-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حلم ماكرون في اختراق جدار العقل الأمريكي

حلم ماكرون في اختراق جدار العقل الأمريكي

هل تقوى فرنسا على اختراق جدار أمريكا، لاقتسام عمل مشترك معها في”إعادة ابتكار النظام العالمي للقرن الحادي والعشرين”؟
دعوة حملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، معلنا رغبته في “الاستمرار في كتابة التاريخ سوية”، وهو المدرك أن الفكر الأمريكي لا يقبل شريكا له رؤيا تفرض على أصوله، وتغير في قواعده.
آلة “الحصاد الأمريكي” نهمة تأكل كل شيء، متحفزة هي اليوم لابتلاع تراث فرنسا، كما يبتلع الاستهلاكي الفارغ اسم “كنتاكي” دون قيمته الغذائية، ويتلذذ بروائح نكهة “ماك دولي” وهو الضائع في ملاعب “والت دزني”.
من كان يظن أن تراث “فولتير” يتحول إلى أوراق طعام في حوانيت الوجبات السريعة التي اكتسحت عواصم ومدن العالم أجمع، انطلاقا من نيويورك، فبينما ينتصب تمثال “العولمة” شاخصا، يعِدّ حفار القبور العدة لدفن “فولتير” حيا بلا كفن، فهو القادر بعطائه على قطع الطريق الأمريكية لحياة لن يرتضيها البشر.
هل تحيي فرنسا اليوم روح فولتير التي يسعى ماكرون لبث روحها في تمثال الحرية؟!
الإرث الفرنسي رأى طروحات “صاموئيل هنتنغتون” فوقف صامتا إزاء محتواها الذي يثير “تصادم الحضارات”، ويكاد يتناسى أن الإنسانية لا ترتقي إلا بفكر عقلي روحي انفتاحي تكاملي، معاصر مهد له المفكر “سانت اكزييري” في كتابه الشهير “أرض البشر”.
من يرضى أن يرى فرنسا اللاعب المتقهقر في ملاعب السياسة الدولية، لا تغيث من يستغيث بها، وتأبى التحرر من إرثها الاستعماري البغيض، فتطهِّر أدواتها من أجل حياة تليق بمستوى البشر المتآكل بآلة الاضطهاد الأمريكي؟
الإيمان البشري مازال متيقنا بيقظة الضمير الإنساني القادر على تعطيل آلة الاحتكار الأمريكي التي اجتاحت كوكب الأرض فأفرغت العقل من محتواه الفكري، وأغلقت بوجه فرنسا طريق عودتها إلى الملعب الدولي بثمار حاضرها المتآكل، في هول المتغيرات الكونية الكبرى: زيادة التفاوت الطبقي، وتراجع الأرض، وتنامي الإرهاب، والهجمات على القيم الديموقراطية، وصعود النزعات القومية العنصرية.
وهكذا يبدو إيمانويل ماكرون، وكأنه الحالم، ببعث الروح في وجود فرنسي مؤثر، كاد يختفي في قصر الإليزي، ويغرق في فوضى باريس الفاقدة لألقها في عصر راهن.
حلم يتشكل في خطاب، تعالى صداه تحت قبة الكونغرس الأمريكي، يخترق أسماع المحافظين الجدد، في لقاء يكتسب قيمته التاريخية، بوقوف رئيس فرنسي في منبر لم يعتليه من قبل أحد غيره سوى الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، يعد شرفا رفيعا في سجل ماكرون الناشئ.
لكن القوى النازعة لفرض هيمنتها على العالم، جعلت الإنسان في خندق المواجهة الدائم مُمارسا لحقه الإنساني المشروع في انتزاع وجوده الآمن في إطار المكان الذي ولد فيه، ويبعث فيه حركية التواصل مع محيطه الكوني المتنوع، لن تعي قيمة الحلم الملون بألوان كعكة “ماكرون” ولن تفتح له فضاءاته الخيالية، فقد اعترف الرئيس المدلل في حضن المضيف الأمريكي، أنه يقف أمام رئيس لا يغير رأيه بسهولة!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    انت متأثر لدرجة تسلم نفسك لهم بدون مقاومة !!!!!!!!!!
    كم كثر أمثالك في الوطن العربي

  • محمد

    أنت تعرف جيدا أن إيمانويل ماكرون لايؤمن بتاتا بأي تراث فرنسي ولا هوية فرنسية ..فخلفيته معروفة ..ومن يشغلونه كرئيس معروفين ..وهم لايريدون للبشر أن تكون لهم هوية ..سوى أن يكونوا عبيدا لهم في نظام العولمة (التي يعني مسح الحدود واختلافات الهوية والقوانين الوطنية في سبيل هيمنة البنوك والشركات العالمية التي تملكها) .