-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الافتتاحية

زمن الرقص “الكيكي”

حسان زهار
  • 2564
  • 7
زمن الرقص “الكيكي”
ح.م
إنه زمن "الكيكي".. وللكيكي أهله!

لم يكن الرقص يوما مشكلة عند العرب ولا عند غيرهم، لكن أن تتحول حياة الأمة إلى مرقص كبير، وإلى نوع من (الشطيح) السياسي والثقافي الشامل، وإلى حالة من الميوعة المبتذلة، لجيل كامل فقد القدرة على إدراك قضاياه المركزية وكيفية التعامل معها، فهنا تكمن الكارثة التي نعيشها اليوم بكل أسف.
ما أوضحته حالة الانتشار الرهيب لما سمي تحدي رقصة الكيكي، في العالم العربي تحديدا دون سواه، يظهر مدى حالة الاستلاب الحضاري التي يعيشها المواطن العربي ومنه الجزائري في مواكبة وتقليد كل ما هو غربي، على الطريقة ذاتها التي تم بها تمجيد رئيسة كرواتيا عربيا فقط لكونها رئيسة جميلة وتحتضن اللاعبين بلا عقد، حتى اضطرت معها صحيفة الغارديان البريطانية لمخاطبة العرب بأن الأمر يتعلق برئيسة فاسدة لا أكثر ولا أقل.
الرقصة التي شغلت الناس في مجمل الدول العربية، واضطرت معها جهات دينية لتحريمها، ودفعت الجهات القانونية لتجريمها ومعاقبة الفاعلين بأشد العقوبات، أوضحت بجلاء إلى أي حد صار فيه واقعنا واقعا راقصا، وهو يتمايل يمنة ويسرة بلا دليل ولا برهان، ليس فقط لأن الرقص صار شعبة محترمة من بين الشعب المهمة ضمن اختيارات الطلبة الناجحين في الباكالوريا، حيث يتوقع أن تخرج لنا جامعاتنا في القريب العاجل خبراء في الرقص الشرقي والغربي ودكاترة في الباليه وحتى في رقصة لعلاوي، وإنما لأن الراقصات أصبحت لهن مكانة مرموقة في المجتمع، بل إن هنالك من أخذت مكان الشيخ والداعية، وراحت تقدم المواعظ الدينية على شاشة التلفزيون.
هذا الأمر هو ذاته، بشكل أو بآخر، الذي يراد تسويقه تحت يافطة الثقافة مرة، وأخرى تحت ذريعة الانفتاح، ليكون بذلك الرقص هو العنوان الكبير للانقلاب على الوهابية مثلا في السعودية، وهو الدليل على محو الفترة الاخوانية في مصر، وهو البرهان على انتصار الميليشيات الأسدية على الثوار في سوريا .. أما في الجزائر التي تحول فيها مغنو الكباريهات إلى أيقونة المجتمع، تستضيفهم بلاتوهات التلفزيون وتتقاطر عليهم المشاهدات بالملايين، فقد تحول الرقص إلى وسيلة كبرى للإلهاء، حيث يرسل مغنوا الراي والمخنثين من الفنانين إلى الولايات، لإلهاء الناس عن واقعهم الصعب وعن حر الصيف بلا كهرباء ولا مكيفات، لولا أن انتفاضة ورقلة على هذا النهج قد بعث برسالة أمل من أن الرقص وحده لا يكفي لحل مشاكل المواطنين.
لب الفكرة، أن رقصة الكيكي التي فعلت فعلها في الشعوب العربية، ليست أكثر من برشيم إضافي لحالة غياب الوعي والدوخة الجماعية، لأن الرقص كفن راق لا يمكن أن يستساغ بينما البطون جائعة والأبدان عارية والرؤوس فارغة من العلم والثقافة، وإلا كانت الرقصة التي أثارت كل هذا الضجيج، بدل أن ترافقها السيارات الفارهة، ترافقها الزوايل والحمير.
وبالنهاية لا عيب في الرقص حين يكون بعد أن تشبع الكرش، لكن أن تكون البطن جائعة، والمقدسات مستلبة والحريات ضائعة، ثم يكون كل هذا الهرج، بتلك الطريقة المبتذلة، فتلك هي الكيكي في بلاد الميكي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • هشيمالهاشمي

    لماذا تأخرت عن قول مثل هذا الكلام المفيد الذي يعبر عن كل عربي جزائري مسلم لازال يتمتع بصفاء العقل السليم والمروءة والأحساس الراقي ؟! فلا خير في قوم لايأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، ؟ فغياب هذا الأمر قد يعمنا الله بعقابه جميعا بالصالح والطالح والعياذ بالله ، أن نكون مثل من نزل فيهم قوله جل وعلا * كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه* وهم اليهود ..

  • عبد المجيد مصباح

    هي حقيقة مرة اجدت الوصف

  • جثة

    يجب اعادة ظبط وبرمجة هذا الشعب الجاهل ...

  • شخص

    شباب اليوم أصبح يعيش فراغاً رهيباً في الشخصية، فلا هو ناجاح في دنيا العلم و التطور التكنولوجي و لا هو ناجح في الآخرة يراقب الله في تصرفاته و يرجو اليوم الآخر. و إنما أصبح كل التركيز لديه يقتصر على متابعة جديد الفايسبوك و صيحات الحلاقة و الأغاني و الرقصات و الكلام البذيء.
    لقد أصبحنا كما قال أحدهم : أفعال كفار و لكنهم مسلمون !

  • حورية

    بدون تعليق يا صاحب المقال ..قلت كل شيئ في زمن قل كل شيئ خاصة في الاخلاق

  • **عبدو**

    أفلحوا فقط في الرقص و تناول المخدرات و تقليد الهراء و القمامة و تضييع الوقت ... ، اما في مجال العلوم و التكنولوجا فلا شيء

  • Barbar

    مرحبا بك في زمن العولمة و الشبكة العنكبوتية الانتشار عالمي وليس حصري على العرب فقط التقوقع لم يعد ممكنا في عصرنا