زحزاح يسلّط الضّوء على المسار النّضالي والإنساني للطّبيب فانون
كان الموعد الثّلاثاء، بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة، مع العرض الشّرفي لفيلم الحكيم فرانز فانون”، للمخرج عبد النّور زحزاح، وذلك في إطار تنظيم العروض الأولى للأفلام السّينمائية الّتي تمّ تدعيمها من طرف وزارة الثّقافة والفنون عن طريق المركز الجزائري لتطوير السّينما، حيث كان الجمهور مع محطّة مهمّة في تاريخ الجزائر وكذا شخصية الطّبيب صديق الثّورة .
وبالعودة إلى أحداث الفيلم، فقد عالج المخرج في مساحة زمنية وصلت إلى 90 دقيقة حياة ومسار الطّبيب، أثناء إقامته في الجزائر كطبيب نفسي بمستشفى البليدة 1953 إلى غاية 1956 ونضاله ضد الاستعمار الفرنسي، كما تطرّق إلى جانب مهم لهذه الشّخصية وهو الشّق السياسي وكذا الفلسفي ومقته للعنصرية بكل أشكالها، بالإضافة إلى استعراض الأساليب العلاجية التي قدّمها خلال مكوثه بالجزائر، حيث توسّع العرض إلى تفاصيل عديدة من حياة الطبيب، وكذا تاريخ الجزائر خلال هذه الحقبة.
أظهر المخرج من خلال هذا العمل، التزام هذا الطّبيب الإنساني ومواقفه كطبيب وشخص، خاصة خلال عمله بمستشفى “جوان فيل” بالبليدة أين سخّر كلّ جهوده من أجل معالجة ومداواة مرضاه المسلمين وتحسين وأنسنة الممارسات النّفسانية التي كانت سارية. بحيث قبل مجيئه، كان المستشفى أشبه بمركز احتجاز وليس مشفى لمعالجة المرضى، لكن فرانتز فانون وبعد تولّيه منصبه كرئيس مصلحة قام بإدخال تغييرات كثيرة بدءا من الممرّضين وطريقة التّعامل مع المرضى وقام بثورة كبيرة ضد العديد من الممارسات داخل هذا المستشفى، معتمدا على مقاربات أكاديمية جديدة تقوم على مفهوم “الطّب النّفسي العرقي” والذي أعطى نتائج ملموسة. كما أدخل العديد من النّشاطات الاجتماعية لهذا المبنى من أجل إعادة إدماج المرضى بطريقة سلسة، على غرار إنشاء مقهى عربي والاحتفال بالأعياد التّقليدية والخرجات والقصص والأشعار التي كانت لها نتائج إيجابية. إلى غاية وفاته في سنة1961 جراء سرطان الدّم.
وقد تقاسم أدوار هذه التّحفة ثلّة من الممثّلين على غرار الممثّل الفرنسي الكسندر ديزان، إلى جانب عدّة فنّانين جزائريين، أمثال رشيد بن علاّل، عمر بولعقيربة، شهرزاد كراشني، والموسيقي سليم دادة. وللتّذكير، سبق لفيلم فرانتز فانون الّذي أنتجته شركة “أطلس فيلم”، المشاركة في العديد من التّظاهرات السّينمائية الدّولية على غرار الدورة الـ74 لمهرجان برلين السّينمائي الدّولي (برلينالي) بألمانيا، مهرجان عنابة للفيلم المتوسّطي، واللّقاءات السّينمائية لبجاية في دورتها لهذه السّنة.