-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
صيحة الشروق

خاشقجي الذي تمت تغطيته

عمار يزلي
  • 1471
  • 1
خاشقجي الذي تمت تغطيته
ح.م
جمال خاشقجي

التغطية الإعلامية والسياسية، التي راففت مقتل جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في إسطمبول، في الثاني من أكتوبر المنصرم، لم يسبق لها مثيل، لأن الجريمة في حد ذاتها لم يسبق لها مثيل أيضا، وما سينجر عنها من تبعات، رغم محاولات داخلية وخارجية بطمس الملف أو الالتفاف على الجريمة داخليا وخارجيا.. إلا أن تداعياتها ستكون كبيرة مستقبلا أيضا..

الإعلام العالمي، لم يفوت فرصة كهذه، لأنها مادة دسمة إعلاميا، لكن سياسيا أيضا.

قناة الجزيرة التي كانت سباقة في النبش في القضية في المساء نفسه الذي اختفى فيه خاشقجي، حتى ولو أنها لم ترغب في فتح الملف باعتبار الحساسية المفرطة للقناة ولقطر مع السعودية. نفس الشيء بالنسبة إلى تركيا التي تربطها إلى اليوم علاقات اقتصادية كبيرة مع المملكة العربية السعوية، من حيث الاستثمارات السعودية في تركيا، ومن حيث عدد عائدات السياحةالسعودية، التي تقارب 5 ملايير دولار سنويا..
غير أن تركيا التي وجدت نفسها أمام جريمة في عقر قنصلية في عقر دارها، لم ترغب في السكوت، فسربت الخبر أولا وبادئ ذي بدء إلى وكالة عالمية حيادية وذات مصداقية “رويترز”. القطريون في ما يبدو، هم من سربوا الخبر إلى الأتراك أنفسهم.. إعلاميا.. فإلى غاية الرابعة من مساء 2 أكتوبر، لم يكن أي شيء قد تسرب بشأن اختفاء خاشقجي.

خطيبة الإعلامي الراحل، عندما اتصل بها مراسل الجزيرة من إسطمبول رغبت في الحديث إلى الجزيرة عن اختفائه، لكن إدارة الجزيرة لم ترغب في فرقعة إعلامية قد تفسر سياسيا، وقد تقبر القضية في المهد، باعتبار قطر لها ضغائن وضرس وناب مع السعودية، وقد لا يرقى الحدث إلى ما سيحدث. لهذا، سيرت الجزيرة الملف بطريقة ذكية، وسربت المعلومة إلى الأتراك، الذين هم الآخرون سربوا الخبر إلى وكالة رويترز.
وما إن صدر الخبر عن رويترز، حتى كانت قناة الجزيرة تعلن حالة الاستنفار الإعلامي التام، وتبقى اللايف مفتوحا لأي خبر طارئ..

تعاملت القناة القطرية بمهنية عالية في الملف دون أن تسقط في المناكفة السياسة مع السعودية، على اعتبار أن الخبر إعلامي، حتى وإن كان سياسيا. هكذا سينطلق الإعلام التركي بدوره في التغطية والمتابعة على مدار الساعة.. وسوف تدخل الواشنطن بوست في الحملة في ما بعد، مدافعة عن صحفي يكتب في أعمدتها… ثم الصحف الأمركية على أساس أن خاشقجي مقيم بشكل قانوني في الولايات المتحدة.. وهكذا تم تدويل القضية سياسيا بعد أن كانت إعلاميا، لكون الاختفاء كان في قنصلية آمنة ومؤمّنة ومحصنة وذات حصانة.. وأن هذه القنصلية في بلد اسمه تركيا، التي لها قدم في الشرق الإسلامي، وقدم في الغرب الأوربي، وتعمل على أن تكون دولة قائدة للمجتمع الإسلامي المعاصر الحداثي بقيم العلمانية وحقوق الإنسان والأخلاق الإسلامية.. منافسة سنية للسعودية وإيران الشيعية.

المملكة العربية السعودية، التي وجدت نفسها في ورطة إعلامية ضخمة، لم تعرف كيف تسير الملف في ظل الارتباك الذي حصل بقدرة قادر: فقد أنكرت في البداية الأمر برمته، وراحت تنكره لأيام، وتؤكد أن خاشقجي قد خرج من القنصلية بعد إتمام إجراءاته مباشرة. لكن الأسئلة التركية كانت محرجة، ومن أعلى المستويات، فالمسألة باتت قضية سيادة وأنفة دبلوماسية. السعوديون لم يجدوا ما يقولون غير أن الكاميرات لم تصوره وهو يخرج.. فخرجت بخروجه من الباب الخلفي.. لعلها تمحو كذبة خروجه من الباب الأمامي.. إلا أن الأترك كانوا حاسمين.. لأنهم كانوا يمتلكون أدلة كبيرة عن حدثٍ كبير حدثَ… ولم يريدوا أن يلقوا أوراق لعبهم على الطاولة دفعة واحدة.. لعبة القطرة قطرة.. ما يؤكد قدرتهم على تسيير الأزمة بحكمة ورصانة وذكاء.. كان فارقا في توريط المملكة لكي تكشف بعد 18 يوما من الصمت والمناورات وتعترف بأن الرجل قتل في مشادة داخل القنصلية. لم ينته الأمر هنا، لأن الأتراك يمتكلون هاتف الراحل الذي سجل لمدة ساعة كل ما جرى من حوار أثناء القتل والتعذيب والتقطيع.. وبدأت سلسة الكشف والانتظار.. والانتظار مع الكشف.. حتى انكشف الكثير… من قليل..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • أردوغان

    اللهم أحفظ قطر وتركيا وقناة الجزيرة الصوت الحر الذي لا ينهزم أمام أصوات الإعلاميين المنبطح