء الحملات العقابية.
أما عن المستفيد من احتلال فرنسا للجزائر، فيقول المؤرخ: “الاستعمار لم ينفع فرنسا.. فرنسا لم تستفد من 132 عام من الاستعمار؟ وهذا لا يزال يتعين إثباته”. لكن الأمر المؤكد هو أن “بعض الفرنسيين”، وحتى “العديد من الفرنسيين” قد اغتنوا من خلال استغلال “السكان الأصليين”، الذين كانوا يعملون مقابل أجور زهيدة، والذين سكنوا مدن الصفيح عندما كان “الفرنسيون المتوسطون” يعيشون في شقق”.
ويضيف: “لقد استفادت الطبقات الحاكمة والبرجوازية والمستعمرات الكبيرة بالفعل من الاستغلال الاستعماري. وبعد ذلك، ورغم إنهاء الاستعمار، احتفظ الغرب بالسيطرة على الثروة أو حاول الحفاظ عليها (الاستعمار الجديد، فرنسا ـ إفريقيا، وما إلى ذلك). لكن هذه قصة أخرى”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!