-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سياسة “الكومبلو” داخل العائلات.. من هنا يبدأ الانقسام وتظهر العداوات

نسيبة علال
  • 1312
  • 0
سياسة “الكومبلو” داخل العائلات.. من هنا يبدأ الانقسام وتظهر العداوات

تعرف العائلات الكبيرة بالمشكلات الكثيرة، والسبب بحسب مختصين هو عدم التماسك الذي ينتج عن انقسام أفرادها، بحسب أفكارهم ومعتقداتهم، وحتى مشاعرهم، تجاه بعض البعض. وعادة، ما يبدأ هذا المشكل في العائلات، أو ما يعرف بساسة “الكومبلو”، أي الاتحاد مع الجيل الثالث الذي يخرج إلى السطح حساسيات الأولياء من بعضهم البعض.

تؤكد الأخصائية النفسية والاجتماعية، مريم بركان، على أن ما نسميه “الكومبلو” الأسري في المجتمع الجزائري ليس ظاهرة سطحية عابرة، وإنما لها من الخطورة على بنية العائلات، ونشأة الأجيال: “يعتقد الكثير من الأولياء أن الخلافات التي تنشأ بين الأبناء في الصغر، يمكن أن تنسى، ويتم تجاوزها مع مرور الزمن، في حين إن أغلبها يخلف مشاعر سلبية تظل دفينة، وتخلق نوعا من التعاطف السلبي الذي يكون الاتحاد بين الأفراد الذين لديهم نفس المشاعر ضد البقية، ويمكن أن يكون الانقسام على أكثر من طرفين، وله تأثير مدمر على العائلة، قد يظهر متأخرا على شكل عداوات، مكائد، تصفيات مادية واعتداء على الحقوق الشرعية..”.

تحكي أسماء عن علاقتها بأخواتها، وكيف استطاعت الكراهية الدفينة بينهن، أن تقسم الأسرة إلى طرفين متنافرين بمن فيهما عمادها، الأب والأم: “لم أكن أجد سببا للمعاملة القاسية التي تسلطها علي أمي منذ طفولتي، حتى إني بدأت أكرهها وأعلن ذلك لأختي المراهقة، إلى أن اكتشفت أنها تحكي أسراري لوالدتي وتخبرها بمشاعري تجاهها.. كرهتها أيضا، وقاطعت حتى أختي الكبرى خوفا. استمر هذا الاضطراب يخلق بداخلي عدم الثقة والعزلة، وكان أبي دائما يلومهن على حالي، كبرنا منقسمين، وصار لنا كنات وأحفاد كثر، بعضهم يحبونني ويمقتون البقية، والعكس بالنسبة إلى البعض الآخر.. لم يصلح الوضع مع الزمن، على العكس، تعمق أكثر، وما جعل الأمر في غاية السوء، هو انفصال والدَيَّ في نهاية العمر بطريقة مخجلة”.

من يحمي المملكة من التفكك

هناك علاقة سيئة بين أمي وزوجة عمي، منذ انضمامهما إلى العائلة قبل عقود، لكنها لم تكن واضحة للجميع، إلا عندما ظهرت المشكلات بين أختي وبنت عمي في سن مبكرة، فقد طغى الخلاف وأصبح دائما بين النسوة. استطاعت أمي أن تضيف إلى صفها جدتي وعماتي في محاربة عدوتها. أما في الجبهة الأخرى، فقد انحازت كل

زوجات أعمامي الثلاث وبعض القريبات لنصرة رأي زوجة عمي، ومساندتها في المواقف التي تظهر فيها أنها مغلوبة. الجميل، أن كل هذا العمل السياسي للطرفين لم يجذب إليه لا والدي ولا رجال العائلة، وإلا كانت العائلة مفككة فعليا، خاصة وأننا نسكن فيلا واحدة، نتقاسم طوابقها، وليس لأحد منا مأوى آخر”.

المناسبات العائلية تكشف التكتلات

سواء كانت قرحا كالجنائز والمرض، أم أفراحا كالحفلات والأعراس، عادة ما نجد في العائلات الجزائرية أفرادا يفضلون الجلوس إلى طاولة يلتف حولها أشخاص معينون، دون غيرهم، بينما يتحاشاهم آخرون ممن يملكون فريقهم أيضا. وغالبا، أحاديث هؤلاء تقتصر على الآخرين.. لكن، الغريب، تقول الأخصائية مريم بركان: “المناسبات والأفراح، من المفترض أن تكون الفرصة التي تصلح روابط القرابة المتصدعة، وتجمع المتفرقين وتزرع بينهم الرحمة، لكنها، أصبحت عكس ذلك تماما، عندما لم يعد الناس وخاصة من النساء لا يجدون حرجا في إظهار العداوة والبغضاء، لمن أخطأت في حقهم أو حتى لم تفعل، فبمجرد السير كالقطيع تحت توجيهات مجموعة والخضوع لهم، فإنه يمكن الحكم على العائلة بأنها متفككة”.

وفي السياق ذاته، تنصح الخبيرة الاجتماعية بالحفاظ على صلة الأرحام، وصونها بالمودة، وإن كانت تظاهرا، فإبداء المحبة حتى وإن كانت زائفة، وعدم التكتل مع المتخاصمين والمتنافرين يحمي روابط القرابة من الانقطاع، ويساعد الأجيال القادمة في تكوين مفهوم صحيح عن حقيقة العائلة، وهو ما من شأنه أن يخلق لنا مجتمعات قوية، متماسكة أكثر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!