“رحلات الشواطئ”.. متعة محفوفة بالمخاطر

تشهد الكثير من المدن الداخلية، تذبذبا في النقل المحلي، حيث يتخبط الكثير من المسافرين والذين يتنقلون إلى مقرات عملهم أو لقضاء حاجاتهم بالحافلات أو بسيارات “الطاكسي”، في أزمة نقص هذه الوسائل التي تهافت أصحابها على الرحلات نحو الشواطئ من أجل الربح السريع..
وإلى جانب المعاناة التي تسبب فيها أصحاب الحافلات الصغيرة، المتعلقة بالنقل في محطات المسافرين داخل المدن، وعلى مستوى الطرقات، فإن الكثير منهم لم يلتزموا بشروط منحهم ترخيص خطوط جديدة نحو الشواطئ، فتفرغوا تماما للرحلات السياحية، متجاهلين حق المواطنين في النقل داخل المدن وخارجها كضرورة ملحة تحتمها عليهم الواجبات والمهام، وقضاء الحاجيات.
والربح من الرحلات نحو الشواطئ جعل أصحاب الحافلات الصغيرة، وسائقي”الطاكسي”، يختارون التعامل بـ”الكورسا” مع الجمعيات والنوادي، والمجموعات الشبابية والعائلات في ظل انتعاش السياحة الداخلية..
ناقلون خارج الخدمة
ويؤكد المهنيون في هذا المجال أن أزمة النقل وسط المدن الساحلية والداخلية في الكثير من الأحيان، وراءها غياب أصحاب الحافلات الصغيرة، وانشغالهم بالرحلات السياحية، ففي ولاية تيبازة، المدينة الساحلية، التي يكثر بها السياح والمصطافون خلال العطلة الصيفية، يعاني المسافرون الذين ينتظرون لساعات طويلة في محطات الحافلات من نقص وسائل النقل، فهم يجدون كل صباح محطات المسافرين تكاد تكون فارغة من هذه الوسائل، فحتى المصطافون الذين قدموا من ولايات أخرى يحتشدون في هذه المحطات ويتدافعون من أجل الحصول على مقعد داخل الحافلة، وذلك لقلة هذه الأخيرة.
80 ألف ناقل خاص.. أغلبهم يملكون ترخيصا للنقل نحو الشواطئ
وحول هذا الموضوع، أكد عبد القادر بوشريط، رئيس الاتحادية الوطنية للناقلين الخواص، أن معظم الناقلين تحصلوا على تراخيص خطوط النقل الجديدة نحو الشواطئ، وقال إن انتعاش موسم الاصطياف لهذا العام، شجع الناقلين الخواص على الرحلات السياحية التي تدخل ضمن برامج خاصة للموسم.
وأوضح أن حصول أصحاب الحافلات الصغيرة على التراخيص من طرف مديرية النقل، لا يعني أنهم ملتزمون جميعا بشروط منح الخط الجديد للنقل، حيث إن بعضهم يركضون وراء الربح السريع والعمل المربح، ويتناسون دورهم في توفير النقل للمواطنين.
ويرى محدثنا بأن ما يعكس المعاناة في بعض محطات نقل المسافرين، يدل على توجه أغلب أصحاب الحافلات الصغيرة إلى الشواطئ، خاصة في ظل زيادة الرحلات السياحية المنظمة من طرف الجمعيات، والوكالات السياحية، والمجموعات الشبابية والنوادي.
وأشار عبد القادر بوشريط إلى أن لجنة العقوبات على مستوى كل الولايات، حريصة على معاقبة أصحاب الحافلات، سواء التابعة للنقل الحضري أم للخواص، من الذين يتخلفون على خدمة ونقل المسافرين من المحطات، وإهمالهم بعض خطوط النقل، وأضاف أن حجز وسائل النقل لأصحابها المخالفين لشروط النقل والخطوط الممنوحة لهم، قد تدوم 45 يوما، إضافة إلى غرامات مالية في بعض الأحيان.
رحلات.. بين الربح والمتعة وخطر حوادث المرور
ومن جهته، قال الدكتور محمد كواش، خبير دولي في السلامة المرورية، أن رغبة الكثير من المواطنين في الاصطياف خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، أدى إلى زيادة الطلب على الرحلات نحو الشواطئ، التي تنافست على تنظيمها الجمعيات والنوادي، والعائلات، ومجموعات شبابية، وهو ما جعل مديريات النقل تمنح رخصا استثنائية لاستغلال خطوط نقل جديدة نحو البحر من طرف أصحاب الحافلات.
ويرى كواش أن الرخص الممنوحة لبعض أصحاب الحافلات الصغيرة، لم تدرس جيدا، ولا تخلو من الفوضى، حيث أصبح هناك تعسفا في الغياب عن محطات النقل التي باتت شبه فارغة في بعض المدن الجزائرية، خاصة في الفترة الصباحية.
وأكد كواش أن اغلب الذين استفادوا من رخص الخطوط الجديدة نحو الشواطئ، متعودون على المسافات الصغيرة، والنشاط داخل المدن، ما قد يضاعف من مخاطر حوادث المرور، لاسيما بحسبه، أن هؤلاء يعملون بشكل يومي، ويغتنمون عطلة الأسبوع أو منصفه لتنظيم الرحلة نحو الشاطئ.
وحذر مصدرنا من هذه الرحلات، لأن السائق يكون تحت رحمة تعب شديد ونقص في النوم، وغالبا ما يعود بحافلته متأخرا من رحلته التي كانت نحو الشاطئ، كما أنه في اليوم الموالي يعود إلى خطوط النقل القديمة، وهو في حالة نفسية وجسدية متدهورة.
ونبه الخبير في السلامة المرورية، إلى أن أغلب هذه الرحلات منظمة من طرف شباب مراهقين، فالسائقون شباب والركاب أيضا في بعض الأحيان شباب، وهؤلاء، بحسبه، يمارسون نوعا من الحرية في أثناء الرحلة، المصاحبة لموسيقى صاخبة، وحركات عشوائية بإخراج اليدين من النوافذ، وغيرها من التصرفات التي تشوش على السائق.
وخطر حوادث المرور الذي تسببه هذه الحافلات، ناتج أيضا بحسب كواش، عن توتر السائق وغياب تركيزه على الطريق، وإزعاجه بمناوشات وشجارات داخل المركبة، خاصة إذا عاد ليلا من البحر، وكان الطريق بالنسبة له طويلة، ولا يعرفه جيدا.
وتأسف ذات الخبير، من رحلات الحافلات الصغيرة التي أغلبها تشكل خطرا، وتتسبب في حوادث المرور، يفضلها في الغالب شباب ومراهقون يجبرون السائقين على القيام بسرعة جنونية والمناورات الخطرة واستعمال السرعة للعودة مبكرا.