-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الفنان المخضرم سعيد حلمي للشروق العربي:

خذوا المناصب واتركوا لنا الثقافة

صالح عزوز
  • 700
  • 0
خذوا المناصب واتركوا لنا الثقافة
تصوير: زهور سبع

تقودنا جولتنا، هذه المرة، في ركن زيارة خاصة، إلى بيت أحد عمالقة المسرح الجزائري، وقامة في أبي الفنون.. زيارة، قادتنا إلى حي “درارية”، حيث يقطن الفنان القدير، سعيد حلمي، الذي استقبلنا في منزله، بخطوات ثقيلة، لا تسمع لها صوتا، فقد تجاوزت سنه العقد الثامن بقليل، لكن قلبه لا يزال ينبض حبا للثقافة، وخير دليل أن أثره ومسيرته في المسرح والفن ككل، كانت واضحة ومميزة، ومسموعة منذ السبعينيات، حين قدم إلى هذا العالم الجميل، جمال ذلك العصر، الذي تزين بخيرة الفنانين الذين عاش إلى جوارهم، ورافقهم في دربه الفني الوهاج، على غرار محيي الدين بشطارزي، ومصطفى كاتب، وغيرهم من صناع الفن الرابع في الجزائر بكل اقتدار.

“كنت من الأوائل الذين خرجوا يوم 22 فيفري ولولا صحتي لخرجت كل جمعة مع الشباب”

 استقبلنا الفنان سعيد حلمي في فناء بيته، في جلسة كانت بداية حديثها عن الحراك، الذي تعرفه الجزائر أكثر منذ خمسة أشهر: “مازالوا لم يفهموا لغة الشعب إلى حد الساعة”، الحراك الذي تعرفه الجزائر هو بمثابة فخر للجزائر والجزائريين، استطاع من خلاله الشباب الصاعد، أن يقدم للعالم رسائل حضارية تدمع العين فرحا، سلوك حضاري اندهش منه العدو قبل الصديق، وقد كنت من الأوائل الذين لبوا نداء الشارع من أجل جزائر جديدة، تكون فيها العدالة هي السيد، والمساواة هي المطلب، احتفل بي الشباب احتفالا كبيرا، وأحسست بحبهم لي وهو الأهم عندي”.

“وزيرة الثقافة الحالية ظلموها بهذا المنصب”

كغيره من الجزائريين والمهتمين بالثقافة خاصة، لم يخف استغرابه من تنصيب وزيرة الثقافة الحالية على رأس الوزارة، واعتبر أن هذا الذي تعتقده هي في نفسها تشريفا، إنما هو ظلم في حقها، ووزارة الثقافة أكبر من منصب، بل هي برنامج مسطر بأهداف وطموحات كبيرة من أجل النهوض بهذا القطاع، وأغلب من يشتغلون في هذا المنصب لا يتقنون فن المناقشة، بل يقومون بإلقاء الخطابات الجوفاء لا غير.. وختم حديثه في موضوع الثقافة في الجزائر: “ليس في بلدنا ثقافة”.

يجب التوقف عن الحديث في الماضي  والتفكير في المستقبل ضروري”

لم يشأ القامة، سعيد حلمي، الرجوع إلى الخلف، والحديث في الماضي على حد قوله: “لقد تجاوزت العقد الثامن من العمر، ولا أملك الوقت للحديث في الماضي.. يجب الحديث عن الوضع الراهن والمستقبل، يجب التفكير في ضرورة النهوض بهذا القطاع”.

البلد الذي ينسى العربي بن مهيدي البطل كيف لا ينسى سعيد حلمي الفنان

بنوع من الحسرة، التي ظهرت فجأة على محيا الفنان القدير، سعيد حلمي، وهو يحكي قصة شاب من الشباب الذي سأله يوما: “أين أنت.. أصبحت لا تظهر كثيرا”، سؤال اعتبره الفنان القدير موجعا، وهذا راجع إلى عدم الاهتمام والتهميش الذي يطال الكثير من الفنانين، وليس هو فقط، متسائلا في نفس الوقت: كيف لا ننسى وقد نسي العربي بن مهيدي وغيره من الأبطال؟

حمراوي حبيب شوقي أخذ من عمري 10 سنوات ولن أسامحه ما حييت

عرج معنا الفنان القدير، سعيد حلمي، على بعض ذكرياته، التي اعتبرها أليمة، ولا تزال تحز في نفسه إلى حد الساعة، على غرار علاقته بحمراوي حبيب شوقي، لما كان يشتغل مديرا للتلفزيون: “لم يحدث يوم أن برمجني في التلفزة، وحين يلتقي بي يأخذني بالأحضان، لا أدري لماذا؟ وقد أخذ من عمري سنوات طويلة لا أنساها أبدا، ولن أسامحه ما حييت”.

ميهوبي يستمتع بما أقدمه لكنه لم يبرمجني ولو مرة

“عز الدين ميهوبي، كان يستمتع بكل ما أقوم به، لكنه لما أصبح وزيرا لم يبرمجني ولو في تظاهرة من أجل عرض مسرحية السعادة، التي كان كلما التقيت معه يطلب مني أن أعرضها أمامه، وكذا بعض أعمالي الأخرى، وحقيقة، لم أفهم كيف يفكر هذا الشخص”.

أقومي قامة وكاتب ياسين نسوه

رافع الفنان سعيد حلمي، في جلستنا معه هذه، على الفنان القدير أقومي، الذي اعتبره هو كذلك قامة في الفن الجزائري، لكن القائمين على الثقافة في الجزائر لا يهتمون بمثل هؤلاء، فلا يعرفون قيمته ولا قيمة أمثاله، والبلد الذي ينسى أو يتناس مصطفى كاتب أو كاتب ياسين، لا يمكن أن تتحدث فيه على الثقافة التي تحولت في بلدنا إلى مجرد منصب لا أكثر، على حد تعبيره.

المنصب لا يعني العبقرية وأطلب من لديه الجرأة للجلوس إلى طاولة النقاش معي

غلب في بعض اللحظات نوع من التوتر على الفنان القدير، سعيد حلمي، خاصة حينما يتعلق الأمر بالنقاش مع القائمين على الثقافة في الجزائر: “أطلب ممن لديه الجرأة في الحوار والنقاش الثقافي، أن يحدد لنا موعدا لهذا، ومن خلالكم أتحداهم كلهم باللغة وبالأسلوب والمكان الذي يريدونه، سواء وزيرة الثقافة أم كل المديرين في هذا القطاع، لأنهم في الغالب كما قلت، لا يعرفون من الثقافة إلا منصبها لا غير”.

الجيل الحالي محظوظ ويجب الاهتمام به

دعا الفنان القدير سعيد حلمي إلى ضرورة الاهتمام بالجيل الحالي في ميدان الثقافة، واعتبره جيلا محظوظا، مقارنة بجيلهم، والدليل على حد قوله أننا نرى الكثير منهم ينطقون عدة لغات، وهذا يساعدهم على التطور والتكوين.

“نجمة السعادة”

 تركنا الفنان على جملة “أيقظت في نفسي الحزن”، جملة رافقها بعض الدموع، وحتى لو لم تكن ظاهرة، اتجهنا إلى باب الخروج ونحن نستمتع بكلمات “نجمة السعادة” التي كتبها الفنان القدير، يحاور فيها هذه النجمة ويطلب منها أن تنزل في الجزائر من أجل سعادتها، جلسة غلب عليها نوع من الحزن، لما وصل إليه هذا الفنان وغيره، الذي اعتبر زيارتنا إليه تكريما، وليست زيارة، أسعدته كثيرا، في ظل عدم الاهتمام والفوضى الحادثة في الثقافة الجزائرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!