حـزب اللـه: هـذا العـدو لا يفهـم الا لغـة السـلاح والمقاومـة
حـزب اللـه: هـذا العـدو لا يفهـم الا لغـة السـلاح والمقاومـةمع أذان المغرب من يوم الإثنين، قررت إسرائيل أن ترتكب إحدى أشنع مجازرها، فقصدت حيا مكتضا بالسكان واللاجئين، كان طيلة أيام الحرب آمنا، وضربت بعنف وهمجية في حي الشياح الواقع في الضاحية الجنوبية وهدمت أربع عمارات فوق رؤوس أصحابها، بعثة “الشروق اليومي” إنتقلت فور وقوع المجزرة إلى المستشفيات وعاينت وتابعت عمليات إنقاذ الجرحى، كما انتقلت إلى موقع المجزرة ووقفت على هول الكارثة التي فاقت في حجمها مجزرة قانا.
هـدم أربــع بنـايـات عـلى رؤوس سـاكنـها والحصيــلة المــؤقتــة 25 شـهيــدا وأكــثر من 50 جــريـــحا بعثة “الشروق اليومي” إلى بيروت: رشيد ولد بوسيافة والطاهر حليسي
كان عنف الضربة وقربها ينبئ بأنها خارج المربع الأمني الذي اعتادت إسرائيل قصفه كلما أرادت إبلاغ رسالة معينة، إسرائيل ضربت المربع الأمني بعد كل خطابات نصر الله وضربته بعد كل عملية جريئة يقوم بها حزب الله في العمق الإسرائيلي، ولم يكن أحد يتصور أن صواريخها ستطال منطقة آهلة بالسكان والنازحين ولكنها فعلت، ضربة موجعة ذهب ضحيتها نساء وأطفال وشيوخ كالعادة، ورد قوي على اجتماع وزراء الخارجية العرب الذين التقوا في بيروت وعجزوا ـ بل خافوا ـ أن يقولوا كلمة شكر للمقاومة، ومع ذلك ردت عليهم إسرائيل، ربما لأنهم تحدوا جبنهم وسلبيتهم وساندوا خطة السنيورة التي لا ترضى عنها إسرائيل.
الحجر يقتل فما بالك بالصواريخ
لم يجد زكي ابن الضاحية الجنوبية ما يعبر به عن هول ما حدث إلا بالقول “إن الحي كان مكتضا باللاجئين، وكان إسرائيل يكفيها أن ترمي حجرا على الحي حتى توقع القتلى والجرحى فما بالك بالصواريخ”، لقد أدى خبث إسرائيل إلى استهداف حي لم تحذر ساكنيه من قبل، كما فعلت مع أربعة أحياء من الضاحية، حذرتها ولم تقصفها، ربما كانت تريد تجميع أكبر عدد من المدنيين في الشياح لتدفنهم أحياء كما فعلت في قرى ومدن الجنوب.
بعثة “الشروق اليومي” قصدت حي الشياح، حيث كان البحث لا زال جاريا عن الضحايا الذين كانوا تحت الأنقاض، وكان يجري تجريف مواقع العمارات الأربع المهدمة التي تحولت إلى حفر، وقد قال لنا أبناء الحي إن ملاجئ عديدة كانت تحت العمارات المهدمة وكانت مكتضة بالنازحين، وهي معطيات قد ترفع عدد الضحايا إلى العشرات، وقد تكون أكبر مجزرة ترتكبها إسرائيل.
وفي موقع الجريمة كانت الأجواء مشحونة جدا، أهالي الضحايا يتطلعون إلى ما تخرجه الجرافة من تحت الأنقاض، والكثير من شباب الحي فقدوا توازنهم تماما ودخلوا في حركات هستيرية، بسبب هول الفاجعة وهول التدمير وبسبب جهلهم حتى بعدد الذين لا زالوا تحت الأنقاض، وفي وسط كل ذلك المشهد المروع كانت الحاجة زينب تنوح بكاء على أفراد عائلتها الذين ردمتهم الهمجية الإسرائيلية وتطلق دعاء المظلوم على مجرمي الحرب من المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، وبينما كانت “الشروق اليومي” تواسيها في محنتها، رفعت أيديها إلى السماء وقالت “ربي فرجيني يوما أسود في إسرائيل”.
دخلنا بين ركام البنايات وسط تحذيرات الدفاع المدني، لأن بناية مجاورة كانت مرشحة للسقوط، وكانت الجرافة تحفر في مكان بعمق خمسة أمتار بحثا عن الملجأ الذي كان يضم عددا غير معروف من الشهداء وكانت روائح غريبة تخرج من المكان مع بعض الدخان، وهي إشارة على أن لا أحد يمكن استخراجه على قيد الحياة وربما استعملت إسرائيل في هذا القصف أسلحة خاصة كما فعلت في العديد من المرات السابقة.
كان هناك الكثير من الصحفيين والكثير من قوات الدفاع المدني ومن أبناء الحي في المكان الذي عج كذلك بأهالي الضحايا، وبين كل تلك الفوضى تقربت “الشروق اليومي” من نائب في مجلس النواب اللبناني ينتمي إلى حزب الله، وهو السيد علي عمار، وطلبت منه التعليق على المجزرة فقال “هذا وجه من وجوه الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي في ارتكاب المجازر البشعة، وهذه سياسة ممتدة من العراق إلى غزة إلى أفغانستان إلى بيروت… ونحن أمام هذه السياسة نقول كلمة واحدة وصريحة، هي أن اللغة الوحيدة التي تناسب هذا العدو هي لغة السلاح والمقاومة”.
سباق مع الزمن لإنقاذ الجرحى
في مستشفى رفيق الحريري الذي زارته “الشروق اليومي” لحظات بعد وقوع المجزرة، كانت الأوضاع أكثر مأساوية دفعات من الجرحى والشهداء تصل بشكل متتابع، وحالة استنفار قسوى في قسم الطوارئ، الطواقم الطبية تسابق الزمن لإنقاذ الجرحى في رواق قسم الطوارئ الذي قسم إلى حجرات صغيرة بقماش سميك، وفي كل حجرة يقوم طاقم طبي لا يقل عن ستة أطباء وممرضين بإنقاذ الجرحى، وتابعت “الشروق اليومي” العملية، وقد تمكن الأطباء من إنقاذ البعض بينما تم تغطية البعض الآخر بالبياض ونقلوا أمامنا إلى قسم التبريد.
وأمام قسم الطوارئ كانت هناك عائلات لا تعلم شيئا عن وضعية ذويها، وهي في حالة ذهول، البعض منهم لم يستطع النطق بكلمة واحدة، والبعض الآخر إستجمع قواه وحدثنا عن المذبحة، قالوا إننا لم نكن نعلم أن الحي الذي كنا نسكنه سيكون هدفا لصواريخ إسرائيل، ومن بين الذين تحدثنا إليهم شابة متزوجة اسمها سماح، قالت إنها لا تعرف شيئا عن حالة زوجها الذي كان الأطباء يسعفونه، كان الغبار يغطي ثيابها ووجهها مع بعض الجروح الطفيفة، سماح نجت بأعجوبة من القصف، حيث انهار البناء وهي رفقة عائلتها بالداخل.
إسرائيل تستعجل الحل السياسي بالمذابح
المذبحة الجديدة في الضاحية الجنوبية وفي مناطق أخرى في الجنوب والشمال، فسرها اللبنانيون الذين تحدثنا إليهم بالقول، إن إسرائيل أصبحت غير قادرة على مواصلة المعركة على الأرض، لذلك تسارع إلى قتل المدنيين بطريقة هستيرية لتشكل ضغطا على حزب الله وعلى الحكومة اللبنانية للقبول بالتسويات التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، هذه التسوية لا زال حزب الله يرفضها كما ترفضها الحكومة اللبنانية.
كما يفسر اللبنانيون إستغراق إسرائيل في المذابح ضد المدنيين بالضربات الموجعة التي توجهها المقاومة اللبنانية في العمق الإسرائيلي، خصوصا وأن هذه الضربات تستهدف الجنود الإسرائيليين، مما شكل حرجا للحكومة الإسرائيلية في الداخل والخارج، يضاف إلى ذلك فشل الجيش الإسرائيلي في عمليتي الإنزال في بعلبك وصور وانهزامه في المواجهات البرية، وهي كلها نكسات غطت عليها إسرائيل بالمذابح في أوساط المدنيين.