-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سرقة بطلٍ ومجد

سرقة بطلٍ ومجد
أرشيف

سمى بعض الفرنسيين دولتهم فرنسا “الدولة السارقة” (l’état voleur) (آجرون، ش. تاريخ الجزائر المعاصرة ج 2. ص 180. دار الأمة. الجزائر/ وج2. ص 111. ط PUF. الفرنسية).

يبدو أن فرنسا لا تكتفي بسرقة المباني، (كنز القصبة، أموال الجزائريين، ديارهم، وأراضيهم) ولكنها أحرص على سرقة المعاني، كأمجاد المجاهد عبد القادر والجنود الذين دافعوا بشرف ورجولة عن فرنسا.

ومن ذلك ما قرأناه من أن المؤرخ بنجامان سطورة، الذي كلفه رئيس فرنسا ماكرون بما سمي “ملف الذاكرة” بين الجزائر وفرنسا، اقترح في تقريره “إقامة تمثال في فرنسا للمجاهد عبد القادر بن محي الدين الجزائري”.

إن هذا الاقتراح يؤكد أن الفرنسيين أو جزءا هاما منهم يعترفون برجولة عبد القادر وشهامته، ويشهدون بعبقريته في حربه لهم وسلمه معهم، وهو الشاب الذي لا يملك أدنى تجربة عسكرية، ولا أقلَّ خبرة سياسية، ولكنه صمد – كرًّا وفرًّا – أمام جيش من “الجنرالات” وجيش من الجنود، كان يُسمى في أوربا “الجيش الأعظم”، وقد أطلق هذا الاسمُ على أحد شوارع باريس الرئيسية، ولو وجد هذا الشاب المجاهد سندا ومددًا من “إخوانه” العرب، وكل أبناء وطنه، ومن دولٍ راسل مسئوليها لفعل في فرنسا وجيوشها – بعددهم وعددهم – ما فعله أحفادُه مجاهدو أول نوفمبر 1954 بها.

كانت حرب الشاب المجاهد عبد القادر لفرنسا حرب بطولة وشرف، ولم يُخِلَّ بما تعهَّد به، في حين كانت الدولة الفرنسية بساستها وضباطها وجنودها “دولة سارقة” كما شهد بعض أبنائها. وهذا ما كان – وما يزال – يُشعِر الفرنسيين بـ”الخجل”، ويتمنون لو كان ماريشالاتُهم، وجنرالاتهم، وجنودهم في شهامة هذا الشاب المجاهد ورجولته، كما تمنى أحد جنرالاتهم أن لو كان يقود بضعة جنود كالمجاهد الشاب محمد العربي ابن مهيدي، وإذاً لفتح العالمَ بهم.

قبل أن يقترح بنجامان سطورة إقامة تمثال في فرنسا للمجاهد عبد القادر، كان جنرالٌ فرنسي، عضو في أكاديميتهم، وهو بول آزان قد ألف في سنة 1930 كتابا نشرته الدولة الفرنسية، عنوانه les grands soldats de l. algerie”، ويقصد كبار الضباط المجرمين، الذين لم يكونوا رجالا ولا شرفاء في معاركهم ضد الشعب الجزائري الفقير في الماديات، الغني بالمعنويات، ولكن هذا “الجنرال” حشر – دون خجل – المجاهد الشريف عبد القادر بين هؤلاء المجرمين ومع الخائن الأكبر مصطفى ابن إسماعيل… وقد صدق هذا المجاهدُ الشاب في حكمه على الفرنسيين الذين خبرهم وعرف معدنهم، إذ قال للرحالة الألماني فون هاينريش مالتسان: “السلطان أبو ليون – نابوليون III- راجل، الفرانسيس لخرين الكل كلاب”. (مالتسان: ثلاث سنوات في شمال غرب إفريقيا ج1. ص 261). وذلك لأن نابوليون III حاول أن يمحو عار فرنسا التي وعدت بـ”شرفها” و”شرف ملكها” أن تنقل المجاهد عبد القادر إلى بلد مسلم. ولكنها أخذته – بعد وثوقه في شرفها – إلى الأسْر. وهو عارٌ لا تغسله مياهُ الأرض السطحية والجوفية. ولنسأل الفرنسيين: لماذا لا تقيمون، تماثيل لأعدائكم الألمان: بسمارك وهتلر وغيرهم؟ ثم ألا يعدُّ هذا الاقتراح مقدمة لاقتراح مقبل هو المطالبة بالمعاملة بالمثل، فتطلبون إقامة تماثيل لمجرميكم من شارل العاشر إلى شارل دوغول في الجزائر؟ إن الجزائريين الشرفاء يرفضون تلطيخ شرف المجاهد عبد القادر بإقامة تمثال له في فرنسا. فلكم مجرموكم من الجنرالات والحركى ولنا مجاهدونا الشرفاء ولا يستوي الخبيثُ والطيب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • سليم خيراني - أستاذ جامعي

    رسالة إلى مسؤول نشر الردود في جريدة الشروق
    نشرت الردود المسيئة للأمير عبد القادر رحمه الله ولم تنشر الردود المدافعة عنه ومن بينها ردي المكون من 5 مقاطع وأنت صحفي عليك أن تكون حياديا في عملك وأما ميولاتك الشخصية فهذا شيء يخصك ولكن ليس من حقك إلغاء الرأي المخالف لك فلا تجعل ميولاتك الشخصية تؤثر على عملك الحيادي واعلم أن ردود المعلقين هي شهادات حول الشخصيات المقترحة في المقال فلا تكتم الشهادة ومن يفعل ذلك فهو آثم وتخيل معي كم عدد المتدخلين الذين حرمت ردودهم من النشر ؟ وماذا تفعل يوم القيامة إذا هؤلاء دعوا عليك بالسوء ؟ نصيحتي لك أنشر الرأي والرأي الآخر والقراء هم من يصوتون بالسلب أو الإيجاب

  • الباتول الوحدوية

    وكان المير عبد القادر يضع علم فرنسا فوق منزله في دمشق رحمه الله وكان من بين ابناءه ضباط شاركوا في الدخول /الغزو/الاستعمار الفرنسي الى المغرب، انه التاريخ ومجرى الأيام ، ارجعوا لكتب التاريخ

  • عاجل عجول

    الأمير عبد القادر خاين مثله مثل زعيم الوطنية مصالي الحاج و هل تقبل فرنسا أن تشييد تمثال للشيخ بوعمامة في فرنسا

  • يوغرطة

    الابطال الحقيقيون للجزائر هم يوغرطة يوبيداس تاكفاريناس ديهيا ثم بوعمامة المقراني فاطمة نسومر بن مهيدي بن بولعيد عميروش كريم بلقاسم ديدوش بوضياف
    رحم الله شهدائنا جميعا الذين رفضوا الذل والهوان والاستسلام للعدو ورفضوا كل الدنيا لكنهم فازوا ببجنات ربهم الغالية الباقية

  • يوغرطة

    لكن الجنرال بيجار ولا ديقول ولا جاك ماسي لم يستسلموا للمجاهدين الجزائريين ولم يعودوا ادراجهم .
    كل الشهداء الجزائريين فضلوا الشهادة في سبيل الله عليي ارضهم الطاهرة ارض الرجال الاحرار من يوغرطة الي فاطمة نسومر وبوبغلة وبوعمامة والمقراني الي بن بولعيد وعميروش وعبان رمضان وديدوش وكريم بلقاسم ورفضوا الموت خارج بلدهم -رفضوا التولي يوم الزحف -
    والمجاهدين الذين لا زالوا احياء فضلوا الجهاد بالجزائر ولم يستسلموا حتي الاستقلال
    علي كل حال الله عز وجل يعلم الخائن من الامين والصادق الوفي