-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خطاب إليها‮.. ‬في‮ “‬عيدها‮”‬

جواهر الشروق
  • 3296
  • 14
خطاب إليها‮.. ‬في‮ “‬عيدها‮”‬

سواء عليك،‮ ‬أكنتِ‮ ‬أمي‮ ‬أم زوجتي،‮ ‬أم أختي‮ ‬أم ابنتي،‮ ‬فأنت في‮ ‬شرعنا شقيقتي،‮ ‬و”إنما النساء،‮ ‬شقائق الرجال‮”.‬‭ ‬هذه‭-‬‮ ‬إذن‮- ‬هي‮ ‬الحقيقة الإنسانية الإسلامية الثابتة،‮ ‬لبناء المجتمع الإنساني‮ ‬الإسلامي‮ ‬الأفضل‮.‬

فما لهذه الإيديولوجيات الحداثية،‮ ‬تحاول اليوم،‮ ‬أن تجعل من المرأة عدوة للرجل،‮ ‬ومن الرجل عدوا للمرأة؟ وهل تكون المرأة‭-‬‮ ‬في‮ ‬عرف هؤلاء الحداثيين‮- ‬عدوة لابنها،‮ ‬أو لزوجها،‮ ‬أو لأخيها؟ معاذ الله‮!‬

فأي‮ ‬درك،‮ ‬أوقع فيه دعاة‮ “‬حقوق المرأةِ‮” ‬المرأةَ‮ ‬نفسها؟ لقد جردوها من معالم إنسانيتها،‮ ‬حينما اختزلوها في‮ ‬الجانب الأنثوي‮ ‬وحده،‮ “‬فحرّروها‮” ‬من ملابسها،‮ ‬ونزعوا عنها حشمة إنسانيتها،‮ ‬وبعثوها في‮ ‬رحلة الإشهار،‮ ‬بإبراز مفاتنها،‮ ‬فهل هذه هي‮ ‬المرأة في‮ ‬جوهرها؟

إن المرأة في‮ ‬حقيقتها عقل قبل أن تكون عاطفة،‮ ‬وهي‮ ‬علم قبل أن تكون سلعة تباع وتشترى،‮ ‬وهي‮ ‬أس المجتمع،‮ ‬لأنها أساس البيت،‮ ‬بدل أن تصبح في‮ ‬عالم النخاسة،‮ ‬والتعاسة الخلقية والاقتصادية،‮ ‬والإعلامية‮.‬

إن دعاة تحرير المرأة،‮ ‬من وقارها،‮ ‬ونبلها،‮ ‬وعفافها،‮ ‬إنما‮ ‬يعودون بها إلى الجاهلية الأولى،‮ ‬ليجعلوا منها متاعا مشاعا،‮ ‬فهم على‮ ‬غرار الجاهليين،‮ ‬يَئِدون الجانب الإنساني‮ ‬القوي‮ ‬فيها،‮ ‬ويكشفون الجانب الحيواني‮ ‬الأضعف منها،‮ ‬وهم بدل أن‮ ‬يبرزوا الملكات الفكرية والعقلية فيها،‮ ‬لتسهم مع أخيها الرجل،‮ ‬في‮ ‬النهوض بالمجتمع،‮ ‬فتبني‮ ‬لنا الإنسان الصالح،‮ ‬والمجتمع الفالح،‮ ‬والوطن الناجح،‮ ‬بدل هذا كله،‮ ‬يسلطون كل الأضواء،‮ ‬على أنوثتها،‮ ‬وفتنتها،‮ ‬وكل ما‮ ‬يخدش عفتها‮.‬

فهذه البدعة التي‮ ‬ابتدعها دعاة ترقية المرأة،‮ ‬بتخصيص‮ ‬يوم في‮ ‬السنة نظريا لها،‮ ‬ونصف‮ ‬يوم عمليا لتكريمها،‮ ‬إن هو إلا عدوان على حق المرأة أمًّا وزوجة،‮ ‬وأختا،‮ ‬وبنتا،‮ ‬لتنعم بهذا الحق في‮ ‬كل‮ ‬يوم،‮ ‬وطيلة أيام السنة‮.‬

فالأم في‮ ‬شريعة الله،‮ ‬كما نص الإسلام عليه،‮ ‬هي‮ ‬سادنة الجنة،‮ ‬والجنة تحت أقدام الأمهات،‮ ‬والزوجة وفقا للقيم الإنسانية الشرعية،‮ ‬هي‮ ‬رمز المودة والرحمة‮ ((‬وَجَعَلَ‮ ‬بَيْنَكُم مَّوَدَّةً‮ ‬وَرَحْمَةً‮))‬،‮ ‬فهي‮ ‬آية من آيات الله‮.‬

والأخت في‮ ‬الإسلام هي‮ ‬عنوان العدل والمساواة،‮ ‬فهي‮ ‬شقيقة الرجل في‮ ‬كل شيء إلا ما استثناه الشرع وفقا لخصوصيات كل منهما‮ ((‬إِنَّ‮ ‬الْمُسْلِمِينَ‮ ‬وَالْمُسْلِمَاتِ‮ ‬وَالْمُؤْمِنِينَ‮ ‬وَالْمُؤْمِنَاتِ‮ ‬وَالْقَانِتِينَ‮ ‬وَالْقَانِتَاتِ‮ ‬وَالصَّادِقِينَ‮ ‬وَالصَّادِقَاتِ‮ ‬وَالصَّابِرِينَ‮ ‬وَالصَّابِرَاتِ‮ ‬وَالْخَاشِعِينَ‮ ‬وَالْخَاشِعَاتِ‮ ‬وَالْمُتَصَدِّقِينَ‮ ‬وَالْمُتَصَدِّقَاتِ‮ ‬وَالصَّائِمِينَ‮ ‬وَالصَّائِمَاتِ‮ ‬وَالْحَافِظِينَ‮ ‬فُرُوجَهُمْ‮ ‬وَالْحَافِظَاتِ‮ ‬وَالذَّاكِرِينَ‮ ‬اللَّهَ‮ ‬كَثِيراً‮ ‬وَالذَّاكِرَاتِ‮ ‬أَعَدَّ‮ ‬اللَّهُ‮ ‬لَهُم مَّغْفِرَةً‮ ‬وَأَجْراً‮ ‬عَظِيماً‮)).‬

كما أن البنت وديعة الله في‮ ‬الأسرة،‮ ‬نحاسب على أي‮ ‬خلل ألحقناه بها‮ ((‬وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ‮ ‬سُئِلَتْ،‮ ‬بِأَيِّ‮ ‬ذَنبٍ‮ ‬قُتِلَتْ‮)).‬

إن الصراع الدائر اليوم،‮ ‬حول المرأة،‮ ‬إنمّا هو للإبقاء عليها كامرأة،‮ ‬بكامل أبعادها الإنسانية،‮ ‬على قدر المساواة في‮ ‬الحقوق والواجبات مع الرجل،‮ ‬وهو ما تعمل الشرائع الإلهية وفي‮ ‬مقدمتها الإسلام،‮ ‬وبين من‮ ‬يحاولون تجريدها من كل قيمها الإنسانية وجعلها كريشة في‮ ‬مهب الريح‮.‬

أليس هؤلاء هم الذين حرموا المرأة من قدسية الانتماء والنسب،‮ ‬فألغوا باسم التقدم قدسية الأسرة،‮ ‬و”شرّعوا‮” ‬لها في‮ ‬الغرب حرية المعاشرة،‮ ‬دون عقد أو زواج؟

أليس هؤلاء هم الذين ابتدعوا فتنة‮ “‬الأم العازبة‮”‬،‮ ‬معتدين بذلك على الأم والطفل معا؟

إن الذين‮ ‬ينادون بحرية المرأة من مريدي‮ ‬مؤتمر بكين،‮ ‬والقاهرة،‮ ‬هم قوم متوحشون،‮ ‬فهم‮ ‬يريدون أن‮ ‬يفرضوا على المرأة قانون الغاب باسم شيوعية النساء،‮ ‬وحرية البغاء،‮ ‬ونزع أي‮ ‬غطاء‮.‬

فيا شقيقتنا المرأة الجزائرية المسلمة،‮ ‬لقد أعزك الإسلام،‮ ‬وهم أذلوك‮! ‬وقد طهّرك الإسلام وهم دنسوك‮! ‬وقدَّمك الوطن وهم أخروك‮! ‬نناديك بما خاطبك به شاعر الإصلاح وأمير شعراء الجزائر محمد العيد آل خليفة حين قال لكِ‮:‬

سرن سير الحرائر‮               ‬يا بنات الجزائر

وحين قال‮:‬

سيري‮ ‬إلى العلياء مثل أخيك‮         ‬وتعلمي‮ ‬فالجهـل لا‮ ‬يجديــــــــــك

وتعاونا في‮ ‬ذي‮ ‬الحياة فأنتما‮          ‬في‮ ‬السعي‮ ‬خير شريكة لشريك

إن مشكلة المرأة عندنا،‮ ‬هي‮ ‬أنها تُغتصب فتنتحب،‮ ‬وهم‮ ‬يريدونها أن تتحلل وتتذلل‮. ‬ليس في‮ ‬قوانين الأمم المتحدة،‮ ‬والقاهرة،‮ ‬وبكين،‮ ‬ما‮ ‬يثبت وجود المرأة شريكا في‮ ‬الحياة،‮ ‬ومليكا في‮ ‬البيت،‮ ‬وفاعلا في‮ ‬المجتمع‮.. ‬بل على العكس،‮ ‬تحمل هذه القوانين من القذارة والدعارة،‮ ‬ما تعافه كل حرة شريفة عفيفة‮.‬

فمؤتمرا القاهرة وبكين،‮ “‬شرّعا‮” ‬للشذوذ الجنسي،‮ ‬باسم حرية السلوك،‮ ‬وقننا للزواج المثلي‮ ‬تحت‮ ‬غطاء تبديد المخاوف والشكوك‮.‬

إن من العار على المرأة المسلمة،‮ ‬أن تدع المقدس وفيه سدادها،‮ ‬لتتشبث بالمدنس وفيه فسادها‮. ‬وإن من المخزي‮ ‬لابنة الجزائر أم الشهداء،‮ ‬وأخت الأبطال،‮ ‬أن تتنكر لمبادئ الأمير عبد القادر،‮ ‬والإمام ابن باديس لتخوض مع الخائضين في‮ ‬مستنقع نيويورك وإباحية باريس‮.‬

نريد‭-‬‮ ‬يشهد الله‮- ‬لابنتنا أن تبقى جوهرة مصونة،‮ ‬ولؤلؤة مكنونة،‮ ‬لا بضاعة مرهونة،‮ ‬ومتعة ملعونة،‮ ‬ودعوا عنكم حكاية العنف ضد النساء،‮ ‬فهو ليس من شيم النبلاء العقلاء،‮ ‬وإن القضاء على العنف ضد النساء،‮ ‬لا‮ ‬يكون بإصدار القوانين التعسفية،‮ ‬وإنما‮ ‬يكون بالحب،‮ ‬والتربية،‮ ‬فعمقوا قيمة الحب في‮ ‬النفوس والعقول والقلوب،‮ ‬تقضوا على العنف في‮ ‬الشوارع،‮ ‬والبيوت والدروب‮.‬

إن الفرق بيننا،‮ ‬وبين دعاة تحرير المرأة،‮ ‬أنهم‮ ‬يريدونها أن تتحرر من قيود القيم الإنسانية والأخلاق الدينية،‮ ‬ونحن نريدها أن تجسد في‮ ‬شخصيتها وفي‮ ‬سلوكها معالم المبادئ الأخلاقية،‮ ‬ونبل الأحكام الإسلامية‮. ‬وإن الفرق بين الفريقين كالفرق بين الخير والشر،‮ ‬وبين المنفعة والضر،‮ ‬وكل عام وأنتِ‮ ‬بخير‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • اميرة

    اشكرك استاذ على هذا الكلام الرائع صحيح نحن في جيل يخلو من الحياء لكن نصيحة لكل البنات استري نفسكي يستركي الله

  • بدون اسم

    شكرا أستاذنا الكريم نتمنى أن تعود الأخلاق الحميدة ..

  • الونشريسي

    بار الله فيك يااتاذنا الكريم

  • didine

    تاملو جميعا كلام الطيب لوح عندما فقال باننا نطبق الشريعة الاسلامية بخصوص قانون المراة الجديد اليس بالاحرى له ان يطبق الشريعة في المخامرالمفتوحة دائما ،

  • سمية

    أنا كجزائرية لست مع هده القوانين تماما و لا اامن بعيد المراة تماما لان من اعطى للمراة حقوقها و مكانتها و كرامتها الحقيقية هو الاسلام , هو محمد صلى الله عليه وسلم , و كل ما قلته سيدي صحيح , لكن و الله هناك من الرجال من يستحق الشنق, قمة التجبر , قمة التفرعن , والحمد لله في ما اعطانا الله.

  • عبد الحميد السافي

    السلام عليكم.
    قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا.
    لا مداهنة في الدين.إن الساعي لمرضاة ربه لا يهتم إلا لتطبيق شرعه فلا عجب لمن جهل دينه ان يسعى في تقليد الغرب.فلا ربه أطاع - ولو إدعى الإسلام- ولا الغرب ساير،فكان كالجنس الهجين.
    فعلى الدعاة نشر التوحيد الذي يعرفهم بربهم فيتقربوا إليه.
    وعلى حكامنا الإعتبار بمن مضى من الذين كان مآلهم الزوال.فمهما سنوا من قوانين مخالفة للشرع فلن يزيدهم إلا نفورا عن رعيتهم.

  • معاذ

    هل من ابتدع شيئا اسمه عيد المرأة أرأف و أعلم بها من خالقها الذي لم يشرع لها غير عيد الفطر و يوم النّحر؟؟ كُنّا نظنّ بك خيرا

  • younes

    هذا الكلام نؤمن به و نتيقنه، وجه كلمة الى ولاة امورك الذين يريدون تحطيم المراة و بيع شرفها بعد التشريعات الاخيرة. عش يوما واقعك يا دكتور!

  • اسحاق

    بارك الله فيك يا استاذ مقال في الصميم

  • abd el kader

    شكرا لك يا استاد اريد ان اقول باننا نعيش انحلالات خلقية لا مثيل لها لقد استطاعوا ان يدمروا مجتمعاتنا بضرب نقطة ضعفنا فتنة النساء انها اعظم فتنة و للاسف اصبحت النصيحة لا تنفع

  • khaled

    اي عيد تتكلم عليه ايها الجاهل باحاديث الرسول صل الله عليه وسلم عيد الفطر وعيد الاضحى وان شئتم يوم الجمعه فهو عيد

  • بدون اسم

    لغة الخشب في الألفية الثالثة...يارجـــل نحن في وقت لاتنفع فيه المواعظ والعبر والحكم التي اكل الدهر عليها وشرب...الم تسمع بمقولة(جدد حياتك)ومنه جددوا خطاباتكم وخطبكم وكلامكم....لغة الحشيش اصبحت مقرفة

  • Toz

    TOOOOOOOOOOOOOOOOZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZZ

  • بدون اسم

    ايها الرجال كلام حق في مجمله لكنه للاسف قافز على الواقع ومنطلقا منه اتوجه لكل امراة شريفة اقول لها ان كان لديك زوج يحترمك وبيت يسترك فانت طبعا في غنى عن هذه القوانين لكن يا سيدي الكريم لماذا تتجاوزون ما تعانيه المراة من تعسفات الرجال ولا تريدون ان تفكروا في حل له غير هذه القوانين ؟؟؟ ان كانت لديكم حلول اخرى تخلص الكثير من النساء من تجبر الرجال فاطلونا عليها لما تركتم هؤلاء يصلون الى فراشكم ولباس نسائكم ؟؟؟