-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حوار الامتيازات.. وفئران السفينة

حسان زهار
  • 1827
  • 9
حوار الامتيازات.. وفئران السفينة
الشروق أونلاين

الآن يقفز الناس من سفينة المزايدات والتخوين إلى سفينة الحوار. لقد انتهت على ما يبدو الطروحات “العدمية”، وحضر ولو متأخرا العقل مشفوعا بتوابل المنفعة.

هذا جيد.. لكن علينا أن نثبت تقنية الـVAR مع القافزين من السفينة الغارقة، بغرض اللحاق بسفينة الشعب والوطن.. وأن نسأل هل تحرك القوم بناء على قناعات.. أم فقط بحثا عن الامتيازات؟

هل رضخوا أخيرا لصوت الحكمة إيمانا واحتسابا لله والوطن، أم أن أوامر سيد الإيليزيه ماكرون كان لها الوقع الأكبر؟.

لنعيد الشريط قليلا إلى الوراء.. ونشاهد أن بعض الذين بادروا بقبول الحوار اليوم، كانوا بالأمس يرفضون بشدة كل دعوات الحوار، وكانوا يرددون شعارات تخوين المؤسسة العسكرية، وكانوا يقسمون جهد أيمانهم أن الانتخابات لن تتم حتى ولو أنزلوا الدبابات.

من بين القافزين من السفينة التي تغرق، أطراف كانت تتفاخر بالتدخل الأجنبي وتسعى إليه، وأخرى تحرض على الناخبين وتدعو لحرق صناديق الاقتراع، ومنهم من كان يدفع دفعا إلى الاعتداء على الشرطي والصحفي والشيخ والمرأة، فقط لأنهم لم ينخرطوا في لعبة التخوين والسفاهة.

الآن يبدو أن الانتخابات التي تمت مع “العصابات” كما كانوا يتوهمون، قد جعلت من “العصابات” شركاء سياسيين مقبولين، بعد أن اتضح أن موسم الهجرة نحو المكاسب والمغانم قد فتح، وعلى “الشُطار” أن لا يضيعوا فرصة التموقع داخل قطار، تبين أنه انطلق وسار إلى محطته.

والحاصل، أن هؤلاء هم “الفرامجية” الحقيقيون، هم رأس فكرة الكاشيريست التي ظلوا ينددون بها، هم أولئك الذين أكلوا في كل قصعة وضعها بوتفليقة لهم في الماضي، وما تأخروا عنها يوما، وهم الذين شاركوا من قبل في كل الاستحقاقات الانتخابية المزورة، لكنهم انتبهوا أخيرا إلى الحراك الذي فاجأهم، فأرادوا اكتساب عذرية مزيفة بالركوب فوق ظهره، لكن سرعان ما سقطوا مجددا، وقد لاحت في الأفق بوادر مرحلة الامتيازات التي اعتادوها، فتركوا ما حملوه من مبادئ مزيفة، وراحوا يبحثون عن نصيبهم في الكعكة.

سوف لن نسمي هؤلاء، فهم يعرفون أنفسهم جيدا، هؤلاء الذين وصل بهم الحمق في أثناء فورة الحراك الشعبي، إلى درجة مطالبة السلطة بالتفاوض معهم، باعتبارهم ممثلي الشعب الحصريين، والكل يعلم أنه ليس للتفاوض من هدف سوى اقتسام السلطة، وكذلك كانوا يحلمون.

اليوم، سقط الحلم في التفاوض، كما سقط الطمع بالأمس في المرحلة الانتقالية، والحصول على المناصب بالتعيينات، لكن الطمع في الحوار، الذي يبدو أنه يسيل اللعاب، سيكون كبيرا في تعويض كل ما ضاع، وعلى هذا ينتقل البعض من النقيض إلى النقيض، دون حياء أو تأنيب من ضمير.

إن سياسة “ليّ الذراع” التي مارسها البعض، شهورا طويلة، سقطت اليوم سقوطا مدويا، لقد كانوا يقولون إنهم يخشون عودة نظام بوتفليقة، ولذلك رفضوا المشاركة في الانتخابات، فما الذي يمنعنا نحن من القول بأننا أيضا نخاف في عودة الدولة العميقة، ولذلك نرفض أن نشاهدكم في الحوارات.

وإلا كيف قبلتم الآن بمحاورة العصابات كما تقولون؟ هل القضية قضية وطن، أم هي قضية وزارات وسكنات ووظائف في السفارات والقنصليات والمطارات، والشركات الكبرى مثل سوناطراك وغيرها؟.

إن سياسة “الكوطة” التي فطم عليها البعض، لا يمكن أن تستمر اليوم، فقد خرج الشعب أصلا ضد سياسة “المحاصصة” المناطقية، و”المحاصصة” اللغوية، و”المحاصصة” الحزبية، وأصبح من اللازم من الآن فصاعدا، أن تكون المناصب للكفاءات وحدها، بعيدا عن الولاءات، وإلا فإن أول من يخون مبادئ الحراك، هم هؤلاء الذين يدعون تمثيله اليوم.

لذلك نقول، من كان يريد حوارا من أجل الجزائر، والجزائر فقط، فالجزائر لا ترد أبناءها المخلصين، لكن أن يكون الحوار من أجل المنصب والدينار، فإن قطار الوطن كما قلنا سابقا، قد انطق وهو لن يتوقف في المحطات الصغيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • ياسين

    حاراك22فيفري كلنا خرجنا من أجل الوطن من اجل العيش الكريم من أجل الأجيال القادمة من أجل دولة تسودها العدالة لكن بعد ذالك أصبح الحراك حراك منطقة بعينها أصبح حراك أحزاب منطقة بعينها أحارب ليس لها وزن في الجزائر

  • عبد الله Freethink

    كالعادة (غالبا) أنت تعبر عن أفكاري....وأنا معك فيما تقول ?، الحمدلله والله فرحة كبيرة بما أنعم علينا الله سبحانه وتعالى من رعاية ونجاح. الآن حان وقت وضع الرئيس تحت الإختبار لنرى هل يعيدهم إلى جحورهم. أنا من الذين ظلموا كثيرا طوال العشرين أو الثلاثين سنة الماضية، وفقدت أقرب الناس إلي، ومع ذلك لما عرفت وأيقنت بعمل الشرفاء في الجيش والشعب وقفت معهم قلبا وقالبا وبما إستطعت ولم أحمل أي ضغينة لبلدي لأن الله رزقنا عقلا لنفكر به ونستنبط، ومع ذلك أستحي أن أطلب أي شيء لأن بهجتي ومناي فقط هو تحرر الجزائر من قبضتهم ومن الوصاية الفرنسية وأن تعود لهويتها وأصالتها ودينها وشرفها وعظمتها ونجاحها.

  • alilao

    الى المدعو شخص.
    الذي وحد الشعب هو معاناته منذ الإستقلال وتشوقه الى الحرية ورفضه المطلق للخطاب الديماغوجي السائد منذ الإستقلال. انت تتكلم على العصابة وكأنها تقتصر على بعض الأشخاص يمكن سجنهم والتخلص من فسادهم. أنا أراها كمنظومة قائمة تتأقلم مع الواقع ولا تختفي الا بتغيير جذري لمنظومة الحكم. أنا لا أخشى العلمانيين وأثق في قدرة الصندوق النزيه على إعطاء كل توجه حجمه الحقيقي واسكاته بصفة قانونية وسلمية. اما البقاء في الوضع الحالي فإنه يؤدي الى تضخيم حجم بعض الاتجاهات على حساب البعض الآخر وهو ما حدث في 12 /12. المؤسف هو أن العلمانين الذين يخوفوننا بهم هم من يحكموننا فعليا ولكن بخطاب شبه ديني.

  • خديجة

    مقال في الصميم أخي زهار أود القول أن الشعب الجزائري انبهر بالحراك لدرجة لم يتفطن للمصادريين للإرادة الشعبية منذ التسعينات باسم الديموقراطية و الذين يمثلون الأب الروحي للعصابة التي عاثت فسادا في بلادنا بعد أن مكنوهم و تقاسموا معهم السلطة و المغانم وإذا بهم اليوم يعودون بنفس الواجهة السياسية و النمثيل الحزبي من أجل عرقلة المسار الإنتخابي للصعود إلى سدة الحكم من خلال المراحل الانتقالية لتنفيذ أجندات أجنبية معلومة للجميع من أجل تفكيك أركان الدولة الجزائرية و التلاعب بثوابت الأمة و ما حصل لنا في التسعينات غير دليل على ذلك .

  • شخص

    إلى الرقم 03 المدعو alilao :
    الحراك لم يوحّد شسئاً و إنما الذي وحّد تلك الجموع هو العدو المشترك (العصابة) و بمجرد ما بدأت تلوح في الأفق معالم القضاء على العصابة، بدأ الفرقاء المجتمعون ينتبهون إلى ااختلافات التي تسود بينهم فمنهم من يريد علماً ثانياً للباد و منهم من يريد دستوراً جديداً و منهم من يريد الإنفصال و هلم جراً.

  • حليم

    أوامر سيد الإيليزيه ماكرون كان لها الوقع الأكبر؟.

  • alilao

    الحراك بلغ الملايين ودام شهور ا و لا يزال و غطى الساحات وشمل الولايات ووحد الأجيال و جمع بين مختلف التوجهات و سيطر في بلدان المهجر و نسف الخامسة و أخضع العصابات وأخرج الملفات وحطم جدار الخوف وانقذ الشعب من الركود والسلبية وكشف مراكز السلطة الفعلية والحاجة الى الدولة المدنية وبهر وسائل الإعلام الدولية وأضحى معارضة قوية ... كل هذا في تمام السلمية.... من يقوم بكل هذا لايمكن وصفه لا بالخيانة ولا بتآمر ولا بالإنتهازية إلا أذا كان الواصف أعمى وأصم وتلك شر البلية.

  • ربيع برمضان

    بعد ان فشلت خطة الاغلبية تحرث والاقلية تحصد -في الحراك الدي فضحوا فيه - انتقلوا الى الخطة الموالية ..مسك العصى من الوسط

  • رضوان

    هذه هي المقالات التي نريد، وليس المقالات التي جعلت من الحراك كلمة مقدسة لا ينبغي انتقاد عوراتها، للأسف اليوم أصبح كل من يريد البطولة يقول إنني معارض، وكأن هذه الكلمة مرادفة للعفة والطهرية، أما كل من يخاف على استقرار وطنه فيأتي مع أطروحة النظام ليس حبا في هذا الأخير ولكن للمصلحة العليا للبلد يُنعت بالشيات والكاشيريست. في الأخير أفضل أن يحكمني جيش وطني منضبط مخلص لقيم أمته أفضل من ألف نظام ديمقراطي تعج فيه معارضات تحكمها الأنانيات أو مرتهنة للقرار الأجنبي