روسيا تطلب “سحب القلم” من أمريكا في تقرير “المينورسو”
لم تمر جلسة مجلس الأمن الدولي التي خصصت للتصويت على تمديد عمل ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو”، الأربعاء المنصرم، كما جرت العادة في هدوء، بل حملت صداما بين القوتين العظميين، روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب انحياز واشنطن للنظام المغربي في إعداد نص القرار الذي عرض للتصويت حينها.
فقد طالب مندوب جمهورية روسيا الاتحادية الدائم في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الولايات المتحدة الأمريكية بترك دورها كـ”حاملة القلم” في صياغة نص القرار الذي يتضمن تمديد عمل ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو”، لكونها لم تعد محايدة، بل طرفا في الصراع بين النظام المغربي والجمهورية الصحراوية، منذ أن قرر الرئيس السابق، دونالد ترامب، بتغريدة منح الصحراء الغربية على طبق للنظام العلوي.
وقال المسؤول الروسي: “نود التأكيد على أن سلوك الأمريكيين المسؤولين عن إعداد مشروع القرار يدفعنا إلى التفكير جدياً مرة أخرى في قدرتهم على القيام بدور مشارك محايد في عملية المناقشة. وقد أثرنا هذه القضية في السنوات الأخيرة، لأنه بعد الموقف الذي عبرت عنه الإدارة الأمريكية السابقة بشأن عدم وجود بديل للسيادة المغربية على إقليم الصحراء الغربية، أصبح من المستحيل الحديث عن حياد الولايات المتحدة في هذا الشأن”.
وكانت روسيا قد امتنعت عن التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن الذي أعدته الولايات المتحدة بشأن تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية، إلى جانب الموزمبيق بصفتها عضو غير دائم، فيما صوتت 12 دولة مع القرار مثل الصين وأمريكا وفرنسا وبريطانيا، أما الجزائر فقد تغيبت عن الجلسة لرفض إدراج اقتراحها بتوسيع عمل بعثة المينورسو ليشمل حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
ويشرح المندوب الروسي مبررات دعوته لسحب صياغة نص القرار من الولايات المتحدة، في مداخلته له بعد التصويت في فيديو موجود على موقع الهيئة الأممية: “في رأينا أنه (نص القرار) لا يعكس الواقع على الأرض، ومن غير المرجح أن يسهم في إيجاد حل مقبول لطرفي الصراع. واقترحت روسيا، إلى جانب وفود أخرى، سلسلة من الاقتراحات والإضافات على النص، والتي تم تجاهلها. واعتبرنا أنه من المناسب أن يعكس ما هو واضح للجميع – عدم إحراز تقدم في التسوية، فضلاً عن “دعوة طرفي النزاع” وجميع الأطراف المعنية لتجنب الأعمال التي يمكن أن تسبب تصعيد التوترات في المنطقة”.
ويضيف الدبلوماسي الروسي: “لقد تم تجاهل طلبنا بالتمييز بوضوح بين طرفي النزاع، المغرب وجبهة البوليساريو، والجهات الفاعلة الخارجية. وفي الوقت نفسه، أجرى المسؤولون الأمريكيون بعض التغييرات على النص مقارنة بقرار العام الماضي رقم 2703، مما جعله أقل توازنا”.
ولاحظ المندوب أن “اللامبالاة التي أبدتها الولايات المتحدة تجاه آراء بعض أعضاء المجلس، بما في ذلك الأعضاء الدائمين، تتعارض مع الممارسات المقبولة عموما. إننا نحث الأمريكيين على النظر في إنهاء المهمة التي تشرف على إعداد المقترحات المتعلقة بالصحراء الغربية ونقل هذه المسؤوليات إلى أعضاء آخرين أكثر مسؤولية في مجلس الأمن”.
ويعتقد نيبينزيا أن “التكتيكات التي تستخدمها الولايات المتحدة لبناء عملية التفاوض على النص مربكة، بل ومحبطة. ولم تتم سوى جولة واحدة من المشاورات. ومن الأعراض الأخرى عدم اجراء المناقشة الكاملة التقليدية للمشروع في شكل مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية. ويبدو أن زملاءنا الغربيين ببساطة لا يريدون المشاركة في المناقشات”.
ودعا المسؤول الروسي نظراءه الغربيين إلى أن يأخذوا في الاعتبار “حقيقة أنكم تخلقون سابقة غير سارة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على العمل المستقبلي بشأن مسألة الصحراء الغربية وعلى مخرجات المجلس الأخرى. منذ 2018، تم تعديل قرارات تمديد ولاية المينورسو، الأمر الذي يضر بشكل واضح بالمقاربة المحايدة وغير المتحيزة تجاه قضية الصحراء الغربية”.
بالمقابل، أكد نيبينزيا على موقف روسيا “الثابت والمتوازن والمحايد من أجل تسوية هذه القضية، والمتمثل في الحل السياسي العادل والدائم يجب أن يتوافق مع رغبات المغرب وجبهة البوليساريو، وأن يكون متسقا مع مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وينص على حق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية”.
وبخصوص تصويتها ضد التعديلات التي قدمتها الجزائر، والتي ترى بضرورة توسيع مهمة “المينورسو” لتشمل وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، قال نيبينزيا إن الدافع وراء قرارنا هو موقف روسيا الثابت بشأن عدم جدوى المبالغة في عنصر حقوق الإنسان في بعثات الأمم المتحدة، معتقدا بأن إسناد مهام إضافية للبعثة الأممية لا يلبي الهدف الرئيسي الذي أنشئت من أجله.