زوجة نائل البرغوثي تروي كيف خرجت لاستقباله بعد تحريره لتعود خائبة!

روت زوجة الأسير نائل البرغوثي، كيف خرجت لاستقباله، الخميس، على إثر تحريره ضمن صفقة طوفان الأحرار، لتعود خائبة تحمل ثمار اليوسفي بعدما منعها الاحتلال من رؤيته باعتباره من المُبعدين إلى خارج فلسطين.
وبين صفقتين: وفاء الأحرار وطوفان الأحرار، وحركتين: فتح وحماس، ولقبين: “أبو اللهب” و”أبو النور”، كانت حياة الأسير نائل البرغوثي، الذي يعتبر أقدم أسير في العالم، وعميد الأسرى الفلسطينيين بامتياز، قضى منها 45 عاما في سجون الاحتلال.
وعادت إيمان نافع من معبر الكرامة على الحدود مع الجانب الأردني، وهي تحمل معها 3 حبات يوسفي (مندرين) كانت تتحضر لتقديمها لزوجها الأسير المحرر نائل البرغوثي، الذي تم إبعاده إلى مصر بموجب الاتفاق بين حماس وجيش الاحتلال.
ومنعت قوات الاحتلال الإسرائيلي زوجة البرغوثي من السفر إلى مصر للقاء شريك حياتها الذي لم تعش معه سوى 32 شهرا، لتعود خائبة تحمل تلك الثمار التي قطفتها من حديقة منزلهما كي تستقبله بها، ولم تجد بدا من التقاط صورة لها علها تصله في منفاه.
تقول إيمان عن زوجها في تصريحات لقناة الجزيرة: “نائل متعلق بالأرض بشكل كبير، يحب الزراعة وتقليم الأشجار والاهتمام بشجرة الزيتون التي يعتبرها امتدادا طبيعيا لوجودنا في أراضينا”.
وأضافت: “لقد أمضى أيامه السابقة خارج السجن في فلاحة الأرض والاعتناء بها، لذا هو يحب ثمار هذه الأرض ويحب قطفها وأكلها، وقد فكرت بأنه سيشعر بالسعادة حين يأكل من ثمر الشجر في أرضه”.
أمان البرغوثي زوجة الأسير نائل البرغوثي تروي تفاصيل قاسية في انتظار تحرره من سجون الاحتلال الإسرائيلي#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/6gfPiCvhhw
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) February 25, 2025
وقبل مغادرتها معبر الكرامة الذي انتظرت فيه قرابة 10 ساعات، التقت إيمان رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس، والذي أعفي من منصبه بقرار من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أواخر الأسبوع الماضي، حيث كان يستعد للسفر لمصر لاستقبال أحد أقاربه الأسرى المقرر الإفراج عنهم اليوم السبت.
تقدمت إيمان نحوه وطلبت منه أن يحمل سلامها وتحياتها لنائل، وأن يخبره بمحاولاتها الوصول لمصر لرؤيته، ثم أعطته لوحا من الشوكولاتة وطلبت منه أن يقدمه له نيابةً عنها، وتقول: “حبيت يوصله شيء مني، ليحس أني معه، حتى لو لم أستطع أن أكون هناك”.
عادت إيمان لتتابع بقلق كبير وعلى الهواء مباشرة لحظات خروج زوجها من السجن وانتقاله للمرة الأخيرة عبر الحافلة إلى الجانب المصري، وتعلق على هذه اللحظات بقولها إنها كان يجب أن تكون هناك لترحب به وتراه وتعانقه، بعد 11 عاما من الفراق بينهما، وإعادة اعتقاله عام 2014.
وكانت إيمان قد أكدت في لقاءات صحفية سابقة، أن البرغوثي يرفض بشكل قاطع إبعاده إلى خارج فلسطين، لكنها تلقت اتصالاً منه يوم الثلاثاء، أبلغها فيه بالإفراج عنه وإبعاده، لكنها لم تعرف بعد إلى أي بلد، وتضيف “نائل وباقي الأسرى الذين حملوا نفس موقفه من الإبعاد حاولوا الحفاظ على الموقف العام، حتى تستمر الصفقة دون إعطاء الاحتلال مبررات لتعطيلها”.
تقول الزوجة إن الاحتلال منعها من السفر عبر معبر الكرامة في مدينة أريحا مرتين متتاليتين، وتضيف “قالوا لي عليك مراجعة مركز بيت إيل قرب رام الله، هذه الحجة تُقال لكل أهالي الأسرى الممنوعين من السفر، وهو أسلوب ضغط نفسي تمارسه سلطات الاحتلال علينا وعلى الأسرى حتى آخر لحظة”.
حاولت إيمان التواصل مع محامي يهتم بقضايا الأسرى الفلسطينيين لإلغاء منع السفر، وتحدثت مع أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، الذي وعدها بإيصال قضيتها وباقي أهالي الأسرى الممنوعين من السفر لرؤية ذويهم المحررين لعدد من السياسيين والقناصل والدبلوماسيين الدوليين.
وقضت إيمان ما يقارب 3 سنوات مع زوجها نائل، في منزلهم بقرية كوبر شمال رام الله، بعد زواجهما الذي تم عقب شهر واحد من الإفراج عنه ضمن صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، قبل إعادة اعتقاله عام 2014.
قالت إنها عاشت معه 32 شهرا، وكان بالنسبة لها “صديقا وأخا ورفيقا وإنسانا خفيف الظل لطيفا”، مضيفة: “هو قارئ نهم، يطلق عليه الأسرى لقب غوغل فلسطين، لأنه يملك إجابة لأي سؤال يراودهم، كما أنه محب للشعر بشكل كبير، ويجيد اللغة الإنجليزية حيث تعلمها في الأسر”.
وتابعت: “كان معتادا بشكل يومي أن يصلي العشاء، ثم يجلس على سطح المنزل لتأمل النجوم وحركتها، ويميز أسماءها، فهو محب لعلم الفلك، وكان يقول إنه حرم من رؤية النجوم مدة 33 عاما”.
وأردفت: “بعد صلاة الفجر كان يخرج للأرض، يعتني بالزيتون، ويتحدث مع كل الأشجار، كان يقول لي باستمرار إنه يحاول تذوق الأشياء والحياة التي حرم منها طوال سنوات سجنه”.
أصحاب الأرض الصادقين في حبِّهم ووفائهم لترابها، مَن دفعوا سنين عمرهم و حياتهم ثمنًا لحريَّتها.
– الأسير نائل البرغوثي و ابن شقيقه الشهيد صالح عمر البرغوثي . pic.twitter.com/d9UCcL6lei
— دعاء 𓂆 (@duaapall) February 21, 2025
تقول إنه رقيق في التعامل خاصة مع الأطفال، ويعتبر نفسه أنه “ما زال ذلك الشاب صاحب الـ19 عاما الذي اعتقله الاحتلال”، رغم مرور كل هذه السنوات عليه.
وتذكر أنه في عام 2013 نزل الثلج على قرية كوبر، وكانت سعادة نائل لا توصف برؤيته، حيث كان مستمتعا جدا بهذه الأجواء، وقضى يومه خارج المنزل يلهو بالثلج مع أهالي القرية.
بخصوص إعادة اعتقاله عام 2014 تقول: “شكّل صدمة كبيرة لنا، لأنه قبل شهر واحد من الاعتقال كان موجودا في مركز “بيت إيل” قرب رام الله، حيث كان يجب عليه أن يذهب كل شهرين للتوقيع هناك، تلبية لأحد شروط الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار، ولم يبلغ بوجود أي خرق أمني في ملفه حينها”.
“نحن أصحاب الحق”.. أمان نافع زوجة نائل البرغوثي أقدم أسير فلســطيني توجه رسالة عبر “#عربي21” pic.twitter.com/P1sNvG03JU
— عربي21 (@Arabi21News) February 23, 2025
أعيد اعتقال نائل البرغوثي من رام الله التي أجبر على عدم مغادرتها والخروج من حدودها، حيث اتهم بإلقاء خطاب في جامعة بيرزيت اعتبره الاحتلال حينها أنه يحاول الترشح ضمن حكومة حركة حماس في تلك الفترة.
ورغم الحكم عليه بالسجن لمدة 3 أشهر فقط، لم يفرج عنه بعد انقضائها، وحاولت مصلحة السجون إعادة حكمه السابق، لكن محكمة العدل الإسرائيلية لم تصادق على القرار، ليبقى ملفه مفتوحا منذ عام 2015 وحتى موعد الإفراج عنه ضمن المرحلة السابعة من صفقة التبادل بين حركة حماس والاحتلال السبت.
“نائل سيحرر ولكن لخارج فلسطين.. سيكون جميل أن ألتقي بزوجي الذي بالأصل لم أعش معه سوى 32 شهر بحياتنا كلها”
– إيمان البرغوثي زوجة الأسير القائد نائل البرغوثي. pic.twitter.com/qPPchrysQc
— ق.ض 𓂆 (@qadeyah_) January 19, 2025
يذكر أن البرغوثي المولود عام 1957 في قرية كوبر، اعتقل للمرة الأولى عام 1978، بتهمة الانتماء لحركة فتح والمشاركة في عمليات ضد الاحتلال، وحكم عليه بالسجن المؤبد و18 عاما، قضى منه 34 عاما متواصلة في السجن.
لُقب بـ”عميد الأسرى”، وكان الاحتلال يرفض خروجه ضمن أي اتفاقيات لمبادلة الأسرى، قبل أن تنجح حركة حماس بالإفراج عنه عام 2011.
وخلال فترة مكوث نائل في السجن، توفي والداه وشقيقه عمر “أبو عاصف”، واعتقلت شقيقته حنان قبل أن يفرج عنها، كما قتل الاحتلال ابن شقيقه صالح البرغوثي، وهدم منزلين لعائلته.
ويكتسب نائل البرغوثي رمزية خاصة لدى الفلسطينيين كونه أمضى نحو 45 عاماً في سجون الاحتلال، وهي أطول مدة قضاها أي سجين فلسطيني، بحسب “هيئة شؤون الأسرى” الفلسطينية، ومن هنا، اكتسب لقبه داخل الأوساط الفلسطينية، “عميد الأسرى”.