-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

زمن الكوليرا!

زمن الكوليرا!
أرشيف

تؤرخ الأمم القديمة، بالأمراض الفتاكة والأوبئة، التي تقضي على عدد من السكان، ولكنها دائما تولّد من أزمتها هِمّة، وتكتب تاريخا صحيا جديدا، كما حدث في الكويت عندما قضى الطاعون على العشرات من الناس في سنة 1831، أو كما فعل السلّ في إيطاليا سنة 1720.
وقد نكون بالغنا إعلاميا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، في “التهويل” و”التخويف” من مرض لم يبلغ عدد ضحاياه أكثر من فردين، مقارنة بعدد الذين تقتلهم لدغات العقارب، والتيه في الصحراء وحوادث المرور وحتى الذين يقضون بسبب جرائم القتل التي تكاثرت بشكل مريع، ولكن هذا التهويل حدث بسبب الصمت الجنائزي، الذي خيّم على الفاعلين في السلطة، الذين ما استطاعوا إعطاء سبب للوباء ولا نقول علاجا شافيا له.
ما يحزّ في النفس، هو أن الجزائر إلى غاية ثمانينات القرن الماضي، كانت قوة صحية بكلياتها الطبية، يحجّ إليها الطلبة من الجامعات التونسية والمغربية والسورية واللبنانية ومن القارة السمراء، وعندما يبلغ عدد الأطباء الجزائريين، العشرة آلاف في المستشفيات الفرنسية فقط، فمعنى ذلك أن الجزائر كانت فعلا، ومن المفروض أن تعود.
لا أفهم لماذا يحثّ الجزائريون اتحاد كرة القدم لأجل تجنيس بعض اللاعبين، الذين نشؤوا في فرنسا من أجل تدعيم منتخب كرة القدم والتأهل به إلى كأس العالم، ولا أحد يطالب بإعادة هؤلاء الأطباء إلى أرض الوطن، من الذين جعلوا فرنسا قوة طبية وصحية كبرى في العالم، حصلت على مرّ السنوات على جوائز نوبل في الطب، بعض علمائها توّج بالجائزة، وكان طبيبا في مستشفياتها، ومنهم ألفونس لافران، الذي حصل عليها من الجزائر سنة 1907، وبعضهم توّج بها بمساعدة من أطباء جزائريين، مثل لوك مونتانييه سنة 2008 الذي كان ضمن طاقمه الطبي البروفيسور كمال صنهاجي، ولا أحد سعى أو على الأقل تمنى – وذاك أضعف الإيمان – عودة البروفيسور إلياس زرهوني مدير معاهد الصحة في الولايات المتحدة الأمريكية حاليا، ولا نقول سعى لمنحه حقيبة وزارة الصحة، التي صارت منذ فترة طويلة، حقيبة لكل عابر سبيل، أو لمن لا حقيبة له.
يذكر التاريخ، طاعون عمواس الذي ضرب الشام وقضى في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بعد فتح بيت المقدس، على أكثر من عشرين ألف صحابي، من بينهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسهيل بن عمرو، وكيف كاد هذا المرض أن يتحوّل إلى فتنة، عندما وصل عمر بن الخطاب إلى الشام لتفقد الرعية، ثم عاد أدراجه، فحاول بعض الناس وصف عودة عمر بن الخطاب ووزرائه بالهروب والتخلي عن مسؤولياتهم، ولكن الرد جاء سريعا من الخليفة الراشد، الذي رد على سفيره في الشام الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح الذي سأله قائلا: “إلى أين عمر؟ أهروبا من قضاء الله؟” فقال بحسم: “نعم هروب من قضاء الله ولكن إلى قضاء الله”.
واجتهد الخليفة حسب الممكن في ذاك الزمن، وأكمل بناء الدولة الإسلامية التي منحت للإنسانية ابن سينا وأبا بكر الرازي وابن النفيس وأبا القاسم الزهراوي وابن زهر وابن البيطار الأندلسي وغيرهم كثير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • واحد مر من هنا

    ليس في المغرب من اقصاه الى اقصى طبيب مغربي واحد تكون في الجزائر فسيكون هذا عار
    الاطباء المغاربة الذين تكونوا في روسيا واوكرانيا يعتبرون في المغرب اطباء من الدرجة الثانية او الثالثة ويتم الشك في كفاءتهم فكيف اذا تكون في الجزائر فلن يعترف به اطلاقا سيعتبر عشاب او مشعوذ
    كفاية شطط في الكتابة وادخال اسم المغرب بمناسبة او غير مناسبة في امور لا تعنيه