دروس “معارج السالكين” في زاوية تماسين

تحدّثنا في الحلقة الأولى عن مشاركتي في الدروس الرمضانية التي تنظمها زاوية تماسين التجانية كل سنة، تحت عنوان “معارج السالكين”. وذكرت نبذة تاريخية موجزة للطريقة التجانية ومؤسسها أحمد التجاني، وخليفته سيد الحاج عليّ التماسيني، وذكرت أيضا قائمة الخلفاء.
علاقة الشيخ أحمد التجاني التماسيني بالحركة الوطنية
تجدر الإشارة إلى أن الشيخ أحمد التجاني قد أنتُخب في المجلس الجزائري سنة 1948م بصفته نائبا مستقلا، وهو ما ساعده على الاحتكاك أكثر بالحركة الوطنية الجزائرية بكل أطيافها، وكان يتبادل الزيارات مع بعض رموزها البارزة، وفي هذا السياق أرسل وفدا لزيارة مصالي الحاج في مقر إقامته بحي بوزريعة بالعاصمة، وهو ما أقلق الإدارة الفرنسية آنذاك. وكانت له أيضا علاقة ودّية مع فرحات عباس الذي طلب منه بذل مساعيه لإطلاق سراح معتقلي أحداث 8 ماي 1945م. كما توطّدت العلاقة بينه وبين الشيخ العلّامة إبراهيم بيوض الذي كان عضوا في المجلس الجزائري، وكذا بينه وبين الشاعر المتميّز مفدي زكريا الذي خصّه بقصيدة مدْحٕ أثناء زيارته لبلدة الڤرارة بوادي مزاب.
من جهة أخرى، أدّى الشيخ أحمد التجاني زيارة مجاملة للباي التونسي المخلوع محمد المنصف المنفيّ إلى الجزائر أثناء في إقامته الجبرية بمدينة الأغواط سنة 1943م، ولم تمرّ هذه الزيارة مرورا عاديا، إذ تعرّض الشيخ أحمد التجاني للاستجواب من طرف الشرطة الفرنسية.
علاقته بثورة 1 نوفمبر
عندما اندلعت ثورة أول نوفمبر 1954م، اتّصل قادة الثورة بالشيخ أحمد التجاني يطلبون منه التعاون بطريقة خفيّة، لإبعاد عيون فرنسا عنه وعن زاويته التي كان المجاهدون في حاجة إليها لجعلها قاعدة دعم للثورة. وتلقى في هذا السياق رسالة من قائد المنطقة الأولى مصطفى بن بلعيد يدعوه فيها إلى التعاون مع الثورة. وعندما جاء سي الحواس إلى بلدة المغيّر لتنظيم صفوف الثورة في منطقة وادي رِيغ، كان الشيخ أحمد التجاني ضمن المدعوّين إلى الاجتماع، وهذا ما يؤكد الثقة الكبيرة التي كان يتمتع بها لدى قادة الثورة بحكم روحه الوطنية المعهودة. وبالفعل دعا أتباعه إلى الانضمام إلى صفوف الثورة، ووضع كل إمكاناته المادية والمالية الموجودة في الجزائر وفي تونس في خدمتها.
وكانت شكوك الأمن الفرنسي تحوم حوله، لذلك تعرّضت زاويته للتفتيش يوم 15 ماي 1958م أثناء تخفّي بعض المجاهدين في بيت من بيوتها. وقد خرج الشيخ أحمد التجاني سالما من هذه المحنة، بفضل الله وبفضل رباطة جأشه ويقظة هؤلاء المجاهدين الذين التزموا الهدوء وضبط النفس.
كان الشيخ أحمد التجاني ضمن الشخصيات الوطنية الرافضة لمشروع فصل الصحراء عن الجزائر منذ ظهوره سنة 1959م، فضمّ جهوده إلى جهود الشيخ إبراهيم بيوض الذي تزعّم جبهة الرفض. وجنّدت فرنسا حمزة بوبكر من أجل استمالة الشخصيات الصحراوية لتزكية مشروع الانفصال، فكان له الشيخ إبراهيم بيوض بالمرصاد بدعم من القايد العيد، والشيخ أحمد التجاني، وكان الثلاثة يمثلون على التوالي مناطق: مزاب/ ورقلة/ وادي ريغ، بدعم من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي قرّرت إضرابا عاما يوم 5 جويلية 1961م واعتباره يوما وطنيا ضد التقسيم.
وقد شهدت مدن الصحراء كغرداية، وورڤلة، وتُڤرت، سلسلة من المظاهرات الرافضة لفصل الصحراء خلال سنوات 1960 و1961 و1962م .
دور الخليفة محمد العيد الثالث
يتولى حاليًّا البروفيسور محمد العيد الثالث منصب خليفة الزاوية منذ سنة 2000م، واضعا خبرته وعلمه الغزير في خدمتها. وزيادة على استمرار النشاط الروحي الموروث عن الأجداد كقراءة القرآن والتهليل والأدعية والحضرة والاحتفال بالأعياد الدينية، وإصلاح ذات البين وتكريس التعاضد والتضامن في المجتمع، فقد عرفت الزاوية قفزة نوعية في مجال الإصلاح التربوي والنشاط العلمي في مجالات عديدة، كالتركيز على تحفيظ القرآن للصغار والكبار من الجنسين على نطاق واسع، يُكرَّمون في أجواء روحانية بهيجة خاصة خلال شهر رمضان الكريم، بحضور الأولياء وجمهور غفير يأتون من كل حدب وصوب. بالإضافة إلى دروس رمضانية تحت عنوان “معارج السالكين” في شتَّى ميادين المعرفة، يُدعى لها أساتذة من الجامعات والمؤسسات العلمية المختلفة.
الندوات العلمية
هناك أيضا ندواتٌ علمية تُنظَّم على مدار السنة، خاصة في موسم الاحتفال بالمولد النبوي الشرف، يدعى لها ضيوف من داخل الوطن وخارجه خاصة من البلدان الإفريقية حيث تنتشر الطريقة التجانية. ويجري هذا النشاط المتنوع في إطار تنظيميّ محكم، يشرف عليه مجلسٌ علمي أوكلت مهمتُّه للدكتور بوحنية ڤوي، ضمن فلسفة تقوم على “الدبلوماسية الروحية” التي تتأسّس على دعائم بناء السلم والأمن في الجزائر وإفريقيا. أما تعليم القرآن فيشرف عليه الأستاذ محمد البشير بن جعوان. ويقوم على الإمامة في الصلاة عددٌ من الأئمة من ذوي الحفظ المتقن من أحفاد الخليفة سيدي الحاج عليّ التماسيني، منهم عبد الباسط التجاني، وطارق التجاني، وغيرهم.
الاهتمامُ بالكتاب
نجح الخليفة محمد العيد الثالث في إنشاء مكتبة عصرية في شتى مجالات العلوم، يزيد عدد كتبها عن 35.000 كتاب جرى جردها بطريقة جيّدة، يستفيد منها القراء والباحثون، وبها أيضا جناحٌ خاص بالحواسيب توفر الانترنيت لرواد المكتبة. وبالنسبة لأرشيف الزاوية فقد أسنِدت مهمته للأستاذ علي غريسي. وهناك أساتذة آخرون يشرفون على مجالات أخرى متنوِّعة مثل الأستاذ الحاج عمر التجاني المشرف على المجمع القرآني، والأستاذ حيدر التجاني المكلّف بلجان التنظيم في مختلف الأنشطة والورشات والأيام الدراسية.
الانفتاح على العالم
يتميّز الخليفة محمد العيد الثالث برؤية تجديدية، ساعدت الزاوية على مسايرة العصر، أساسها توظيف العلوم المعاصرة وتكنولوجيتها، لخدمة الرسالة الروحانية بطرائق عصرية تنسجم مع القفزة المعرفية التي يشهدها العالم، وهو ما جعل الزاوية نقطة ارتكاز تهوي إليها الأفئدة من خلال الزيارات السّنوية والموسمية، من أحباب الزاوية داخل الوطن بدءًا من ولاية الوادي، وصولا إلى تندوف وإليزي وأعيان تمنراست من الإخوة الأفاضل الطوارق. بالإضافة إلى الأحباب التجانيين ومريدي الطريقة من الدول الشقيقة والصديقة، على غرار السنغال والنيجر ومالي والتشاد وتونس وليبيا ومصر. كما يرتاد الزاوية أيضا باحثون من الدول الغربية.
دعمُ العلم بالأخلاق
من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تسعى الزاوية إلى استئصالها، ظاهرة “الفردانية” المشبَّعة بالأنانية الوافدة إلينا من الغرب، وأمام هذه المعضلة لم يدّخر الخليفة محمد العيد الثالث أي جهد من أجل اجتثاث مرض “الأثرة” من القلوب، وتحليتها بفضيلة “الإيثار” الربانية، وقال في هذا السياق: «في زمن تعمّمت فيه النزعة الفردية واستفحلت الأنانية الشخصية، نحن في أمسّ الحاجة إلى تجسيد روح التضامن والمسؤولية تجاه المجتمع، فبهذه الروح لا نرتقي بأنفسنا فحسب، بل نستطيع مجاراة زماننا، نأخذ من خيره ما يسمو بنا، ونتحصّن من شرّه بما يحفظ لنا نقاء أرواحنا».
تلقى الشيخ أحمد التجاني رسالة من مصطفى بن بلعيد يدعوه فيها إلى التعاون مع الثورة. وعندما جاء سي الحواس إلى بلدة المغيّر لتنظيم صفوف الثورة في منطقة وادي رِيغ، كان الشيخ التجاني ضمن المدعوّين إلى الاجتماع، ما يؤكد الثقة الكبيرة التي كان يتمتع بها لدى قادة الثورة بحكم روحه الوطنية المعهودة. وبالفعل دعا أتباعه إلى الانضمام إلى صفوف الثورة، ووضع كل إمكاناته المادية والمالية الموجودة في الجزائر وفي تونس في خدمتها.
لا يمكن في نظر الخليفة محمد العيد الثالث تحصين الناشئة بالأخلاق والعلم إلاّ بإعادة الاعتبار للنخب الفكرية مصداقا لقوله تعالى: «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون»، وكذا تحسين دور الجامعات في التربية والتعليم وإعادة الاعتبار للكتاب وللقراءة. ومن مهام الزاوية الرئيسية، تكريس المثاقفة بينها وبين المجتمع عن طريق الندوات العلمية واللقاءات الروحية، فهي بمثابة منبر للأخذ والعطاء. ومهما يكن من أمر، فالزائر للزاوية يحظى بقدر معيّن من الفائدة العلمية والروحية في جميع الأحوال حسب القاعدة الشعبية المتداولة فيها (إذا ماتْعَشِيتشْ، تْبَاتْ أمْغَطِي).
أما التربية الروحية فإن سيرة الرسول (ص) هي القدوة المثلى للسالكين في مدارج العبادة، وهم يستفيدون من عثراتهم على غرار استفادة الطالب من إخفاقاته المدرسية لتصحيح المسار الروحي، فكلّ بني آدم خطّاء، وخير الخطائين التوابون كما قال رسولنا (ص).
هذا ويُعدّ تحفيظ القرآن وتعليمه في الزاوية بمثابة قطب الرحى وعليه المدار، عملا بقول الرسول (ص): «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه». ومن بركاته أن كتاب الله يُختم في شهر رمضان، وكذا كتاب البخاري.
من الركائز الأخلاقية التي يسعى خليفة الزاوية سيدي محمد العيد الثالث إلى تحصين الناشئة بها، الاعتماد على النفس في معترك الحياة، حتى لا يكون الفرد عالة على المجتمع وحِملا ثقيلا على الدولة، فهذه الأخيرة تُعطي الخدمات بقدر الإخلاص الذي تتلقاه من المواطنين بتفانيهم في أداء الواجبات، وبعد ذلك يصير الحديث عن الحقوق مناسبا ومشروعا.
الاهتمامُ بالمرأة
يؤمن الخليفة محمد العيد الثالث بدور المرأة في المجتمع، لذلك تتعدّد الجمعيات التي تشرف على الأعمال الخيرية في الزاوية التجانية بتماسين، منها جمعية أنمار التي تؤدّي دورا مهما في تكوين المرأة وتعليمها، وقد تجلى هذا النشاط بشكل أساسيّ خلال فترة وباء كورونا.
جولة سياحية في قصر تماسين القديم
من الفوائد الثقافية التي جنيتها من زيارتي لزاوية تماسين التجانية في إطار الدروس الرمضانية الموسومة بـ”معارج السالكين”، زيارة قصر تماسين القديم الذي كان بمثابة القلب النابض لهذه البلدة. ويعود الفضل في تحقيق هذه الزيارة للدكتور بوحنية ڤوي الذي تجوّل بي بسيارته في مدينة تماسين، بمعية الأستاذ محمد البشير بن جعوان. كانت البداية زيارة خاطفة لأجنحة مجمع الزاوية الثقافي الرائع الذي يوفر للزوار الجوّ المناسب للعبادة ولطلب العلم بصفة عامة.
مررنا في طريقنا إلى قصر تماسين القديم، ببحيرة طبيعية رائعة ذات مياه عذبة تضفي على المدينة جمالا خلابا، وتلطّف المناخ الحار، يقصدها السكان طلبا للراحة والسكينة، وبها طيورٌ محلية وأخرى مهاجرة، وهي هِبة من السماء، بمثابة جوهرة في جيد الصحراء. وارتبط ذكرها باحتفالية سنوية تنظمها بلدية تماسين بالتنسيق مع مديرية الثقافة ومصالح ولاية تڤرت.
كان الشيخ أحمد التجاني ضمن الشخصيات الوطنية الرافضة لمشروع فصل الصحراء عن الجزائر منذ ظهوره سنة 1959م، فضمّ جهوده إلى جهود الشيخ إبراهيم بيوض الذي تزعّم جبهة الرفض. وجنّدت فرنسا حمزة بوبكر من أجل استمالة الشخصيات الصحراوية لتزكية مشروع الانفصال، فكان له الشيخ إبراهيم بيوض بالمرصاد بدعم من القايد العيد، والشيخ أحمد التجاني، وكان الثلاثة يمثلون على التوالي مناطق: مزاب/ ورقلة/ وادي ريغ، بدعم من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
أخبرني السيد إسماعيل فراجي، إمام مسجد باعيسى -الذي كان لنا خير دليل في زيارة القصر العتيق- أن سكان المنطقة قد قاموا باستحداث ربوة بالأخشاب وجذوع النخيل حين شرعوا في بناء هذا القصر، ثم أحاطوها بخندق وأسوار للحماية، وجعلوا لها أبوابا رئيسية وعددها ثلاثة أهمها باب سوق “أمَنْدِي” أي سوق القمح، وأخرى فرعية خاصة بالزائرين تؤدي مباشرة إلى المساجد، تُفتح عند الفجر وتُغلق عند الغروب.
بُنيت منازل القصبة وأزقتها بمواد محلية من طين وحجارة وأخشاب النخيل، وفق مخطط هندسيّ ذكيّ يردع الغزاة. وللقصر العتيق سبعة مساجد، رأيتُ منها جامع باعيسى المرتبط بالفترة الإباضية في تاريخ القصر، والجامع الكبير، ومسجد الحاج عبد الله المغرواي المغربيّ الذي مازالت منارته المربّعة المقدّر علوّها بنحو 22 مترا في حالة جيّدة نسبيا، وقد بناها في وقت لاحق أحمد الفاسي. ولم أتمكّن من زيارة المساجد الأخرى وهي مسجد سيدي عزّوز (نسبة إلى الطريقة العزّوزية)، ومسجد لالة مستورة، ومسجد لالة ست البنات (منهار).
شاهدت أطلال الزاوية التجانية التي أسّسها سيدي الحاج علي التماسيني سنة 1803م بإشارة من سيدي أحمد التجاني المقيم آنذاك في مدينة فاس المغربية، وبها مسجد يسمّى القبة الخضراء، يحتوي على جناح يسمّى باللسان الشلحي المحلي “الڤرْبُوسَة” أو “تقارْبُوسْتْ” وهو خاص بتعليم القرآن للصبيان خلال أيام الأسبوع، ثم يتحوّل إلى مصلّى للنسوة أيّام الجمعة، له مدخلٌ خاص يمكّنهنّ من الدخول والخروج من دون احتكاك بالرجال. ورأيت أيضا موقع مدرسة النجاح الحرّة التي أسّسها محمد الأخضر السائحي سنة 1948م، بدعم من الشيخ أحمد التجاني التماسينيّ. كما شاهدتُ لافتة تحمل اسم “جمعية إحياء قصر تماسين”.
هناك أيضا ندواتٌ علمية تُنظَّم على مدار السنة، خاصة في موسم الاحتفال بالمولد النبوي الشرف، يدعى لها ضيوف من داخل الوطن وخارجه خاصة من البلدان الإفريقية حيث تنتشر الطريقة التجانية. ويجري هذا النشاط المتنوع في إطار تنظيميّ محكم، يشرف عليه مجلسٌ علمي أوكلت مهمتُّه للدكتور بوحنية ڤوي، ضمن فلسفة تقوم على “الدبلوماسية الروحية” التي تتأسّس على دعائم بناء السلم والأمن في الجزائر وإفريقيا. أما تعليم القرآن فيشرف عليه الأستاذ محمد البشير بن جعوان.
وقد تجوّلت في أحياء هذا القصر العتيق رفقة السيد إسماعيل (إمام جامع باعيسى) الذي كان خير مرشدٍ لي، بمعية الأستاذين بوحنية ڤوي، ومحمد البشير بن جعوان. وقد حزّ في نفسي أن أراه في حالة متقدِّمة من التدهور، جرّاء الأمطار ولغياب الصيانة رغم كونه مصنَّفا تراثا وطنيّا منذ سنوات. ولعل ما جلب نظري، أن بعض جوامع هذا القصر المهجورة مازالت عامرة، تؤدّى فيها الصلاة، ويقرأ فيها القرآن في بعض المناسبات. لا شك أن هذا القصر العتيق في حاجة إلى ترميم في أسرع وقت لإنقاذ ما تبقى منه، ويمكن أن يصبح في المستقبل قِبلة للسياحة الثقافية.
وكان مسك ختام هذه الجولة، تعريجنا على قصر عمر الذي مازال أهله يحتفظون بلسانهم الأمازيغي ويحيون بعض العادات القديمة كالاحتفال بحلول السنة الأمازييغة تؤدّى فيه لعبة “ازَغْوَانْ”، كما يحتفلون بعيد النخيل ويقيمون له “لمْبَاتْ” (احتفال ليليّ)، يتناول الحاضرون فيه طبق الكسكس المحليّ (بنْدْرَاڤْ).
الخاتمة
سُررت أيّما سرور بهذه الزيارة التي مكنتني من التعرف على زاوية تماسين التجانية وعلى تاريخها العريق، ودورها التربوي- التعليمي الذي لا يزال قويا بأساليب تربوية حديثة مكّنتها من مسايرة العصر. كما اطلعت أيضا على دورها في دعم النضال السياسي من أجل حماية سكان المنطقة من مظالم الاستعمار قدر المستطاع، وكذا دورها البارز في دعم ثورة أول نوفمبر 1954م، وفي محاربة مشروع فصل الصحراء عن الجزائر.
رحم الله شيوخ الزاوية الراحلين، وأعان القائمين على شؤونها في الحاضر. وأرجو أن تستثمر الدولة الجزائرية في أمجاد هذه الطريقة التي تجاوزت حدود الوطن، من أجل الدفاع عن مصالح وطننا في القارة السمراء وخارجها، عن طريق توظيف ما يسمى بـ”الدبلوماسية الروحية”. وما ذلك على الله بعزيز.