رسالة مغربية مشفرة إلى ترامب تحذيرًا من حرب مع الجزائر!
استفاق النظام المغربي أخيرا، على قناعة مفادها أن ما سماها “الانتصارات الدبلوماسية” التي صدّع بها آذان الشعب المغربي لم تجلب له الصحراء الغربية على طبق كما أوهم العالم عبر أذرعه الدبلوماسية والإعلامية، وهو ما دفعه إلى الخروج بمفاجأة جديدة، تتمثل في التحذير من نشوب حرب في المنطقة، والسبب هو الجزائر دائما.
الجديد جاء على لسان وزير خارجية النظام المغربي، ناصر بوريطة، الذي حذر من حرب زعم أن الجزائر قد تشنها ضد بلاده، وذلك خلال تقديمه مشروع الميزانية القطاعية لوزارته للسنة المالية 2025 أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والشؤون الإسلامية والهجرة والمغاربة المقيمين بالخارج في مجلس النواب (البرلمان).
وتحدث بوريطة استنادا إلى تقارير إعلامية مغربية متواترة عن “مؤشرات تدل على رغبة الجزائر في إشعال حرب بالمنطقة والدخول في مواجهة عسكرية مع المغرب”.
أما السبب حسب زعمه، فهي الانتصارات الوهمية التي حققها النظام العلوي في الآونة الأخيرة، فيما بدا إشارة إلى الموقف الفرنسي، الذي عبر عنه ماكرون قبل وأثناء زيارته إلى النظام العلوي الشهر المنصرم.
غير أن بوريطة تجاهل تماما أكبر صفعة تلقاها النظام العلوي منذ سنوات طويلة فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية التي يعتبرها القضية الأولى لبلاده، والمتمثلة في قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي قضى بأن لا سيادة للمملكة العلي على الأراضي الصحراوية، وهو القرار الذي يعتبر الأقوى من الناحية القانونية مقارنة بمواقف المسؤولين السياسيين، التي تبقى رهينة الشخص وليس المؤسسة.
وفي حالة نادرة، هاجم النظام المغربي الجزائر من أعلى هيئة سيادية ممثلة في القصر ووزارة الخارجية في ظرف ثلاثة أيام فقط، فيوم الأربعاء السادس من نوفمبر 2024، قال العاهل المغربي، محمد السادس، إن “هناك من يستغل قضية الصحراء، ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة”، والإشارة واضحة هنا بأن المستهدف من هذا التصريح هو الجزائر.
وقد كانت هذه العبارة مثار سخرية لدى شبكات التواصل الاجتماعي الجزائرية وحتى المغربية، حيث تساءلوا عن الجهة التي تصدر مشاكلها للخارج. وأشار غالبيتهم إلى أن النظام المغربي هو الذي يحاول توجيه اهتمامات الشعب المغربي الذي يعاني من أزمة سكن قاتلة وبطالة خانقة وفقر لا يطاق، وغلاء فاحش حال دون تمكنهم من توفير حتى الغذاء والدواء، فضلا عن بقية الضروريات الأخرى.
وإن حاول العاهل المغربي اتهام الجزائر بتصدير مشاكلها، فالرجل غير مدرك تماما لما يقول، لأنه قال أيضا في الخطاب ذاته “هناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه”، ما يؤكد بأن العاهل المغربي يقرأ فقط ما يكتبونه له، ولو كتب هو خطابه لما تجرأ أن يكتب مثل هذا الكلام، لأن الأمم المتحدة لا تعترف حاليا إلا بمشروع واحد، وهو الاستفتاء، الذي خصصت له بعثة تسمى “بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو”، أما مخطط الحكم الذاتي فهو لا يزال مجرد طلاسم تجهلها الهيئة الأممية، بدليل مطالبة الأمين ، أنطونيو غوتيريش، للنظام المغربي بتقديم مشروع المخطط غير أن الرباط لم تتجرأ على تقديمه أو حتى شرحه.
ويمكن فهم سياق حديث بوريطة عن الحرب في المنطقة من خلال التحولات التي يشهدها العالم حاليا، وبالضبط نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي جاءت بالرئيس السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض مجددا، والذي تعهد بوقف الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط وفي شرق أوروبا.
ومن هذا المنطلق، يرجح أن يكون كلام رئيس دبلوماسية النظام المغربي، محاولة واستجداء للرئيس الأمريكي المنتخب حديثا، الرافض للحروب، منبها إياه إلى مخاطر حرب قد تندلع على ضفاف البحر المتوسط الجنوبية، التي تشكل تماسا للنفوذ الغربي، في محاولة لاستمالته أملا في حل النزاع الصحراوي، الذي سوف لن تفكك ألغازه بتصريحات بهلوانية من قبيل تلك التي صدرت عن الرئيس الفرنسي، بدليل حديث النظام العلوي في كل مرة عن عشرات القنصليات والمواقف الداعمة للسيادة العلوية المزعومة على الصحراء الغربية، ومع ذلك لا يزال الوضع كما هو عليه منذ اندلاعه في سبعينيات القرن الماضي.