-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حلم ماسياس وأحلام ملايين الفلسطينيين

حلم ماسياس وأحلام ملايين الفلسطينيين

يختار المغني اليهودي أنريكو ماسياس، التوقيت بدقة، كلما تحدّث عن حلم عودته إلى مسقط رأسه مدينة قسنطينة في شرق الجزائر، ويختار أيضا وسيلة الإعلام بدقة، فقد تحدّث للقناة البرلمانية الفرنسية، وليس لقناة فنية أو ثقافية أو حتى اجتماعية.

وفي الوقت الذي وُضعت أول بذور تجريم الاستعمار الفرنسي في البرلمان الجزائري، اتجهت قناة البرلمان الفرنسي، إلى مطرب قارب التسعين من العمر، لأجل أن تفتح له باب الخوض في عدم تمكُّنه من زيارة الجزائر التي صارت حلمه الأخير قبل أن يودِّع الفن والدنيا.

الرجل بدا “متسامحا” جدا، فهو لا يحمل أي غلّ للذين رفضوا زيارته، و”واثق” جدا من نفسه، لأنه -حسب تخميناته- كل الشعب الجزائري يتمنى زيارته، وبدا متشبّثا جدا بتحقيق هذا الأمل، بل ويظنه جسرا يقرّب فرنسا من الجزائر، في عهد ماكرون الذي قال بشأنه إنه يعرف كل تفاصيل مشروع الحلم أو حلم المشروع.

ماسياس الذي دافع عن الأقدام السوداء، تفادى الحديث عن الألم الفلسطيني وهو الذي كان دائما يستغل مثل هذه الأحداث ليدلي بدلوه، الذي لا يختلف عن دلاء بنيامين نتنياهو وشامير وشارون وغولدا مايير وصديقه أولمرت.

تناغم الصحافي المحاور لأنريكو ماسياس مع أحلامه وردود الناس، تعاطفوا مع المغني “المسكين” وتسميته في عناوين الصحف والمواقع الفرنسية والأوروبية التي نقلت جزءا من الحوار، بـ”اليهودي”، هو دليل على أن المغني البالغ من العمر ست وثمانين سنة، اختار فعلا الزمان والمكان بدقة في آخر “بالون” يطلقه، لعله ينقله إلى الجزائر كما نقل عشرات الآلاف من اليهود وحتى الصهاينة إلى الجار الغربي للجزائر، كما جاء في معظم التعاليق على هذا الحوار الدقيق الذي جمع مغنيا نسيه عالم الغناء وتذكّره البرلمان الفرنسي عبر قناته، في زمن مؤامرة تهجير الفلسطينيين عن أرضهم التي وُلدوا فيها وسقوها بعرق عملهم، ودموع آلامهم، ودماء شهدائهم.

ما يهمّ الجزائريين في الوقت الراهن هو إحباط مؤامرة تهجير أبناء غزة، وإعادة ملايين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وليس زيارة “نوستالجيا” لمغن ندب أمام حائط المبكى في عدة مناسبات ما ندب، وكلّما تذكر بأن كل من عليها فان، باح بحلمه أو شوقه لجسور مدينة قسنطينة.

نعلم جميعا أن المغني الذي غادر قسنطينة ذات استقلال جزائري عن جبروت فرنسا، كان بإمكانه العودة في السنوات الأولى للاستقلال، ولكنه لم يفعل، ويعلم المغني أن الجزائريين لم يكونوا قطّ ضد اليهود ولا دينهم، ولكن اختيارهم التموقع مع المستعمِر في عزّ الثورة، وتلطّخ أيادي الكثير منهم بدماء الجزائريين هو الذي وضعهم في صف الاستعمار، إلا من رحم ربّك، وهؤلاء للأسف عددهم قليلٌ جدا.

ويعلم ماسياس أن الجزائريين يعرفون أغانيه، ومنها أغنية أداها بعد عشر سنوات من الاستقلال، “فرنسا الصبا” أو la France de mon enfance هكذا غنّى ماسياس عن قسنطينة التي اعتبرها “فرنسا الصبا وختمها” بالقول إنها “فرنسا مولده التي نسيها الفرنسيون وعليهم أن يذكروها .. وأن يسترجعوها”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    مع تقدمنا ​​في السن، نحقق تدريجيا أحلام طفولتنا، واحدة تلو الأخرى.