-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قصة حقيقية

خبايا مهاجرة غير شرعية

وفاء فكاني
  • 2772
  • 3
خبايا مهاجرة غير شرعية
ح.م

ليست الحروب وحدها من يدفع الخلائق لترك الأوطان والأهل والتنصل من الماضي والحاضر نحو مستقبل مظلم تزداد ظلمته كل عام أكثر من الذي سبقه، إذ تعرف أوروبا وجهة المهاجرين الأولى إغلاقا محكما لباب تسوية أوضاع المهاجرين بعد الحربين العراقية والسورية ما ترتب عنهما من تدفق للاجئين؛ وضع زاد من تعقيد ومحاصرة أمل المهاجرين الجزائريين هنا في فرنسا.

تساءلت عن حال أولئك المهاجرين وأردت أن أرى الأمل من منظورهم وأن أتحسس الواقع تحت أقدامهم.. في البداية بحثت عن راكبي القوارب والأمواج لأسال عن أحوالهم فكان خوفهم وحرصهم على دائرة الأمان حولهم أقوى من رغبة البوح بالفرح أو بالندم، تفهمت وضعهم ولم اضغط تاركة الخيار لهم في طرق باب الشروق أو كتابة رسالة خطية أو صوتية واتجهت للبحث عن حالات أخرى قد يكون وضعها أقل حدة فدلتني إحدى ساكنات المدينة عن عائلة سوف تقسم قرائي بين مؤيد وساخط، هي عائلة من الوسط الجزائري، متكونة من سيدة وابنتيها تقيم في فرنسا بطريقة غير شرعية وصلن في زيارة عائلية سياحية عادية، دفع الزوج والوالد كل تكاليفها كهدية لزوجته وابنتيه حبا وإكراما، غير أن مستلمات الهدية كن ينظرن إليها بعين أخرى، لكن بتكتم وتوافق كاملين بين الأم وابنتيها. عند سماعي القصة انتابني شعور يمتزج فيه الغضب بالنفور وبالفضول ولم اسيطر على انحيازي للوالد المغدور به، لكنني تصنعت حكمة القضاة لأسمع القصة من مصدرها، ولكون الضيفة هي الطرف الآخر فيكون استعراضي للوضع أقرب للعدل، فلربما يكون هذا الوالد وحشا أو مدمنا أو.. المهم ما هي إلا دقائق وتأتي السيدة “ن.فتيحة” وابنتيها واسألهن عن حياتهن كمهاجرات غير شرعيات، ولكن أيضا عن علاقتهن بالوالد وبأرض الوطن. الموعد يوم الأربعاء 12 سبتمبر 2018 في مدينة بورغوان جاليو بضواحي ليون على الساعة العاشرة صباحا..

مهاجرة

● صباح الخير سيدتي، كيف حالكن؟
■ بخير الحمد لله
● كنت أنتظرك أختي فتيحة مع ابنتيك، فأين ثالثتكن؟
– ابتسمت ن.فتيحة –
■ رفضت المجيء وحتى نحن ليس لدينا الكثير من الوقت، أود حتى الانسحاب من الحوار
● آه، لك سيدتي الحق في ذلك، لكنني أود أن اطمئنك أنني سأراعي جانب السرية والخصوصية، ودليلي أنني لن أسأل عن اللقب أو تحديد مدينتك في الجزائر
■حسنا نثق بك، لكن يجب أن نغادر خلال دقائق
●لك ذلك، لكن اجيبيني، هل أنتن بخير؟
■ ليس تماما
●لماذا
■الأوراق أصبحت جد صعبة وبعد كل المحاولات نحن مطالبات بالرحيل
●بما أن الأحوال ليست بخير تماما، ربما تكون العودة هي الحل الأفضل!
■لا… لا أبدا لن يكون، لن نعود
● من يسمعك يا فتيحة يقول أنك ستعودين إلى بؤر الحرب كسوريا
■ لن نعود، 6 سنوات من الانتظار، لن أعود، فلقد (قطعت كواغطي في لبلاد) بمعنى علاقاتي لم تعد صالحة
● طيب من أين مسكنكم ومأكلكم وملبسكم؟
■ أنا جئت موفورة الحال في البداية، ثم “كاين لحباب نوضة وطيحة ”
●لكن يبقى الأمر غير مستقر، أليست لديكم إعانات؟
■ كلا
● وماذا بعد، هل هناك أمل في تسوية اوضاعكم؟
■ كلا
● كيف تنظرين لـ2019؟ هل لديك أمل في أن الوضع سيستقر؟
■ على كل حال، البنات كبرن وأصبحن في سن الزواج، ازوجهما وأنا كذلك سأتزوج، “القاوريات” يتزوجن حتى بعد السبعين
●هنا سؤال يفرض نفسه، عندما اتصلت بك هاتفيا اعتقدني سمعتك تتكلمين عن زوجك أبو البنات؟ بداية هل هو موافق على الوضع؟
■ لا، بالعكس، هو يرفض أن يبعث لنا مصروفا وكنت قد قلت له إذا لم تتكفل بنا فسأزوج البنات بأول أوروبي يتقدم لهما
●وهل أنت جادة في ذلك؟ الرجل ربما يحاول إعادتكن إلى حياتكن الأولى؟ اشتياقه، لكن ربما؟ هل كان زوجا سيئا؟ أو أبا سيئا؟
■لا، كنا عائلة عادية، هو لابأس به
● ما الذي يمنعك من العودة؟ حب البقاء؟ أم خوف من أن تكون سفن العودة قد أحرقت؟
■كل شيء، زوجي تزوج من أخرى، تربي ابني وأمام الجميع صممت على النجاح
● وما رأي البنات؟
■ من رأيي
●على الأقل، لا تمزق آخر هنا؟
■ماذا تقصدين يا أستاذة؟
● أقصد أن وضعكن العائلي لا يحتمل شرخا آخر ● هل تشعرين بالذنب تجاه الزوج؟ او الابن؟ أو البنات؟
■ لا
●لماذا لم تطلبي الطلاق وتفعلي في حياتك ما تشائين؟ أحسن من أن تكوني الزوجة والأم التي هربت، آسفة عن التعبير؟
■قلت لك هو الذي أعطاني النقود، والفيزا تحصلت عليها من خلال عمله.
● هل أستطيع أن أسأل “الأمورة ”
■ قلت لك رأيها من رأيي وسوف ترين ستصبح سيدة مجتمع هنا
●أظن أنه لا يوجد خيار آخر سوى تمسككن بأمل أحلامكن، لكن الزواج رابطة مقدسة لا يصح أن تبنى على الأوراق، ألا توافقيني الرأي؟
■ هن بالغات، راشدات، وأنا أدرى بمصلحة بناتي
● يبقى هذا تقديرك للأمور وأتمنى أن الآنسة وأختها ستضفرن بمن يقاسمهن الثقافة والدين، وبمن يحبهن ويحافظ عليهن على أن تبقى كل واحدة وفية لزوجها، ممنونة له، تغمرها نية الدوام وأن لا يكون جسرا أو ممرا و… و…
■ واش راكي تقصدي يا مادام؟
● أقصد فقط ما قلته
■ أنا اللي غلطانة اللي نخلط في “ليزالجيريا ”
● اشكرك مع السلامة
تمتمت في نفسي بما أحتفظ به لنفسي، وأدركت بعد مغادرة السيدة “ن.فتيحة” أنني انسقت خلف مشاعري وركزت على الجانب الأخلاقي لهذه الحالة عوض التركيز على موضوع الهجرة غير الشرعية، لكن الحياة علمتني أن الأولويات التي يرتبها الضمير هي مقياس للإنسانية وهذا ما أملاه عني ضميري .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • امينة

    من حقها بناء مستقبل بناتها هي أدرى بظروفها واحوالها في الجزاءر (الخوف من المجهول ) حتى بدراهم ما تعيش مليح لا تعليم لا صحة لا أمان للأسف الشديد وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من خان أمانة هذا الوطن

  • faycal

    عندها الحق هذه السيدة كل واحد شايف طريقو كون خلات بنتها هنا يتعرضو في الادار ة للمسوامة من اجل العمل تهنات

  • كمال

    هذه السيدة تضن ان بناتها سوف يتزوجن بامراء. ياو فيقي. حتى و ان حصلتم على الوتائق فان اكثر ما ستصلون اليه هو الصوصيال