-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ارتفاع متزايد في أسعار المواد الاستهلاكية والأولية وانهيار في القدرة الشرائية

زيادات الأسعار تلغّم بداية 2021

نادية سليماني
  • 7826
  • 12
زيادات الأسعار تلغّم بداية 2021
أرشيف

تشهدُ أسعار مختلف المواد الاستهلاكية والغذائية، ارتفاعا تراوح بين الطّفيف والمحسوس، وهو ما يُنذر بانهيار إضافي للقدرة الشرائية للجزائريين عام 2021، في حال لم تتدخل السلطات لضبط هذه الزيادات، في ظل تراجع قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية، وبات المواطن يصدم كل يوم بارتفاع شعبة جديدة من المواد الاستهلاكية ما جعل هذه الزيادات تلغم بداية السنة الجديدة بعد سنة صعبة قضاها الجزائريون في ظل جائحة كورونا والفاقة الاقتصادية…
استقبل الجزائريون مطلع 2021، بزيادات متفاوتة في مختلف أسعار المواد الاستهلاكية، على غرار الخضر والفواكه واللحوم بأنواعها والبقوليّات والمعجنات والبذور الفلاحية، الأجهزة الإلكترونية والهواتف والمواد الأولية للتوظيب والتغليف، والزيت وغبرة الحليب والقهوة، ومواد التنظيف، على غرار أسعار الحليب المغلف والعجائن والمعلبات ومساحيق الغسيل، التي شهدت ارتفاعاً بين 20 إلى 30 في المائة خلال أسبوع واحد فقط، حسب تقرير لمنظمة حماية المستهلك، والغريب أن الزيادات مسّت عديد المنتجات ذات الصّنع المحلي.
وامتد ارتفاع الأسعار ليشمل الخضر والفواكه، والتي ارتفع سعر بعضها بنسبة 50 في المائة، خلال الأسبوعين الأخيرين.. ومثلا لم ينزل سعر فاكهة البرتقال وفي عز موسمها عن 130 دج، و”المندرين” أقل سعر لها وصل 100دج، دون الحديث عن أسعار بقية الفواكه المرتفعة أصلا.
وحسبما عايناه في جولة عبر بعض الأسواق الشعبية في العاصمة، فقد وصل سعر الكوسة إلى 200 دج للكلغ، السلطة 100 دج، الفلفل الحلو والحار 150دج، البطاطا بين 40دج و50 دج، ووصلت في بعض الأسواق حتى 60 دج، الجزر واللفت بين 70 دج و80 دج، الخيار 80 دج، البسباس 50 دج، القرنون 80 دج، الكرنبيط 100 دج. ويُبرّر باعة التجزئة الزيادة الأخيرة في أسعار الخضر والفواكه، الى التساقط الكبير للأمطار والثلوج، ما تسبّب في صعوبة جني المحاصيل، وقطع الطرقات.
في وقت تعرف بذور البطاطا ارتفاعا ملحوظا، حيث وصل سعر المستوردة الى 140 دج للكلغ، وهي الزيادة التي حذرت منها منظمة حماية المستهلك، متخوفة من تأثير الموضوع على أسعار البطاطا مستقبلا.
ناهيك عن ارتفاع أسعار أعلاف الدواجن، والتي ستؤثر حتما على أثمان اللّحوم البيضاء قريبا..رغم أننا لمسنا الزيادات فعليا في أسعار لحوم الدواجن عبر بعض المحلات، والتي وصلت الى غاية 380 دج للكلغ، وهذا الثمن يعتبر مرتفعا عمّا كان عليه في الأشهر الماضية.
ومن جهة أخرى، وبسبب قلة أو غياب المادة الأولية، وصعوبات الاستيراد وانهيار قيمة الدينار، تعرف أسعار كثير من المواد الأوّلية للمصنعين ارتفاعا طفيفا، ومنها مواد التغليف والتوظيب، والسكر.والحديد والبناء..

طبقية جديدة في المجتمع واتساع رقعة الفقر

“الشروق” استطلعت آراء بعض المواطنين، حول تأثر قدرتهم الشرائية في السنوات الأخيرة، وخصوصا خلال جائحة كورونا، وما خلفته من تبعات سلبية على نوعية معيشتهم. فأجمع غالبية من تحدثتا إليهم، بحصول ما وصفوه “انهيار مرعب ومخيف” لقدرتهم الشرائية، لدرجة ظهرت تصنيفات جديدة في المجتمع، مرتبطة بسلم الأجور، فصار الموظف الذي يتحصل على راتب بين7 و9 ملايين سنتيم، يصنف ضمن الطبقة المتوسطة.
أما صاحب الأجر الأقل، والذي يتراوح بين 18 و30 ألف دج، فصار، حسبهم يصنف في خانة “البؤس والفقر المدقع”، أما أصحاب الأجر المتوسط، والذي يتراوح بين 4 و6 ملايين سنتيم شهريا، فهؤلاء هم الطبقة الهشة في المجتمع.
والدليل على انهيار القدرة الشرائية، حسب تأكيد مواطنين، أن ما كان يعتبر أطباقا يومية سهلة المنال للطبقة الفقيرة والمتوسطة سابقا، على غرار العجائن والبقوليات والكسكسي، أصبحت تصنف ضمن الأطباق الكمالية حاليا.
وأكد كثيرون، استغناءهم عن قائمة من المواد الغذائية الاستهلاكية، كانت إلى وقت قريب من الضروريات في المنزل، وأهمها مشتقات الحليب، مثل الياوورت والأجبان وحليب الغبرة، أما أخرى فصار دخولها للمنزل “معجزة” الآن، ومنها السمك واللحوم الحمراء.

زيادات غير متناسبة بين سعر المادة الأولية والمنتوج النهائي

وفي الموضوع، يؤكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي في اتصال مع “الشروق”، بأن كثيرا من المواد الأولية بالنسبة للمصنعين، عرفت زيادات طفيفة، ومنها مواد التغليف والتوظيب، “وهو ما يجعلنا نتخوف من زيادات مرتقبة في أسعار المواد الصناعية الغذائية المرتبطة بهذا المجال، الأسابيع المقبلة” على حد قوله.
وحسبه، لا أحد ينكر الزيادات الكبيرة في أسعار الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية، وكثير من المنتجات، بسبب نقص المادة الأولية، وقلة الاستيراد وتدني قيمة الدينار.
ويدعو محدثنا السلطات، إلى مراقبة الزيادات في المواد المترافقة مع زيادة أسعار المواد الأولية، وقال “لابد أن تكون الزيادة في المنتوج النهائي، متناسبة مع قيمة الزيادة في المادة الأولية، إذ لا يُعقل أن يرتفع سعر منتوج أولي بـ 1/10 ثمنه، فيما يعرف المنتوج النهائي زيادة بـ 10% دفعة واحدة”.
وتأسّف زبدي، لكون الزيادات في الأسعار لا تخضع لضوابط وقيود، وترتفع وفقاً لمؤشرات غير واضحة، وهو ما جعله يدعو “لأخلقة التجارة، حفاظا على القدرة الشرائية للمستهلك، والمتدنية بسبب ضعف سلم الأجور”.

تجار يرفعون الأسعار عشوائيا لتعويض خسائر الحجر

فيما برّر بعض التجار الزيادة المفاجئة في الأسعار، حسب حديثهم لـ “الشروق”، إلى ندرة بعض المواد الغذائية، وصعوبة نقل المنتجات بسبب إجراءات الحجر الصحي، وأهمها توقف النقل بين الولايات، ما جعل بعض التجار، خاصة في المناطق النائية والأرياف، البعيدة عن عيون الرقابة، يرفعون و”عشوائيا”، الأسعار، لتعويض خسائرهم.
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الطاهر بولنوار، أن النشاط الاقتصادي عانى مُؤخرا، بسبب غلق كثير من النشاطات الاقتصادية كليا أو جزئيا بسبب كورنا. ومؤكدا، أنّ نحو50 ألف تاجر وحرفي توقفوا عن النشاط مؤقتا، منذ بداية الجائحة.
وبخصوص، ارتفاع أسعار العجائن ومشتقاتها لأصحاب المصانع، بنسبة تراوحت بين 5 الى 10 دينارات للكلغ الواحد، اعتبر بولنوار، بأن سعر المادة الأولية وهي القمح الصلب، ارتفعت في السوق العالمية، وهو ما أثر على الإنتاج في بعض مصانع المعجنات المحلية. في حين برر الزيادات في أسعار الأجهزة المنزلية والهواتف النقالة ومختلف الأجهزة الإلكترونية، بنقص الإنتاج المحلي وتقلص عمليات الاستيراد.
أما خبراء الاقتصاد، فيبررون الزيادات في كثير من المنتجات الغذائية والصناعية، بارتفاع أسعارها في السوق العالمية منذ شهر أوت المنصرم، وفي مقدمتها الحبوب والزيوت النباتية والسكر، ومنتجات الألبان واللحوم، اضافة الى الذرة الرفيعة والشعير والأرز.

البطاطا قد ترتفع أسعارها بسبب صعوبة جني المحصول

وحول تأثير التساقط الكبير للثلوج والأمطار على أسعار الخضر والفواكه، أوضح الأمين الولائي لاتحاد الفلاحين بولاية بومرداس، مالاوي حسان في تصريح لـ “الشروق”، بأن المنتجات الفلاحية التي تُغرس في أراض ترابية، ستعرف صعوبة في جني محصولها، وأهمها منتوج البطاطا، ما سيؤثر ربما على سعرها، أمّا ما يغرس في البيوت البلاستيكية وفي أراضي الهضاب العليا الرملية، فلا إشكال فيها.
وحول ارتفاع الأسعار، يؤكد محدثنا، بأن المواطن الجزائري، لم يعرف عاما فيه وفرة لمختلف أنواع الخضر والفواكه مثل هذه السنة “لدرجة أن أسعار البطاطا انهارت، وتسببت في خسائر كبيرة للفلاحين”.
وأضاف، بأن منتجي البطاطا كانوا في الصفوف الأولى، خلال جائحة كورونا، فكانوا ينقلون شاحنات كبيرة من البطاطا، إلى غاية الولايات التي كانت تعاني من حجر صحي كلي مثل ولاية البليدة، “ومع ذلك لم يستفيدوا من منحة كورونا رغم خسائرهم”.
وتحدث مالاوي، عن غلاء أسعار بذور البطاطا والتي وصلت إلى 140 دج للكلغ بالنسبة للمستوردة منها، ما جعله يناشد الحكومة، بتفعيل قرار تعويض منتجي البطاطا عن خسائرهم، وقال “بعدما وعدتهم الحكومة بتعويضهم بمبلغ 15 دج عن كل كلغ، لا جديد عن الموضوع إلى اليوم”.
ويشار، أن وزير الفلاحة اتفق مؤخرا مع المدير العام لبنك الفلاحة والتنمية الريفية، لتمكين منتجي البطاطا من قروض مالية، تسترجع في مدة 24 شهرا، إثر تعرضهم لخسائر كبيرة، خلال جائحة كورونا.

ارتفاع الأسعار شمل حتى المواد المدعمة

وللتأكد من الزيادة في الأسعار، تجولت “الشروق”، عبر العديد من المحلات والمساحات التجارية بالعاصمة، ورصدت الأسعار التالية، سعر السكر ارتفع بـ 5دج، والزيادة في سعر مادة الزيت وصل حتى 50 دج، وبعض العلامات غير المدعمة للزيت ارتفعت حتى بـ 100دج، المعجنات زادت بـ 15 دج، مواد التنظيف 10دج. الصابون زيادة تراوحت بين 20 دج حتى 30 دج، الحلويات الجافة والبسكويت ارتفعت بـ10 دج إلى 15 دج، المياه المعدنية زادت بـ 10 دج حتى 20 دج، الملح 5 دج، الخل بين 10 دج و15 دج، معاجين الأسنان 20 دج، الشوكولاطة ارتفعت بين 10 دج إلى 20 دج، الشيبس ارتفع بـ 5 دج، خميرة الحلويات ارتفعت بين 2 دج إلى غاية 10 دج، فيما ارتفعت خميرة الخبز بـ 5 دج. الكسكسي عرف زيادة ملحوظة، وتراوحت بين 20 دج حتى 40 دج، حسب العلامات.
والغريب أن الأسعار متفاوتة من محل إلى آخر، فبينما رفع البعض الأسعار بين 5 دج و10 دج، تجده في محل آخر زيادات وصلت حتى 20 دج، ويبرر التجار الظاهرة، بأنهم يحددون الأسعار في التجزئة انطلاقا من أثمان سعر الجملة، “فمن يشتر من الجملة بالغلاء، يبع بدوره غاليا “.

سعيد قبلي: 99 بالمائة من المواد الاستهلاكية زاد ثمنها

اعترف رئيس الفدرالية الوطنية لتجار الجملة للمواد الغذائية، سعيد قبلي، في تصريح لـ ” الشروق”، بأن حوالي 99 بالمائة من المواد الغذائية عرفت زيادة في أسعارها، تراوحت بين 10دج و50دج، مبررا الظاهرة بانهيار قيمة الدينار مقارنة بالعملات الأجنبية، وغلاء المادة الأولية في الأسواق العالمية.
وتأسف، المتحدث كون هذه الزيادات، المتضرر الأول منها هو المستهلك، وقال: “لولا وجود الخُضر، لما وجد الجزائري ما يأكله في ظل هذا الغلاء، وانهيار القدرة الشرائية “.
وعن معاودة انخفاض المواد الاستهلاكية، في حال انخفض سعرها في الأسواق العالمية، أجاب قبلي: “هذا ما نتمناه، ولكن الواقع المعاش أثبت لنا أن ما يرتفع ثمنه في الجزائر، لن ينخفض أبدا لاحقا “.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • chouia ahmed

    زيادة الأسعار ماهو إلا زيادة تدعيم مطاحن القمح لأصحاب الطواحين، مما ينجر عنه السمسرة العشوائية،والسرقة ،وتلاشي المراقبة,الحل هو رفع الدعم وأتركو السوق في المنافسة الحرة،المواطن الآن هو من يدفع الفاتورة الضخمة

  • L Arbitre

    السياسيات المالية و الاقتصادية المتبعة في الجزائر هي السبب في أرتفاع الأسعار و أنخفاض القدرة الشرائية و زيادة الفقر. فإعتماد الدولة لموازنة عامة و صرفها بطرق غير عقلانية او شرعية من جهة و أنخفاض تحصيل اللإيرادات الضريبية نتيجة إنخفاض اسعار المحروقات و التهرب الضريبي أدى إلى عجز في الموازنة. أعتمدت الدولة سياسة تخفيض الدينار لتقليص العجز و هو بمثابت ضريبة تضرب الجميع بدون استثناء. كذلك رفع سعر المازوت مثلا ب 15% من شأنه ان يرفع تكلفة نقل البضائع , كذلك طبع النقود. تخفيض الدينار و رفع سعر المازوت من شأنهم ان يرفعوا الأسعار حتى بنسبة ما بين 30 الى 50%.

  • خليفة

    اغلب التجار يقدمون تبريرات غير معقولة ،فعندما تروج الاشاعات و الاكاذيب حول ارتفاع بعض المواد الأولية في الأسواق العالمية ،يسارع التجار عندنا لرفع الأسعار ،و البعض منهم يبدأ يخزن في المواد الاستهلاكية للمضاربة فيها و المستهلك هو الضحية ، و خاصة عندما تكون الساحة فارغة من الرقابة يتلاعب بعض التجار بالاسعار كما يحلو لهم دون خوف من الله و لا حياء من الناس.

  • احمد

    الكل يسرق و يبروفيتي في الجزائر الا من رحم ربي

  • محمد عمار

    من علامات الدولة الفاشلة... قالك "الجزائر الجديدة!!!"

  • يوم

    عامل جزائري عقلية موح باب واد يعمل 2 ساعة في يوم ههههه ثم إحوس على حرقة خخخخ

  • حارس

    شعب كامل إحب يخدم حارس الليل بات راقد او سائق شاحنة نقل مسافات راهو جاي الخير يا زوالي

  • شعب

    تجار يرفعون الأسعار عشوائيا لتعويض خسائر الحجر .. هههه قالك خاوة خاوة ثم نخرج للحراك نرفد علام...حاشا دين الاسلام و الله يرحم شهداء

  • جمهورية الجهل المقدس

    مشكل الأسعار هو واحد من مشاكل الجزائر التي لا تعد ولا تحصى والتي كلها مترابطة ومتداخلة فيما بينها لكن الغريب أننا نحن الجزائريين نعالج المرض ولا نعالج مسبباته مما يجعله يغيب لأيام فقط ثم يعود وبقوة مما جعلنا ندور في حلقة مفرغة منذ 6 عقود . والخلاصة أننا يوم نشخص المرض تشخيص دقيق يومها قد تكون بداية الحل

  • ابن الجبل

    أين المفر زيادة الأسعار في كل المواد من جهة ، وانهيار القدرة الشرائية بالنسبة للمواطن ،الذي فقد منصب شغله بسبب وباء كورونا من جهة أخرى ؟؟؟؟!!!!!!.

  • كومباكتي

    وماذا ينتظر علماء الفتاوي من أجل اصدار فتوى في الموضوع ؟ وماذا ينتظر علماء الرقية لمساعدة زبائنهم في الموضوع ؟

  • tadaz tabraz

    الجزائر الجديدة سوف تحقق لنا المعجزات فلا تقلقوا يا جزائريين والأسعار سوف تنخفض كثيرا وخاصة يوم يبلغ سعر الدينار في البنوك أي في السوق الرسمي مقابل اليورو سعره في السوق الموازي أي 1 أورو مقابل 200 دج وهذا طبعا هو الهدف المسطر من قبل حكامنا الأعزاء من أجل القضاء على السكوارات المنتشرة في مختلف ربوع الوطن