-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

راحت “الياقوتة الحمراء”

حسان زهار
  • 4057
  • 16
راحت “الياقوتة الحمراء”
ح.م

ما حدث للتيار الوطني الأصيل، وهو يبحث عن الياقوتة الحمراء، بين الطلاسم وركاب العقل المغيب، هو ذاته ما وقع للعاشق الولهان الذي ذهب يستقرئ حظه عند قارئة الفنجان.

ما حدث لهذا التيار المجبول على البحث عن الياقوت وسط الركام، وعن المرجان وسط الحطام، هو ذاته النهاية المأساوية لذاك العاشق الولهان، مع قارئة تقرأ المستقبل في خطوط الفنجان، وهي تخبره بأنه سيفتش عن محبوبته (في كل مكان، وسيسأل عنها موج البحر وفيروز الشطآن)، لكنه (سيعرف بعد رحيل العمر بأنه كان يطارد خيط دخان).

لقد استيقظ الباحثون عن الأوهام وسط الأحلام، على حقيقة صادمة، أن كل الذي قيل عن “جوهرة” لم يخلق الله مثلها، في الأولين ولا في الآخرين، قد تبخر مع أول اعلان لسلطة الانتخابات عن قائمة الفرسان المرشحة، حيث لا جوهرة ظهرت ولا ياقوت، إلا ما كان من فضة وقصدير وحجر غير كريم وطين وحمإ مسنون!

استيقظ “المغرر بهم” في الاتجاه الآخر من المعركة، على أنهم خدعوا، وهم الذين اتكلوا وتواكلوا على ظهور فارس على ظهر جواد أبيض بأجنحة تغطي وجه السماء، تدفع به اليهم العناية الإلهية، لكي يتوجهوا جميعا للانتخاب عليه وتتويجه رئيسا عليهم، وهم في غمرة من أمرهم لاعبين.

الحيلة انطلت على الكثيرين، تركوا مجال التدافع السياسي الحقيقي، تركوا الميدان وسكنوا دكاكين “الفيسبوك”، ثم منعوا المبادرات، وسخروا من كل المترشحين، لأنهم لم يحملوا في جيبهم شهادة اثبات المعدن، واتفقوا أن كل الذين تقدموا انما هم من معدن مغشوش، ولا خير فيهم.

اين البديل؟ لا بديل حتى الأيام الأخيرة من آخر أجل لتقديم ملفات الترشح، انتظروا أن يخرج لهم “المرشح المنقذ”، مرشحا باديسيا نوفمبريا، من كوكب لا ينتمي إلى هذه المجرة، حتى يصطفوا خلفه جنودا مجندين، ونسوا أن المؤسسة العسكرية أعلنت مرارا وتكرار، أنها لا تملك اي مرشح، وأن على الشعب ونخبه الحية، أن تتحرك قبل فوات الأوان.

وها قد فات الأوان، ولا ياقوت ظهر ولا مرجان، وبدأ العويل والنحيب والنكران، وشيئا فشيئا، ستتوجه الجموع المغيبة، المجبولة على الرفض والبهتان، إلى تكرار نفس الأخطاء الفادحة التي سبقت، وقد اتجه البعض فعلا بعد الصدمة، الى زبانية الرفض المطلق لكل شيء، لطلب صكوك الغفران، بينما بقي البعض جامدا من هول الصدمة، لا يدري الى أي باب يتجه، ولا ناحية اي مرشح ستقذف به سفن التيهان.

واعتقادي أن أكبر خطإ، سيرتكبه مجددا، الذين ضيعوا الياقوت والمرجان، هو البقاء طويلا مرة أخرى، في حال الدهشة وعدم القدرة على اختيار أحد الفرسان، من الخمسة الذين كانوا أكثر واقعية في العمل السياسي، وعدم القدرة على فرض شروطهم في لعبة التفاوض هذه، والذهاب مشتتين مرة أخرى الى الانتخابات، لتتوزع أصواتهم على الجميع، ويخسروا في النهاية كل شيء، ويروح كما يقال في المثل (بالقط بالشريط).

الفشل في اختيار مرشح توافقي والدفع به إلى الواجهة، لا يختلف في جوهره، عن الفشل في اختيار رجل من الخمسة، مع فرض شروط الدعم والإسناد.

وجريمة الفشل في تقديم مرشح واحد تسنده الملايين، لا تقل عن جريمة الفشل في الاختيار والمفاضلة بين (أفضل السيئين)، وبالتالي القبول بكارثة تشتيت أصوات الوعاء الانتخابي الأصيل.

ففي النهاية، العقل والمنطق يقولان، اذا راحت الياقوتة الحمراء، وهي التي لم تكن أكثر من وهم جميل، فلنجتهد في انقاذ الوطن ولو بقلادة من فضة، وذلك اضعف الإيمان.

أما الياقوت الأحمر، والجواهر الحسان، فسنكتشفها في باطن هذه الأرض المعطاء، حين نشمر على سواعد الجد، ونبدأ بعد انتخاب الرئيس، في المعركة الحقيقية ضد الجهل والتخلف والعيش وسط الطلاسم والأساطير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • كمال الاوراسي

    انا من مدينة خنشلة اختار السيد ميهوبي عز الدين كرئيس للجمهورية الجزائرية فهو الاصغر والاكفأ والافضل .
    السيد ميهوبي رجل نزيه ناشط في مجاله وقطاعه.
    عز الدين ميهوبي وزير الثقافة في الحكومة الجزائرية، أديب وكاتب، ولد سنة 1959 بعين الخضراء (ولاية المسيلة). جده محمد الدراجي، من معيني الشيخ عبد الحميد بن باديس في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كان جده قاضيا أثناء بالثورة التحريرية. ووالده جمال الدين، مجاهد وإطار متقاعد.
    يحمل شهادات جامعية :
    1980- 1984 : المدرسة الوطنية للإدارة (ديبلوم تخصص الإدارة العامة).
    2006- 2007: جامعة الجزائر (ديبلوم في الدراسات العليا المتخصصة- فرع الاستراتيجيا).

  • عبد الله freethink

    صحيح، لو إتفق مثلا "خرشي النوي" مع "فارس مسدور" و"جمال عباس" ...لكانوا اليوم في الرئاسة بنسبة كبيرة جدا.
    خرشي وجمال واضح أنهم من التيار الوطني النوفمبري الباديسي على حسب تصريحاتهم ، لكن تبون أيضا يقول أنا نوفمبري وطني.
    المهم، أنت تقول لهم "راحت الياقوتة الحمراء"، وأنا أقول لهم إحزنوا على ما فرطتم فيه بعدم تحالفكم وتحضيركم الجيد لهذا التكليف المشرف المتمثل في رئاسة الجمهورية والفضل الذي كان سينسب إليكم في حالة نجاحكم في إنقاذ الجزائر من ورطتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية.. والآن ماعليكم سوى بأغنية الراحل كمال مسعودي رحمه الله "راح الغالي راح، رااااااح...ودى غرامو معاه"

  • مقبرة المواهب

    ياسي محمد راك غالط غلاط كبير ... ما راناش نحوسوا على الياقوت رانا نحوسوا على قطيط قيسنا قيس روحنا ... لا زيادة لا نقصان قدقد.

  • الطيب

    انت الذي تفانيت في الترويج للانتخابات وناديت الى التخمة بمعركة الصندوق وخونت كل من يعارضها ، تأتي اليوم لتقول لنا أن الانتخابات ستجري بمرشحين من قصدير. أن تفيق متأخرا خير من أن لا تفيق أبدا.

  • أعمر الشاوي

    إعترفت أخيرا أن المترشحين المقبولين هم من مخلفات النظام الفاسد البالي , شيء جميل واصل في إستفاقتك هذه لكن أريدك أن تعلم أننا لن نقبل برئيس منتشل من .... أبدا , لهذا فلن نذهب للتصويت

  • علي

    روح وانتخب على فارسك وفارس السلطة تبون وريحنا .

  • ياسين

    السياسة ليست غباء و لا دجل بل هي علم يحسنه القليل من الناس ممن رزقوا العقل و الحكمة...أما المقاولين و الدجالين فيمارسون طقوس الشعوذة و الدجل لاستغفال و استغلال السذج من الناس؟ هذا ماحدث للشعب التائه بين الدجالين و المشعوذين الجدد الذين زينوا له الأوهام و اليوم يحاولون زرع اليأس في نفوس العباد لتحطيم البلاد و إغراق السفينة بمن فيها؟؟؟

  • قارعة الفنجان

    عبد الحليم الأطرش
    هن

  • احمد

    من اي بحر تغرف ؟

  • مامون

    تحليل منطقي عقلاني بعيد عن العراطف الجياشة التي لا تغني ولاتسمن من جوع .فل الافضل اختيار مترشح برهن على نزاهته وعلى قدرته على التسيير وعالم بخبايا الادارة ومطباتها وله رؤية اقتصادية تعينه في تسيير الجزائر الى بر الامان.

  • رشيد

    طلاسم او كلمات بدون مدلول و لا معنى

  • إسماعيل الجزائري

    يبدو أنك قد صُدِمتَ أنتَ أيضًا يا سي حسّان!
    ربّنا إننا مغلوبون فانتصِرْ.

  • alilao

    من حق الشعوب أن تختار لنفسها حكاما نزهاء وأن تجتهد في تنظيم الإنتخابات الأكثر شفاقية وأن ترفض انصاف الحلول وأشباه الرؤساء وأن تتصدى لكل المحاولات الرامية لمغالطتها أة مخادعتها. شعبنا جرب الانتخابات المزورة وأنصاف المسؤولين وأشباه الأحزاب والحلول المخدوعة منذ 60 سنة ولا يحق لأحد اليوم أن يلومه على حذره أو يعاتبه على فقدانه الثقة في الخطاب السياسي المزيف والكلمات الرنانة والوعود الزائفة. وليس ذلك من باب البحث عن الكبريت الأحمر بل من باب الشجاعة والصمود والتصميم على الوصول الى التغيير الجذري المنشود وعدم الوقوع مرة أخرى في أخطاء ومغالطات الماضي.

  • صالح

    لم يفت الأوان، لا انتخابات ببقايا عهد العار.
    الشروط الشعب الذي يحددها ، الشعب لا يحتاج وصاية من أحد مهما كان ذكاءه وولاءه وامانته، أجدادنا ضحوا بأنفسهم ، ولم يهن إخوانهم الذين كانو معهم ، الموعد يحدد عندما تنفذ شروط الحراك .

  • حسناء بنت الجبل

    للاسف لأن عقول البعض لا تستوعب ، فالياقوت الاحمر صفة قد تدل على ميزة معينة أو على شخص معين ، و ليس الرئيس الذي ننتظره فقط ، انسى الاتكال البعض مهمة البحث عن المترشح الاجدر بالتصويت ، فلبثوا وراء الشاشات ينتظرون و ما حالنا احسن من حال الشيعة الذين يتباكون من اجل ظهور المهدي ، ضيعنا الفرصة و لا حل امامنا سوى القبول بالواقع لاننا فرضنا على انفسنا هذا النمط ، فنحن شعب المواقع لا الواقع

  • جزائري.

    ...............كلام أعتبره في الصميم. شكرا جزيلا.