دبلوماسية رد الفعل المغربية للتشويش على جهود الجزائر بالساحل
بينما كان الوزير الأول، محمد النذير العرباوي، يودّع نظيره، الوزير الأول وزير الاقتصاد والمالية بجمهورية النيجر، علي محمد لمين زين، بمطار الجزائر الدولي “هواري بومدين”، مختتما زيارته الرسمية إلى الجزائر، عممت وزارة الخارجية المغربية، ما قالت إنه بيان مشترك مع وزارة خارجية تشاد يتحدث عن دعم هذا البلد الإفريقي الفقير، لما يسمى “مبادرة ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي”.
وسبقت زيارة المسؤول التشادي إلى مملكة “أمير المؤمنين”، حركية لافتة في العلاقات الجزائرية النيجرية، تجسدت في زيارة وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، إلى دولة النيجر، بدعوة من نظيره وزير البترول النيجري، مامان مصطفى باركي باكو، لاستئناف المشاورات حول مشاريع شركة سوناطراك، التي تملك استثمارات واعدة في هذا البلد، وكذا بحث مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري الذي يمر على تراب دولة النيجر.
وبعد زيارة عرقاب إلى نيامي، حل الوزير الأول النيجري على رأس وفد هام في زيارة رسمية دامت ثلاثة أيام، وهي الزيارة التي أعقبت حالة من البرودة في العلاقات بين الجزائر ودولة النيجر بسبب الوضع الداخلي في هذا البلد إثر الإطاحة بحكم الرئيس محمد بازوم المنتخب، وهو المعطى الذي حاول النظام المغربي استغلاله محاولا دق إسفين في علاقات الجزائر بدول منطقة الساحل، بطرح “مبادرة الأطلسي”، التي ولدت ميتة برأي المراقبين، بسبب رفضها من قبل دولة مفتاحية مثل جمهورية موريتانيا الإسلامية، التي لم تتجاوب مع دعوات العاهل المغربي، محمد السادس، من أجل المشاركة في أولى اجتماعاتها.
وأمام استعادة الجزائر جسور التواصل مع النيجر والذي جاء في ظرف جد حساس، بالنظر إلى المناورات والاستفزازات التي يقوم بها الجنرال الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، المدعوم من قبل أطراف وصفت بمواقفها العدائية تجاه الجزائر، شعر النظام المغربي بأن البساط يسحب من تحت أقدامه بمنطقة الساحل، وهو الذي راهن، مدفوعا بدوره كدولة وظيفية، على محاولة لعب دور ملء الفراغ في المنطقة، بعد طرد الوجود الفرنسي منه، من قبل الأنظمة العسكرية التي أطاحت بالأنظمة الخانعة في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وعلى إثر ذلك، عمد النظام المغربي وكعادته إلى تفعيل “دبلوماسية ردود الأفعال” التي اشتهر بها، بتوجيه الدعوة للحكومة التشادية من أجل استضافة وزير خارجية نجامينا في المملكة العلوية، في سيناريو طغى عليه البعد التسويقي لمشاريعه الوهمية، أكثر مما هي زيارة عمل، عكس الزيارة التي قادت الوزير الأول النيجري إلى الجزائر والذي ترأس وفدا هاما ضم وزراء سيادة من بينهم وزير الدفاع، الفريق ساليفو مودي.
ويتوجس النظام المغربي من أن استعادة الجزائر لعلاقاتها مع بلدان منطقة الساحل سيقوض مساعيها الرامية إلى نشر نفوذها في هذه المنطقة، التي غلفتها بمبادرة تمكين بلدان الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، عبر بوابة الصحراء الغربية المحتلة، وهو الأمر قوبل برفض شديد من قبل جيرانها الجزائر وممثلي الشعب الصحراوي (البوليساريو) وموريتانيا، التي تبقى المنفذ الوحيد لنجاح مبادرة الرباط، غير أن نواكشوط تجاهلت الدعوات المتكررة الموجهة لها من قبل العاهل المغربي، محمد السادس، منذ ما يقارب السنة.
ولا يستبعد المراقبون أن يقدم النظام المغربي على معاكسة الجهود الجزائرية الرامية إلى جلب الاستقرار إلى منطقة الساحل، بمحاصرة مناورات ومغامرات الجنرال الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، المدفوع من قبل أطراف عربية وإقليمية ودولية، تعمل من أجل إرباك الوضع في المنطقة، وذلك بمحاولة جر السلطات التشادية إلى تبني أو على الأقل مسايرة أطروحة تأزيم الوضع في منطقة الساحل.